الميثاق نت -

الإثنين, 22-مايو-2017
كهلان‮ ‬صوفان -
إن‮ ‬الوحدة‮ ‬اليمنية‮ ‬المباركة‮ ‬بعد‮ ‬مرور‮ »‬27‮« ‬عاماً‮ ‬من‮ ‬إعادة‮ ‬تحقيقها‮ ‬تواجه‮ ‬مخاطر‮ ‬حقيقية‮ ‬وهذه‮ ‬المخاطر‮ ‬ليست‮ ‬وليدة‮ ‬اليوم‮.‬
فمنذ نشأتها في العام 1990م وهي تحاك ضدها المؤامرات والدسائس الخارجية كونها تمت بدون موافقة وشروط المحيط الإقليمي والدولي وخاصة دول عدوان اليوم: السعودية والإمارات وأمريكا وبريطانيا وإسرائيل..ولأن القيادتين السياسيتين في الشطرين سابقاً قد وضعتهم أمام الأمر الواقع الذي لم يكن أمام الجميع سوى التسليم به مؤقتاً، وهذا كان سبب تجاوز القيادتين للكثير من التفاصيل التي ظلت عالقة وعمل من خلالها الأعداء الخارجيون ووكلاؤهم في الداخل لتشويهها والنيل منها رغم ما تحقق للوطن في ظلها من إنجازات ديمقراطية وتنموية عملاقة.
وبالتالي يجب أن نعلم بداية أن الوحدة اليمنية المباركة تمت بإرادة سياسية حرة ومستقلة بقيادة زعيمي الشطرين آنذاك/علي عبدالله صالح وعلي سالم البيض، ومسنودة بزخم شعبي كبير كان بمثابة ضمانة حقيقية لقيامها واستمرارها حتى اليوم رغم العواصف الشديدة التي واجهتها وتواجهها‮.‬
وهذه الدول العربية المتآمرة على الوحدة اليمنية هي نفسها التي تآمرت على أكثر من محاولة قومية للاتحاد بين أكثر من قطر عربي في طريق الوحدة العربية الشاملة والتي حاول القيام بها أكثر من زعيم عربي كجمال عبدالناصر وحافظ الأسد وصدام حسين ومعمر القذافي رحمهم الله جميعاً، كما أنها من وقفت أمام تفعيل وتطوير جامعة الدول العربية، وهي في الحقيقة تنفذ أجندة أمريكية بريطانية صهيونية، فهي الوكيل الحصري لهذه الدول الاستعمارية في المنطقة العربية والإسلامية وهي الحامي والضامن لديمومة اتفاقية تقسيم تركة الدولة العثمانية أو ما تُعرف باتفاقية "سايكس بيكو" مقابل توفير الحماية الكاملة لبقاء هذه الأنظمة الملكية العميلة في سدة الحكم متحكمة في ثروات شعوبها المقهورة، وضمان بقائها متدخلة في كافة شؤون كل دولة عربية وإسلامية. وما عقد القمة الخليجية البريطانية بداية هذا العام والثلاث القمم السعودية الخليجية العربية والإسلامية المزمع عقدها مع الإدارة الأميركية الجديدة في الرياض إلا امتداد لا لبس فيه لذلك الخضوع والارتهان والعمالة وتدشين لما يسمى بالشرق الأوسط الجديد مع الحليف الجديد القديم الكيان الصهيوني الغاصب.
إذاً فبقدر ما مثلت حرب 1994م من انتصار كبير على مخطط إقليمي ودولي لانفصال جنوب اليمن عن شماله بقدر ما ساهمت الأخطاء الفادحة التي تلت هذا الانتصار في إحداث شرخ اجتماعي كبير استمر في التوسع دون معالجة حقيقية له حتى أصبح لدعوات الانفصال ولقياداتها العميلة حاضنة شعبية من بسطاء الناس، تلك القيادات التي دغدغت مشاعر الجماهير بعبارات رنانة وبراقة ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، ومكنتهم من الظهور مجدداً وتلميعهم على وسائل الإعلام المحلي والعربي والعالمي وبدعم مباشر وغير مباشر من تلك الدول المتآمرة، حتى وصل الحال إلى أنك لم تعد ترى علم الجمهورية اليمنية في شوارع مدن الجنوب ووضع بدلاً عنه علم الانفصال حتى في المرافق الحكومية على الرغم من أن المواطن اليمني في الجنوب حالياً لا يجد من كل تلك الشعارات ما يسد به جوعه وعطشه وحتى أبسط الخدمات التي قدمت له في ظل الوحدة قد توقفت عن خدمته وتوقف أيضاً صرف مرتبه لأكثر من ثمانية اشهر.. وتجده رغم ذلك كله يؤيد ويبارك للغزاة والمحتلين احتلال أرضه ووطنه بل وقتال أخوانه الشماليين في أكثر من جبهة شمالية ويقاتل نيابة عن جنود السعودية في حدها الجنوبي..
ولو سألنا أنفسنا لماذا كل تلك التصرفات لوجدنا أنها نتيجة طبيعية للشرخ الاجتماعي الذي حدث عقب حرب صيف 1994م، وبدافع الحصول على الدعم السياسي والاقتصادي من تلك الدول لما يسمونه بمشروع فك الارتباط عن الشمال.
ومعظمنا يعلم أنهم لم يمكنوهم من تحقيق ذلك الهدف بالعودة لما قبل عام 1990م بدليل دعمهم لظهور كيانات انفصالية جديدة في إطار الجنوب نفسه في حضرموت وعدن وغيرهما بهدف تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ وإشعال حروب أهلية في كافة مناطق الجنوب والشمال أيضاً حتى لا تقوم لليمن‮ ‬قائمة‮ ‬بعد‮ ‬ذلك‮.‬
إذاً في ظل هكذا وضع معقد وهكذا تزييف للوعي العام في الجنوب وبعض مناطق الشمال لا بد من أن يتعامل معه النظام السياسي في صنعاء بحكمة كبيرة تجنبنا الوقوع في ذلك المخطط الدموي لا قدر الله، وبخطوات عملية نذكرها تباعاً فيما يلي :
‮- ‬إظهار‮ ‬حسن‮ ‬النية‮ ‬وعدم‮ ‬الرغبة‮ ‬في‮ ‬الاستئثار‮ ‬منفرداً‮ ‬بالسلطة‮ ‬والثروة‮.‬
- تشخيص الواقع كما هو في الجوانب الاجتماعية والخدمية والاقتصادية والسياسية في محافظات الجنوب والشمال، وبحث الأسباب التي أوصلتنا إلى ذلك الواقع ووضع المعالجات المناسبة لكل حالة، وتجنب تكرار الوقوع في نفس الأخطاء.
- التفكير في صيغة جديدة تضمن لكافة محافظات الجمهورية إدارة نفسها بنفسها في إطار حكم محلي كامل الصلاحيات يكفل التوزيع العادل للسلطة والثروة، وتبنّيها من طرف واحد هو طرف صنعاء من واقع شعوره بالمسئولية تجاه هذا الشعب اليمني العظيم وتضحياته الكبيرة.. وتنفيذها خلال‮ ‬مراحل‮ ‬زمنية‮ ‬محددة‮.‬
- العمل على مباشرة إدخال التعديلات القانونية على بعض القوانين المهمة كقانون الانتخابات والأحزاب السياسية وغيرها وفق آخر صيغة متفق عليها بين الأحزاب السياسية قبل عام 2011م ونتائج مؤتمر الحوار الوطني مع مراعاة نظام القائمة النسبية لطبيعة تركيبة المديريات في الريف‮ ‬اليمني‮.‬
- والبدء بتنظيم انتخابات برلمانية ومحلية متزامنة في كافة محافظات الجمهورية أو انتخابات برلمانية ومحلية لنصف المقاعد فقط كمرحلة أولى في المحافظات الواقعة تحت السيطرة، ووفق قواعد سياسية عادلة متفق عليها مع كافة القوى السياسية الوطنية، وبعد إدخال التعديلات القانونية‮ ‬المناسبة‮ ‬عليها‮ ‬بما‮ ‬يضمن‮ ‬مشاركة‮ ‬الجميع‮ ‬فيها‮ ‬ويكفل‮ ‬حقوق‮ ‬الأقليات‮ ‬والمرأة‮ ‬وتمثيلها‮ ‬في‮ ‬البرلمان‮ ‬والمحليات‮.‬
‮- ‬ومن‮ ‬ثم‮ ‬إجراء‮ ‬الانتخابات‮ ‬الرئاسية‮ ‬التنافسية‮ ‬بدون‮ ‬ترشيح‮ ‬للرؤساء‮ ‬السابقين‮.‬
هذه على ما أعتقده خطوط عريضة لما يجب أن تكون عليه المرحلة القادمة بعد مرور 27 عاماً من عمر الوحدة اليمنية المباركة لإثبات حسن النوايا ولتجنب المزيد من إراقة الدماء بين أبناء الشعب اليمني الواحد ولعدم الانزلاق في مخططات الأعداء وسيناريوهاتهم الدامية.
والله‮ ‬من‮ ‬وراء‮ ‬القصد‮.‬
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 11:08 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-50319.htm