عبدالفتاح علي البنوس - تابعت كلمة الزعيم علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية الأسبق رئيس المؤتمر الشعبي العام الأخيرة والتي أعتبرها بمثابة رسالة ردع وتأديب لكل شخص يعمل على شق الصف الوطني ويلعب على ورقة تصدع تحالف المؤتمر وأنصار الله ويسعى لجر الطرفين لسجالات ومناكفات قد تفضي إلى مواجهات مسلحة وأدركت حينها لماذا كل هذا التحامل على هذا الرجل ،ولماذا كان يصر قطعان الربيع العبري ومن يقف خلفهم من بعران الخليج على ترحيله عن وطنه وتركه لمنصبه الحزبي ، فالرجل الذي عرف بحكيم اليمن يمتلك من الدهاء السياسي ما جعله يتمكن بجدارة وكفاءة من ترويض كرسي الرئاسة المفخخ وتحويله إلى كرسي آمن منحه الجلوس عليه والتربع على عرش السلطة لأكثر من 33 عاما ، هذا الرجل الذي كان الكيان السعودي يظن أنه سيغريه بأمواله ليلتحق بقطيع الخونة والعملاء والمرتزقة الذين تسابقوا وتهافتوا على الرياض وريالاتها و ظلوا يمنون أنفسهم للحظة التي يعلن فيها تأييده للعدوان على بلده ، ولكنه ظهر عليهم فارسا يمانيا أصيلا وأعلن وقوفه مع وطنه وشعبه ورفضه ومقاومته للعدوان السعودي الأمريكي الإماراتي الغاشم.
هذا الرجل الذي يمثل أكاديمية في السياسة وفي كلمته الأخيرة كشف عن مكنونات نفسه وتوجهاته ومنطلقاته بشفافية وجدد تمسكه بوحدة الجبهة الداخلية وتماسك الصف الوطني من أجل مواجهة العدوان وكأنه أراد أن يحاصر أصحاب الكيد السياسي من المؤتمر والأنصار الذين تركوا العدوان وجرائمه ومخططاته وذهبوا لتبادل السباب والإتهامات، والإساءة لبعضهم البعض ، وكأنهم يدشنون حملة إعلامية لجولة انتخابية جديدة في البلاد ، تقتضي سعي كل طرف لتشويه صورة الطرف الآخر من أجل الحصول على ثقة الناخبين ، أو أنهم بصدد تقاسم الغنائم والمكاسب وكل طرف يحاول أن يكون له نصيب الأسد منها ، كل ذلك والبلاد غارقة في جحيم العدوان والحصار وتداعياتهما على الاقتصاد الوطني والأوضاع المعيشية للمواطنين وخصوصا مع توقف صرف المرتبات .
أصحاب ثقافة الكيد السياسي اليوم هم من يشكلون الخطر الحقيقي على تماسك الجبهة الداخلية ووحدة الصف الوطني بإطروحاتهم العفنة وتناولاتهم الساذجة وكلامهم الممجوج ورؤيتهم القاصرة وعقليتهم المأزومة والتي للأسف الشديد يرون بأنهم قمة النضج والذكاء والتميز ، فهذا الطرف يشن حملة منظمة على هذا الوزير أو ذاك من المحسوبين على الطرف الآخر وهات يا قدح وذم وإتهامات ورسائل تخوين مكثفة ومركزة ، وما يكون من الطرف الآخر إلا الرد بالمثل بمهاجمة هذا الوزير أو ذاك وإتهامه بما فيه وبما ليس فيه من أجل إرضاء وإشباع نزعة الكيد السياسي التي تسيطر عليهم ، وكأن هناك حملات منظمة وموجهة الهدف منها خلخلة الصف الوطني والدفع بالأوضاع الداخلية نحو الإنفجار .
حتى مع توقف صرف المرتبات وعجز حكومة الإنقاذ عن تأمين صرف ولو نصف راتب طيلة ستة أشهر وفشلها في الحصول على منقذ يخرجها من المأزق الذي وضعت نفسها فيه ، يطل علينا أصحاب ثقافة الكيد السياسي لمهاجمة هذا الطرف أو ذاك وتحميله مسؤولية عدم صرف المرتبات رغم أن الحكومة حكومة شراكة وتوافق تماما كما هو حال المجلس السياسي الأعلى فالمسؤولية باتت جماعية وتحميل طرف دون آخر تحريض مبتذل وإتهام رخيص ينم عن عقليات مأزومة ومريضة ، فالمفترض مخاطبة الحكومة وتوجيه العتب واللوم لها لأنها قصرت في مهامها ولم تفي بالتعهدات التي قطعتها على نفسها في برنامج عملها الذي بموجبه حظيت بثقة البرلمان والذي كان من صميم أولوياتها تأمين صرف مرتبات الموظفين مدنيين وعسكريين ، فحتى اللحظة لم أستطع هضم مسألة أن الحكومة الموقرة عجزت طوال سبعة أشهر من توقف المرتبات عن تأمين راتب شهر أو حتى نصف راتب على أقل تقدير كونها مسألة لا تدخل العقل ولا يمكن تمريرها أو تصديقها بسهولة .
ورغم ذلك يظل حديث فطاحلة الكيد السياسي عن المرتبات مشبعاً بالكيد والمناكفة والإستهداف الممنهج لطرف دون آخر من باب المكايدة فقط ، وخصوصاً أننا ندرك ونفهم جميعا من الذي يقف وراء تأخر صرف المرتبات ومن المستفيد من وراء ذلك ، ولا أعلم ماهي الفائدة التي يحصل عليها هؤلاء من وراء إغراقهم في ممارسة الكيد السياسي متعدد الأساليب والأشكال والصور ؟! ولهؤلاء أقول ناصحاً: إتقوا الله في هذا الوطن والشعب ، ولا تكونوا السبب في غرق سفينة الوطن ، فغرقها سيقضي على الجميع ولن يكون هناك أي عاصم لطرف ما على الإطلاق ، ترفعوا عن الصغائر وتخلصوا من وباء الكيد السياسي ، إخلعوا الأقنعة وتخلصوا من الوجوه الصناعية التي تلبسوها ، كونوا أكثر وعيا وإدراكا بخطورة المرحلة وتداعيات ما تمارسونه من صنوف الكيد السياسي على أوضاع البلاد والعباد .
وحتى الملتقى .... دمتم سالمين .
|