الميثاق نت -

الثلاثاء, 30-مايو-2017
رصد وتحليل/أحمد غيلان -
أحسن المؤتمر الشعبي العام صنعاً وموقفاً حينما تصدر القوى السياسية المواجهة للعدوان برفض وضع ميناء ومدينة الحديدة تحت سيطرة الأمم المتحدة رداً على تصريحات المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ، التي افاد فيها أن الأمم المتحدة وافقت على طلب «وضع ميناء الحديدة تحت سيطرتها».. ونتوقع أن يكون موقف كل القوى السياسية اليمنية بنفس موقف المؤتمر.
وحتى لا يظل الأمر مبهماً وقابلاً للتأويل والتجيير والمزايدة والتضليل، أضع بين أيدي القارئ والمتابع بعضاً من الأسباب والاعتبارات والحيثيات التي تمنح المؤتمر الشعبي العام والقوى الوطنية وكل اليمنيين حق الرفض المطلق لأية توجهات ترمي الى منح أية جهة أو قوى أو منظمة أو هيئة حق وضع يدها أو سلطتها أو سيطرتها على الحديدة:

1- الذين تابعوا تصريحات وتلميحات المبعوث الأممي التي يقول فيها إن «الأمم المتحدة وافقت على طلب وضع ميناء الحيدة تحت اشرافها» يعتقد أن هذا الطلب جاء من جهة يمنية صاحبة حق أو مصلحة في هذا الطلب، بينما الحقيقة أن هذا الطلب جاء من دول العدوان وتحالفها الإجرامي الاستعماري بقيادة السعودية، ما يعني أن هذا الطلب ليس إلاّ جزءاً من مخططات المعتدين وهدف من أهدافهم العدوانية.
2- إن محاولة إيهام الآخرين بأن الأمم المتحدة وافقت على هذا الطلب حرصاً على تجنيب الحديدة أي عمل عسكري ما هي إلاّ كذبة كبيرة وعذر أقبح من الذنب، إذ أن الأمم المتحدة لو كانت جادة وحريصة على تجنيب الحديدة أية عملية عسكرية فإنه يمكنها أن تصدر قراراً من مجلسيها الأكثرين صلاحية وقوة «مجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان» يلزم تحالف العدوان بعدم التعدي على دولة ذات سيادة أو اقتراف جريمة مع افتعال معركة في الحديدة، بل إن الأمم المتحدة تستطيع أن تعمل على اصدار قرار يوقف الحرب والعدوان على اليمن لو كانت فعلاً حريصة على تطبيق العدالة واحترام المواثيق والقوانين الدولية.
3- الأمم المتحدة تعلم حقيقة بشاعة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، والجرائم المنتهكة للقانون الإنساني الدولي وكل القوانين والتشريعات الدولية والقيم الإنسانية التي يرتكبها تحالف العدوان في اليمن للعام الثالث، ومع ذلك لاتزال الأمم المتحدة تهادن العدوان ولم يصدر عن مجلس الأمن أي قرار ضد دول تحالف العدوان.
4- المبررات والذرائع التي على أساسها تبنَّت دول العدوان خياراتها تجاه الحديدة «إما الاقتحام أو اشراف الأمم المتحدة» هي ذرائع واهية وغير حقيقية وغير قانونية حيث تدَّعي السعودية وتحافها العدواني أن هناك أسلحة تدخل اليمن عبر الحديدة، وهي ادعاءات كاذبة وتسقط أمام حقيقة أن جميع الطرقات والمنافذ البرية والبحرية والجوية الى اليمن محاصرة ومحاطة بقوات تحالف العدوان، فضلاً عن أن كل السفن والناقلات والبواخر التي تأتي الى الحديدة محملة بمواد غذائية أو مشتقات نفطية أو بضائع جميعها تخضع للتفتيش من قبل دول تحالف العدوان ولا تدخل الموانئ اليمنية إلاّ بعد التصريح لها من قبلهم.
5- قدمت الأمم المتحدة نفسها كطرف حليف ومساند للعدوان منذ أن أصدر مجلس الأمن الدولي القرار «2216» عقب العدوان بأيام، وهو الموقف والقرار الذي تعتبره دول العدوان غطاءً سياسياً لعدوانها الهمجي الوحشي الإجرامي وغير المبرر على اليمن.
6- لو سلَّمنا جدلاً بفرضية حرص الأمم المتحدة الاشراف على ميناء الحديدة، فما هي أدوات الأمم المتحدة التي ستسيطر وتشترط من خلالها على ميناء الحديدة؟
ليس لدى الأمم المتحدة من خيار سوى الاستعانة بقوات تحالف العدوان.. وهذا معناه أن الأمم المتحدة ستكون غطاء لشرعنة دخول قوات التحالف الاجرامي الى الحديدة والسيطرة عليها بدون معركة، وباسم الأمم المتحدة.
7- الأمم المتحدة قدمت نفسها كهيئة دولية ضعيفة أمام السعودية التي تقود تحالف العدوان وذلك عندما كانت قد أدرجت السعودية في قائمة العار لتورطها في قتل اطفال اليمن، ثم تراجعت عن ذلك تحت ضغط وابتزاز السعودية وباعتراف أمينها العام السابق بان كي مون.
8- لم تستطع الأمم المتحدة أن تحمي هيئاتها من هيمنة المال السعودي، فقد استطاعت السعودية أن تشتري لنفسها منصب رئيس لجنة الخبراء لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة عام 2016م وهو العام الذي اقترفت خلاله وقبله أبشع جرائم عدوان وحرب وتهجير وإبادة جماعية وجرائم ترفضها كل القوانين الدولية في اليمن.
9- خلال الأشهر الماضية سقطت الأمم المتحدة مجدداً تحت تأثير المال السعودي حينما سمحت بحصول السعودية على عضوية لجنة حقوق المرأة في الأمم المتحدة، في الوقت الذي تؤكد فيه تقارير المنظمات والهيئات الدولية بما فيها هيئات الأمم المتحدة أن السعودية هي الدولة الأكثر اضطهاداً للمرأة وانتهاكاً لحقوقها، والأكثر انتهاكاً لحقوق الإنسان عموماً.
10- إن الأمم المتحدة كهيئة دولية تعلم من خلال هيئاتها العاملة في اليمن أن العدوان السعودي الهمجي والحصار غير المشروع تسبب بكوارث إنسانية «قتل، إبادة، تهجير، مجاعة، انعدام أدوية، وغيرها من مفردات الكارثة الإنسانية»، ومع ذلك اقتصر دور الأمم المتحدة على التعبير عن الأسف في أحسن الأحوال، دون اتخاذ أية تدابير جادة لوقف الكارثة الإنسانية التي تواجهها اليمن وتعالج آثارها، ودون أن نسمع لمجلس الأمن أية توجهات لإصدار قرار أو حتى بيان يدين جرائم دول العدوان.
هذه بعض الحقائق المخيفة من تجربة الشعب اليمني مع الأمم المتحدة، وهي تجارب قاسية ومُرَّة ومخيبة لكل الآمال، وتمنحنا الحق -بل وتوجب علينا- ألا نثق في هذه المنظمة ولا نطمئن الى ممارساتها وتوجهاتها وقراراتها.. وتستوجب مواجهة المشروع الذي تحمله اليوم نيابة عن تحالف العدوان وتحديداً السعودية التي تطمح في إحكام الحصار على الشعب اليمني بالسيطرة على ميناء الحديدة باسم الأمم المتحدة ودون حتى أية مواجهة أو مقاومة أو معركة.
ولسنا بحاجة الى الاستشهاد بمواقف وقرارات الأمم المتحدة إزاء قضايا كثيرة في مقدمتها قضية الصراع العربي - الإسرائيلي، وقضية تدمير واحتلال العراق، وغزو افغانستان، وتدمير ليبيا، والعدوان على سوريا، وغيرها من القضايا التي لم نجد فيها الأمم المتحدة إلاّ مدافعة عن المجرمين والقتلة والوقوف ضد الضحايا والمظلومين.
خلاصة القول: إن الخيار الأول للسعودية وحلفها العدواني إزاء الحديدة ليس سوى مشروع جريمة قذرة هدفها فتح معركة لقتل الشعب اليمني بشكل جماعي بتشديد الحصار على الحديدة التي تمثل مصدراً لأهم وأبسط احتياجات الحياة من غذاء ودواء ومشتقات نفطية لأكثر من 80% من سكان اليمن.. ما يعني أن اليمنيين سوف يستميتون دفاعاً عنها قبل أن يموتوا جوعاً وحصاراً.. أما الخيار الثاني فهو تسليم رقاب الشعب اليمني وحياتهم للسعودية من خلال تسليم الحديدة للسعودية باسم الأمم المتحدة ودون أن نخوض حتى معركة مواجهة واحدة، وهذا هو الجرم والقبح والاستغباء الأممي والمستحيل بعينه.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 11:03 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-50446.htm