الثلاثاء, 30-أكتوبر-2007
الميثاق نت -   د/ عادل الشجاع -
مثلت الوحدة اليمنية منطلقاً للمثقفين اليمنيين الأوائل، وشكلت بدايات النهج الديمقراطي للحكم وللتعبير.. واستطاع المثقفون الأوائل أن يؤسسوا اتحاد الأدباء والكتاب في السبعينيات من القرن العشرين وأعطوا درساً للعالم أجمع لماينبغي أن يكون عليه حال المثقف الذي لايخضع لأي سلطة، وإنما يخضع لسلطة الحق والمعرفة. ومع مرور الأيام وموت أكثر المثقفين والأدباء حاملي مشروع اليمن الجديد، تعاقبت على الاتحاد قيادات لاتملك من الأمر سوى المواعظ التي تقف عاجزة أمام الواقع. وبين جيلين من القيادات : جيل المؤسسين والجيل الحالي رضي المثقف والمبدع بالمقدر والمكتوب، خاضعاً لثقافة الجهل، ومؤجلاً أفراحه لزمن لن يأتي أبداً، لأن المثقف في الحقيقة هو الذي يصنع قدره ويخلق واقعه.. وهانحن اليوم جميعنا نزايد بالجاوي والبردوني والشحاري وسحلول ومحمد عبده غانم وغيرهم ونحولهم إلى شيكات مقبولة الدفع لنرمي بعد ذلك بكل أحمالنا على عالم الغيب، ونضحي بعالم الشهادة في تشويه صورة المثقف. ولانجانب الحقيقة إذا قلنا إن الاتحاد لم يعد سوى خزينة مالية تصرف هنا وهناك وقد نزع عن الكاتب والأديب إرادته، وتم تغييب رأيه، وتغريب حلمه، بل أبيد فرحه في هرطقة امتزج فيها الحزن والألم مع كل كريات الدم التي تجري في العروق وآثر الأديب القادر على الفعل حالة السكون، من منطلق القاعدة النحوية «سكّن تسلم» أو سكّن تحصل على الفتات مقابل ورقة لطالما تكررت مذيلة بطلب المساعدة للزواج أو لموت أحد الأقارب. ومن هنا فنحن بحاجة إلى اتحاد يحافظ على الوحدة مثلما صنعها، وإلى مثقف يعيد النظر فيما وصل إليه الحال، وإلى فلسفة جديدة نختصر بها الواقع، وإلى عقد ثقافي جديد نؤسس له الآن ونفرضه بقوة الحكمة، لنخرج من حالة الضياع ومن بعض العناصر التي لاتعترف للمثقف والأديب بشيء أبداً . وعلى الآخرين ألا يناقشوا وألا يشيروا إلى مكامن القصور، لان ذلك يعد خروجاً على شرعة هؤلاء ومطلوب من الآخرين أن يظلوا في حال التبعية لهم، وألا يخرجوا من بيت الطاعة الذي بنوه لهم وأخضعوهم لمفرداته. لقد كان أحدهم يتحدث عن السلطة العربية التي تتربع على كراسي الحكم لفترة طويلة ويذمها لانها ــ كماقال ــ تصادر حرية مواطنيها، ثم إذ به يقول ان الاتحاد أصبح مهزلة، لأن بعض الأعضاء الذين يتقدمون لنيل العضوية يتمسكنون حتى إذا ماحصلوا على العضوية، بدأوا في نقد القيادة ! انه لأمر عجيب، لايريد أخونا المثقف القيادي ان ينقد فهو معصوم، لكنه عندما يعتلف القات يتحدث عن الدكتاتورية وعن غياب الديمقراطية. لقد حولوا الاتحاد إلى بؤرة للمناطقية العفنة وأشعلوا الصراع المجاني بين الأعضاء، ولم يكن الاتحاد في يوم من الأيام قائماً على الصدام، وإنما كان في حقيقته مؤسسة للحوار وقبول الرأي. لقد أصيب المثقف بحالة تبلد وأصبح يعيش حالة من الباطنية يقول شيئاً ويخفي في نفسه شيئا آخر يتفق معك على شيء لكنه يكون أول الناقضين له حتى يبني مجداً على حسابك ! انه مثقف بائس ومفلس وساكن لاحراك فيه ومن أجل هذا لابد من تغيير حتمي، ومن دون هذا التغيير ستظل حالة المثقف والأديب تسوء كحالة المريض الذي لايتعاطى الدواء، ولا يأخذ أي علاج، منتظراً أن يشفيه الله، وهو في الحقيقة لايمكن ان يشفى إلا إذا أخذ بالاسباب. خلاصة القول ان الانسان لايفهم نفسه، ولايمكن ان يحقق هويته إلا في أفق من الحوار وفي بنية ثقافية حوارية والوحدة ليست مسارة أو مناجاة للذات، أو حواراً داخلياً صامتاً مع النفس، ليست شيئاً يكمله الانسان الفرد بمفرده، وحده، وهي بالمقابل ليست اقصاء للآخر أو نبذاً، أو اتهاماً. فلا تكتمل الوحدة إلا في بنية من التفاعل والتبادل والتكامل، فمن المتعذر على الفرد أن يكون وحدوياً دون أن يستحضر اطاراً ثقافياً وانسانياً. هذا مايمكن أن أقوله غير أني أترك للكتاب والأدباء أن يقولوا مالديهم بعيداً عن الانقسامات المناطقية والشللية وأن يقولوا ذلك بوعي حقيقي وليس من منطلق عاطفي. عن "الجمهورية"
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 03:18 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-5031.htm