د.على الغفاري - الأجواء التي صاحبت الإجراءات التي فرضتها السعودية والإمارات ومن وقف معهما على دولة قطر العضو في مجلس التعاون الخليجي، جعلت المهتمين والمراقبين حول العالم من خلال التجاذبات وردود الأفعال المتبادلة تتوقع حدوث الأسوأ في حالة عدم تنفيذ دولة قطر النقاط العشر التي تم الإفصاح عنها.
وفي رأينا أن القرارات كانت سريعة ومجحفة بحق دولة صغيرة عضو مؤسس لمجلس التعاون، ورغم ذلك فإن دولة قطر كشرت عن أنيابها بقوة متحدية وضاربة عرض الحائط بالتهديدات التي تناقلتها وسائل الإعلام العالمية على امتداد الساعة وكأن الحرب العالمية الثالثة أصبحت قاب قوسين أو أدنى.. ضجة كبيرة سياسية وإعلامية وتحركات عسكرية ودبلوماسية لا تقل أهمية عن الحملة التي صاحبت قيام التحالف الدولي بالاعتداء على العراق الشقيق عام 2003م مع الفارق بين قطر والعراق والتحالف الدولي آنذاك وتحالف اليوم على دولة قطر.
ويمكننا الجزم بعد موقف تركيا الواضح والصريح مع قطر فضلاً عن موقف إيران ورفض دولة قطر تنفيذ النقاط العشر غير أن الوضع أكد أن المصالح بين الدول هي الركيزة التي تبنى علىها العلاقات والمصالح المشتركة، و بالإضافة إلى الاتصالات والتحركات لقادة الدول الكبري بهدف التزام التهدئة واتباع الحوار وسيلة لحل الأزمة، فإن صاحب السمو أمير دولة الكويت الشقيقة قد بذل من الجهود المضنية والمخلصة من خلال الرحلات المكوكية الرمضانية ما يشكر علىه فله كل التقدير للجهود الدبلوماسية الخيرة التي بذلها وهوالمعروف بحنكته وقدراته الدبلوماسية الطويلة التي لا يمكن تجاهلها، إلا أن الأزمة الخليجية مع مرور الأيام سيطلق علىها أنها (زوبعة في فنجان).
لقد قطعت عدد من الدول علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، فضلاً عن معاقبتها ومحاصرتها براً وبحراً وجواً، وحتى لا تتطور الأحداث فقد صدرت إعلانات وبيانات من قادة دول العالم وخاصة من واشنطن وموسكو ولندن وباريس ومن الجامعة العربية والأمم المتحدة طالبت الطرفين السعودي والقطري بالتزام ضبط النفس والهدوء بهدف الوصول إلى حلول سلمية وان تكون الدبلوماسية هي الوسيلة لحل الإشكالات ووضع حد للاتهامات المتبادلة بين الأشقاء وهذا ما نأمل أن يتغلب صوت العقل على أي ضغوط أخرى برغم أن الجانبين السعودي والقطري كل منهما مصمم على موقفه.
السؤال هنا يطرح نفسه: لماذا هذا الاهتمام العالمي والضجة الكبيرة، هل لأن قطر وحدها تدعم الإرهاب دون غيرها من الدول التي لها علاقات ببعض التنظيمات المختلفة وفق الاتهامات المتبادلة بين السعودية وقطر، أم كون قطر تكاد تكون الدولة العربية الوحيدة التي أبلت بلاءً حسناً مع حركة حماس وقيادتها، أم بسبب موقعها ووجود قاعدة »العيديد« الأمريكية وكذا القاعدة التركية على أراضيها.. أم بسبب امتلاكها الثروة الغازية المطلوبة أمريكياً واوروبياً؟
السؤال الذي يطرح نفسه على الملأ: لماذا العدوان السعودي الظالم على اليمن الذي انتهك أراضيه وسيادته واستقلاله ومحاصرته براً وبحراً وجواً مضى علىه أكثر من 800 يوم وسقطت في أنحاء اليمن أكثر من »90.000« غارة وتم تدمير كل جميل فيها وقتل وجرح الآلاف من اليمنيين، فضلاً عن انتشار مرض الكوليرا في أنحاء البلاد والمجاعة التي تشكو منها حتى الشوارع اليمنية ولم تحرك هذه الدول ساكناً برغم أهمية موقع اليمن الاستراتيجي، علاوةً على مساحتها الشاسعة وتعدادها السكاني ورجالها المغاوير الفاتحين والناشرين لدين الإسلام في مختلف بقاع العالم، فأين دول الجامعة العربية وأين دول مؤتمر التعاون الإسلامي وأين الأمم المتحدة مما يحدث في اليمن مقارنة فقط بتهديد السعودية لقطر الذي هز العالم وكأن زلزالاً عنيفاً في الجزيرة العربية وشيك الوقوع.. ولماذا الكيل بمكيالين، حتى أن مدينة سام بن نوح »صنعاء« تعرضت ليلة الجمعة الرابع عشر من رمضان الحرام لعدة غارات أسفرت عن تدمير عدد من المنازل على رؤوس ساكنيها وجلهم نساء وأطفال انتقلوا إلى رحمة الله..؟!
تلك هي اليمن مأساة العصر الذي قال عنها خالق الكون:
»بلدة طيبة ورب غفور«.
وقال عنها علىه الصلاة والسلام:
»الإيمان يمانٍ والحكمة يمانية«..
فلماذا لا تسجل هذه الدول موقفاً مع اليمن بنسبة 1٪ كما عملت مع قطر.. وفي الأخير نؤكد على استعداد اليمن للدخول في حوار مع السعودية للوصول إلى حلول للمشاكل العالقة واحترام سيادة واستقلال كل دولة.. ونطالب الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي بالعودة إلى اختصاصاته والعمل على وضع نهاية للحرب المدمرة والعبثية ورفع الحصار المفروض على اليمن بكافة أشكاله ظلماً وعدواناً، والدخول في مفاوضات مباشرة مع السعودية تفضي إلى حلول سلمية ضامنة لجميع الأطراف اليمنية.
"وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون".
|