الميثاق نت -

الثلاثاء, 11-يوليو-2017
بقلم/ مطهر تقي -
هو الدكتور المؤرخ الوزير السفير الإبن الخامس واصغر أبناء القاضي عبدالله العمري رئيس وزراء اليمن لقرابة ثلاثة عقود وحفيد شيخ الإسلام سيدنا حسين بن علي العمري الصنعاني سليل العلامة الفقيه محمد بن سعد المرادي المذحجي المعاصر للإمام عبدالله بن حمزة وعلامة اليمن نشوان بن سعيد الحميري المتوفى سنة610 هجرية.
أما الوزير في إدارة الإمام المهدي عباس الفقيه علي عبدالله العمري فهو أول من انتقل من آل العمري من هجرتهم العمارية ببلاد الحدا واستقر في صنعاء سنه 1183 هجري-1770م ومنذ ذلك التاريخ وآل العمري يخوضون معترك الحياة السياسية ويتقلدون المناصب القيادية مع احتفاظهم بأهم ما يميزهم وهو الاهتمام بالتفقه في العلوم الشرعية والقضاء.
ولعل شيخ الإسلام القاضي حسين علي العمري(ولد 1265 هجرية) أشهر العلماء بعد قاضي القضاة الإمام محمد علي الشوكاني ت 1250 هجري فقد كان أشهر العلماء المجتهدين وأهم الساسة الذين لعبوا دوراً أساسياً في صلح دعان 1911م بين الأتراك وبين الإمام يحيى ولقب بشيخ الإسلام وعين بعد اتفاق دعان رئيس للمحكة الشرعية العليا بصنعاء وعضوية سبعة من العلماء كان من ضمنهم القاضي عبدالله بن حسين العمري وكان أصغر الأعضاء سنا 24 سنة و هو من مواليد 1887م و الذي توثقت علاقته بالإمام يحيى حتى أصبح محل ثقته وحمله مسؤولية الوزير الأول بعد قيام المملكة المتوكلية وكان رفيقا له حتى استشهد معه صباح يوم الثلاثاء 17/2/1948م (يوم اندلاع ثورة 48م).
قتل رئيس الوزراء الأب وابنه الأصغر حسين الذي لم يتجاوز الرابعة من عمرة فهو من مواليد 1944م ونشأ برعاية أخيه الأكبر القاضي الوزير محمد عبدالله العمري الذي واتته المنية إثر سقوط طائرته و هو متجه إلى موسكو في زيارة رسمية عام 1960م وابنه الأستاذ محمد العمري ما زال جنيناً في بطن أمه.
بدأ حسين دراسته الابتدائية والمتوسطة في صنعاء وخلال تلك الفترة تعرف على صديق عمره الأستاذ اللواء حسين محمد المسوري الذي تربطهما علاقة قرابة أسرية ايضا.
ثم توجه إلى دراسة المرحلة الثانوية في مصر بعدها توجه إلى سوريا للالتحاق بجامعة دمشق كلية الآداب و حصل على الإجازة في التاريخ.
لم يكتف بشهادة الليسانس الجامعية فقد فضل التوجه إلى بريطانيا ليلتحق بجامعة كمبريج ليحصل على درجة الماجستير عام 1979م.
تقلد الأستاذ حسين العمري منصب وزير الخارجية عام 1979م بعد تسعة عشر عاماً من استشهاد أخيه وزير الخارجية القاضي محمد عبدالله العمري وكأن ذلك التعيين يؤكد استمرارية آل العمري في تقلد المناصب الوزارية علما أن أخاه القاضي علي عبدالله العمري قد سبقه في المنصب فقد تقلد منصب وزير الداخلية ثم محافظاً لمحافظة صنعاء.
ترك الأستاذ حسين منصب وزير الخارجية وذهب إلى بريطانيا ليلتحق بجامعة دروم لدراسة الدكتوراه التي حصل عليها عام 1982م ثم تقلد منصب وزير التربية والتعليم لقرابة ثلاثة أعوام (1983-1985م) استطاع خلال تلك السنوات أن يضع بصمته الفكرية والإدارية على تلك الوزارة المهمة وسجل موقفاً وطنياً بإصراره تجنيب المنهج الدراسي الاستحواذ السياسي الضيق.
في عام 1985م ترك وزارة التربية والتعليم ليكون وزيراً للزراعة حتى عام 1987م وتشرفت بالتعرف عليه من خلال عضويتي في لجنة التشجير الزراعي ممثلاً لوزارة الإعلام والثقافة وأعجبت بإدارته وأخلاقه العالية.
من عام 1988 و حتى 1993م كان عضواً في مجلس النواب و شهدت قاعة مجلس النواب وكذلك لجانه نشاطاً متميزاً للدكتور حسين و جهوداً كبيرة من قبله لإخراج عدد من القوانين العامة.
وبحكم معرفته ببريطانيا خلال دراسته الماجستير والدكتوراه رأت الدولة أن تعينه سفيراً لليمن في بريطانيا من عام 1994 حتى 2001م وكان له نجاحات مشهودة خلال تلك الفترة.
ونظراً لمكانته الثقافية والفكرية فقد انتخب عضواً للمجلس التنفيذي لمنظمة اليونيسكو في باريس خلال الفترة 2004 -2007م.
يتقلد حالياً الكثير من المهام:
رئيس مركز سبأ للدراسات الاستراتيجية ورئيس مجلس أمناء مؤسسة اليمن للثقافة والتنمية السياسية كما يرأس مجلة الثوابت الفصلية وهو كذلك رئيس مؤسسة العفيف الاجتماعية والثقافية.
وبجانب عضويته في المجلس الأعلى للجامعات فهو أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة صنعاء كلية الآداب وله مشاركات دولية وعربية في مختلف المحافل البحثية والعلمية.
أصدر حتى التاريخ أكثر من 25 كتاباً كان أولها تحقيقه لكتاب تاريخ مدينة صنعاء للمؤرخ الرازي عام 1973م وآخرها وليس بآخرها اليمن بين عهدين (ولاية عثمانية ودولة متوكلية) إصدار 2017م.
ومن يطلع على تلك الكتب النوعية سيجد أن الدكتور حسين عبدالله العمري غزير العلم وواسع الإطلاع وصاحب أسلوب في الكتابة ينطبق عليه صفة السهل الممتنع فله قدرة متميزة في مساعدة القارئ على استيعاب الحقب التاريخية وسلاسة أحداثها وعرض السمين منها والتخلص من غثها تجعل القارئ يتابع قراءته للكتاب حتى آخر صفحة منه.
و الدكتور العالم حسين يعشق الوثائق و ينشر أهمها لتكون عوناً له لتأكيد الحقائق التاريخية التي يتناولها بالبحث و التحقيق.
أما الدكتور حسين الصديق والإنسان فقد عرفته عبر اللقاءات المتعددة في ثمانينيات القرن الماضي وعرفته عن قرب ولقاءات دائمة منذ ما يزيد عن خمسة وعشرين عاماً حين تشكلت لجنة لمراقبة دور وسائل الإعلام الرسمية من المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي فقد كنت والدكتور حسين ممثلين للمؤتمر و المرحوم جار الله عمر و الدكتور العزيز محمد جرهوم ممثلين للاشتراكي.. ولعل ديوان مقيل الأستاذ القدير والأستاذ المتميز والأخ الوفي حسين محمد المسوري كان الحاضن الأساسي لتلك العلاقة الأخوية التي جمعتني به طيلة تلك السنوات الطويلة التي سعدت خلالها بالتعرف على تلك القامة العلمية الكبيرة واستفدت كثيراً من علمها.
ومن يطلع على آخر كتاب للدكتور حسين بين عهدين والذي أفرد صفحات عن تاريخ آل العمري سيجد سر تميز شخصيته فهو امتداد لعلم وثقافة جده شيخ الإسلام سيدنا حسين العمري ووهج شخصية والده رئيس وزراء اليمن القاضي عبدالله حسين العمري و أدب أخيه الأكبر الأديب والوزير محمد عبدالله العمري الذي أشرف على دراسته و تهذيبه.
اتمنى على الدكتور حسين أن يصدر الطبعة الثانية لكتابه بين عهدين بعد استيفائه لمسيرة آل العمري خلال خمسينيات القرن الماضي فما قام به القاضي محمد العمري من أعمال جليلة خلال تقلده قيادة وزارة الخارجية وتمثيله لليمن في الجامعة العربية وزياراته الرسمية لعدد من العواصم العربية والعالمية وعقده أتفاقات تنموية وسياسية مهمة كان آخرها ما كان ينوي إنجازه من الاتفاق مع الحكومة الروسية بطبع العملة الورقية لليمن لولا سقوط طائرته قبيل وصولها مطار موسكو فمن شأن تمام تلك المسيرة سيكوّن القارئ صورة كاملة عن مسيرة آل العمري السياسية والإدارية.
وللدكتور حسين في منزله محرابان الأول للصلاة والثاني للقراءة والاطلاع و الكتابة وهو يقضي يومه في الجامعة بين طلابه ومع زملائه ومعارفه في المقيل الذي يحرص على اصطحاب كتاب مختار يقرأ منه للمقيلين بأداء متميز وإضافات علمية منه على ما يقرأ تزيد الموضوع إثراء وفهماً للمستمعين ويناقش مع الحضور ما تم قراءته بصدر رحب وتواضع العالم فلسانه لايعرف السخرية أو التعليقات الجارحة وقلبه كذلك لا يعرف الغيرة أو التقليل من شأن الآخرين، كيف لا وهو ابن السياسي والعالم الكبير و المتواضع مع الصغير قبل الكبير عبدالله حسين العمري.
والدكتور حسين أيضاً كريم في شرح و توضيح بعض الاستفسارات والتعليقات فهو يشعر براحة حين يقدم المساعدة المعرفية لمن معه وحتى حين يختلف مع الآخرين حول معلومة ما أو تفسير لموضوع معين فالتواضع سمة من سماته.
أتمنى أخيراً للأخ والصديق الدكتور حسين العمري طول العمر المعمر بالصحة والعافية وأن يعينه على مزيد من إثراء المكتبة اليمنية والعربية بكل جديد.
والله خير معين.
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 04-ديسمبر-2024 الساعة: 07:47 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-50919.htm