محمد انعم - بفضل منجز يوم الـ22 من مايو 1990م تحرر الشعب اليمني من تاريخ مأساوي دامٍ فرضه عليه الاستعمار والاستبداد بتقسيم اليمن الى شطرين.
على الرغم من انتصار الجمهورية في الشمال عام 1962م وطرد الاستعمار البريطاني في الجنوب في 30 نوفمبر 1967م إلاّ أن مآسي التشطير ظلت تحرق اليمن شمالاً وجنوباً.. فلم يستقر النظام في صنعاء ولا النظام في عدن رغم محاولات تكريس الانفصال كواقع تحت رداء نظامين جمهوريين، غير أن أقدس أهداف الثورة اليمنية والمتمثل بإعادة تحقيق الوحدة اليمنية كان أكبر من أن تقف أمامه أية قوة في الأرض، كانت نيران الصراعات مشتعلة في كل المناطق الحدودية، وعلى مستوى كل قرية ومدينة وبيت في اليمن وخارجها.
وعلى الرغم من ذهاب الشطر الجنوبي الى الارتماء في احضان المعسكر الاشتراكي، والشمال في احضان المعسكر الغربي، إلاّ أن ذلك لم يمكن أياً من النظامين من الهروب من قدر الوحدة التي لا مناص منها.
قدم عشرات الآلاف من شباب اليمن أرواحهم طوال عقدين من النضال من أجل إعادة تحقيق الوحدة اليمنية وبفضل تلك التضحيات الجسيمة والعظيمة ووصول الأوضاع في البلاد الى مستوى مخيف وانسداد كل الأبواب لم يعد أمام الجميع ملاذ آمن إلاّ الوحدة.. وأخذت الحوارات بين قيادتي الشطرين طابع الجدية منذ نهاية سبعينيات القرن الماضي.
هناك حقائق ووقائع تاريخية لا يجب إغفالها ونحن نحتفل بهذا المنجز الوطني العظيم وبلادنا تواجه عدواناً خارجياً واقتتالاً داخلياً وحصاراً جائراً، ومن ضمن تلك الحقائق أن الوحدة اليمنية التي قضت على مآسي برميل التشطير واطفأت نيران حروب حصدت قرابة نصف مليون شخص لا يمكن أن يقبل الشعب اليمني بأي حال من الاحوال العودة إلى واقع ما قبل 22 مايو 1990م فما بالنا بمؤامرة «الفدرلة» و«الأقلمة» والتي يسعى أعداء الشعب اليمني اليوم الى اعادة تمزيق اليمن الى كانتونات صغيرة باسم «الفدرلة» التي قادها الفار علي سالم البيض أو «الأقلمة» التي يقودها الفار هادي وتنظيم الاخوان المسملين وبقايا الحزب الاشتراكي اليمني.
إن قضية الوحدة اليمنية أطاحت برؤساء وقيادات كبيرة في البلاد وقبل ذلك اسقطت النظام الإمامي لأنه فرط بالوحدة اليمنية فثار الشعب على الأئمة وأقام نظاماً جمهورياً هدفه الأول التحرر من الاستبداد والاستعمار.. الخ، وحتى لا يلتبس الفهم لدى البعض فقد حرص تنظيم الضباط الأحرار على تحديد هدف من الأهداف الستة للوحدة اليمنية.
وهكذا ندرك أن محاولات الارتداد عن الوحدة اليمنية هي مغامرات كارثية لكل من ذهبوا في طريق إعلان الحرب والعداء للوحدة بدايةً من الأئمة الى البيض وهادي، ولا نتحدث عمن سقطوا خلال الصراع من أجل إعادة تحقيق الوحدة في عهد الشطرين.. واذا كان عبدالله باذيب وغيره قد أعلنوا الحرب على دعاة الانفصال والجنوب العربي في خمسينيات القرن الماضي وأكدت الأحداث فشل تلك المشاريع.. فها هي المشاريع الصغيرة بعودتها من جديد اليوم تسقط اليمن في قعر جحيم من الصراعات والدماء والدمار والخراب.. صراعات تلتهم نيرانها الأخضر واليابس.. تقضي على كل شيء جميل في حياة اليمنيين في الشمال والجنوب، فمنذ بداية تنفيذ مؤامرة عام 2011م ضاعت أحلام وآمال وتطلعات الشعب وظهرت الوجوه القبيحة لدعاة الأقلمة و«الجنوب العربي» وغيرها.
بعد أن باعوا الوطن وحريته وكرامته لأعداء اليمن وأثبتت الأحداث أنهم مجرد دمى يتحركون بأوامرالمستعمرين الجدد، وبات من المؤكد أنه لم يعد أمام الشعب اليمني ملاذ آمن إلاّ الدفاع عن وحدته التي تمثل قارب النجاة للخروج من كارثة هذه الصراعات التي لا يمكن أن تتوقف إلاّ بالقضاء على أعداء الوحدة.
يبدو المشهد في الساحة اليمنية هو نفسه الذي كان عليه الشعب في بداية ثمانينيات القرن الماضي.. ووسط دوي أصوات الرصاص يقف موحد اليمن الزعيم علي عبدالله صالح والى جانبه كوكبة من ابناء الشعب دفاعاً عن الوطن ووحدته واستقلاله، ويدعو في ذات الوقت الى السلام عبر حوار ندّي مع المعتدين.
أخيراً نقول لقد فشلت مؤامرة فرض الانفصال بالقوة، ومهما حاول هادي وغيره أن يتباكوا على الوحدة من خلال مسرحية الزبيدي وشلال، فتلك محاولة مفضوحة لا يمكن أن تنطلي على الشعب اليمني العظيم الذي شب عن الطوق.
|