عبدالرحمن مراد - لم يكن المؤتمر الشعبي حدثاً عابراً في تاريخ اليمن المعاصر بل كان ضرورة فرضتها ظروف نشأته، ويبدو أن التفاعل السياسي قد عمل على صقل التجارب، وفي المقابل يبدو أن السلطة وبهرجها لم يتركا تراكماً حيوياً يملأ فراغاً كان يشتهي الامتلاء، وظل المؤتمر يمعن في غيابه عن هذا الفراغ ليأتي غيره ليمارس غواية التوحَّد مع الوجدان الشعبي الذي يتركه المؤتمر، ولعل الفترة الزمنية التي شهدها اليمن والممتدة منذ 2007م الى يومنا المشهود كانت كفيلة أن تعيد المؤتمر الى نسقه الطبيعي، حتى يتمكن من استعادة وعيه بذاته وبقيمته في الوسط الاجتماعي والوطني.
كنت قد كتبت إبان الأحداث التي عصفت بالوطن في عام 2011م وما تلاها أن المرحلة المستقبلية قد تشهد حالة تكامل بين المؤتمر وأنصار الله ورأيت يومئذٍ أن هذا التكامل قد يخلق واقعاً وطنياً جديداً وقد دلَّت المرحلة على مثل ذلك المذهب من القول، وحالة التكامل التي كنت أستند اليها هي في الفراغ الروحي والوجداني الذي يغفل عنه المؤتمر، وكنت قد كتبت عنه عدة مقالات لكن لاتزال الروح التفاعلية مع حركة الواقع تشكل عائقاً موضوعياً أمام الوعي بمثل هذه الخاصية التي لا يمكن إغفالها في هذه المرحلة التي بدأ المؤتمر يرتب وضعه الجماهيري فيها ليقود المرحلة بعد كل هذا الضياع والتيه الذي وصل إليه الوطن خلال ما سلف من أعوام.
لقد بدأت المرحلة تفلسف حاجتها الى المؤتمر الشعبي العام، وبدأت الجماهير تجدّد عهدها لهذا الحزب الرائد الذي وُلد من صميم التربة، ونبت في مناخات الحاجة، وها هي الحاجة تتجدد وتدفعه لقيادة المرحلة.. وأمام مثل ذلك أمام قيادة المؤتمر مهام جسيمة لابد له من إدراكها تمام الإدراك، ومن أبرزها التجديد والتحديث وإعادة تعريف المنظومة القيمية التي يعمل المؤتمر على رسمها في مخيلة المستقبل، وقبل كل ذلك الاهتمام بالطاقات الإبداعية والفكرية والابتكارية التي ستملأ الفراغات الوجدانية، فالوعي بالماضي يضمن المستقبل.
|