إبراهيم ناصر الجرفي .. - هكذا تعلمنا من التاريخ والأحداث ، بأن الأزمات والحروب والصراعات والاضطرابات السياسية ، في بلدٍ ما ، عادةً ما تكون المقدمات لظهور الزعامات الوطنية..
وهكذا أخبرنا التاريخ ، وأخبرتنا الأحداث ، بأن الأوضاع السياسية في اليمن ، قبل 17 يوليو 1978م ، كانت في حالة من الاضطراب الشديد ، حيث تم اغتيال اثنين من رؤساء شطر اليمن الشمالي خلال فترة قصيرة جداً ، وهما الرئيس إبراهيم الحمدي ، والرئيس أحمد الغشمي ، وسبق ذلك انقلاب على الرئيس الإرياني..
وكل ذلك جعل الأوضاع في اليمن ، على صفيح ساخن ، وأدخلها في حالة من الاضطراب والإرباك الشديد ، وكان ذلك المشهد السياسي المعتم والمعقد ، يتطلب ظهور زعامة وطنية ، تتمتع بقدر كبير من الذكاء والدهاء والحنكة السياسية ، حتى تتمكن من إخراج الوطن من تلك الأوضاع السياسية بالغة الصعوبة والتعقيد..
وهذا ما حصل بالضبط ، حيث تدخلت القدرة الإلهية ، وساقت بأحد ضباط الجيش الأفذاذ ، إلى رأس السلطة ، بلا حولٍ منه ولا قوة ، وهو علي عبدالله صالح ، في ذلك الوقت ، وكان سلاحه الوحيد هو حب الوطن والشجاعة والإقدام ، لأنه عندما خاف الجميع وتراجعوا واسترهبوا كرسي السلطة ، الذي كان يلتهم كل من يجلس عليه ، أبى هذا القائد الشجاع ، إلا مواجهة كل التحديات ، وبما يمتلكه من شجاعة وإقدام ، تمكن من ترويض هذا الكرسي المرعب ، الذي حول حياة كل من فكر في الجلوس عليه إلى كابوس مخيف ، وتمكن هذا القائد الشجاع والمقدام من الجلوس عليه ، وتمكن من حلحلة الأزمات المحدقة بالوطن من كل جانب ، الأزمة بعد الأخرى ، ابتداء بحل القضايا الأمنية ، مروراً بتوفير الأمن والاستقرار ، وصولاً إلى حل الخلافات الخارجية مع الشطر الجنوبي سابقاً ، وبناء علاقات خارجية جيدة ، مع الدول الإقليمية والدولية ، بكل هدوء وحكمة ورباطة جأش..
ويبدو بأن التاريخ يعيد نفسه ، فها هي اليمن تغرق من جديد ، في بحرٍ من الأزمات والصراعات والفتن والقلاقل ، وصلت إلى حد العدوان الخارجي ، بعد تسليم الزعيم صالح للسلطة لأحزاب وجماعات الساحات ، في إطار ثورات الربيع العربي ، التي تندرج ضمن مخطط غربي إسرائيلي ، لزعزعة أمن واستقرار المنطقة العربية..
وأصبح الوضع يتطلب من كل أبناء اليمن ، الوقوف مع أنفسهم ، لمراجعة حساباتهم ، واستلهام العبر والعظات والدروس ، من يوم 17 يوليو 1978م ، ذلك اليوم المبارك الذي غير مجرى التاريخ اليمني ، من مربعات العنف والصراع والأزمات والاضطرابات ، إلى مربعات الأمن والاستقرار ، والبناء ، والتنمية ، والديمقراطية، والحرية ، والعدالة ، والمدنية ، والتطوير ، والتحديث..
وما أحوج الشعب اليمني اليوم ، بعد أن ذاق ويلات الحروب والعدوان والصراع والعنف والإرهاب والتخلف والتراجع والفرقة والانقسام ، إلى الالتفاف حول زعامتهم الوطنية ، ممثلة بالزعيم صالح رئيس الجمهورية الأسبق ، رئيس حزب المؤتمر ، ذلك الزعيم الأسطوري في تاريخ اليمن ، الذي تمكن من توحيد اليمن شماله وجنوبه ، وتوفير الأمن والاستقرار ، ونقل اليمن نقلة تنموية وحضارية نوعية ، خلال فترة حكمه ، والذي لم يتردد في تسليم السلطة سلمياً ، في سبيل الحفاظ على وحدة وأمن واستقرار الوطن..
إن زعيماً وطنياً يمتلك كل مواصفات الزعامة والقيادة ، تمكن من إخراج الوطن من الأزمات والاضطرابات والصراعات ، بحنكته وحكمته وإخلاصه لشعبه ، هو وحده من يستحق الإلتفاف حوله اليوم ، ليخرج الوطن والشعب من الحروب والصراعات والاضطرابات التي تعصف به اليوم..
طبعاً الزعيم صالح ، عندما سلم السلطة سلمياً ، سلمها بشكل طوعي ، وبقناعة كاملة ، وأكد بأنه لا نية لديه للعودة إلى الرئاسة مرة أخرى ، وهو دائماً يؤكد ذلك في كل خطاباته ومقابلاته ، ونحن عندما ندعو جماهير الشعب اليمني للالتفاف حول الزعيم صالح وحزب المؤتمر ، ليس الهدف من ذلك عودة الزعيم صالح إلى الرئاسة كما يظن بعض الأغبياء السياسيين ، لأن موقف الزعيم بهذا الشأن واضح وصريح ، لا لبس فيه ولا غموض ، ولكن الهدف من دعوتنا للالتفاف حول الزعيم صالح وحزب المؤتمر ، هو من أجل إخراج الوطن من مستنقع العدوان والحروب والصراعات والاضطرابات والانقسامات ، ذلك المستنقع المأساوي الذي جرتنا إليه أحزاب وجماعات الساحات ، بعد نكبة 2011م المشئومة..
فالزعيم صالح بما يمتلك من حكمة وخبرة وحنكة سياسية ، وزعامة أسطورية ، وحزب المؤتمر بما يمتلك من مشروع وطني حضاري مدني سلمي ، تمنحه القدرة والأفضلية في المساهمة الفاعلة والجادة والصادقة ، لإخراج الوطن من هذا المستنقع المرعب ، الذي تجرع شعبنا فيه كل صور المعاناة والألم والمآسي..
وتمنحه القدرة على إعادة سفينة الوطن ، إلى شواطئ الأمن والأمان والاستقرار ، والحرية والديمقراطية والمشاركة السياسية ، وصولاً إلى الاحتكام إلى صناديق الانتخاب ،كوسيلة وحيدة للتداول السلمي للسلطة..
وبذلك فإن ذكرى يوم 17 يوليو ، ستظل ذكرى خالدة ومجيدة ومباركة ، في ذاكرة الشعب اليمني ، لأن ما رافقها من تطورات إيجابية في حياة المواطن اليمني ، تجعل منها محطة مضيئة في تاريخ اليمن الحديث ، يجب الاستفادة منها ، إلى أقصى حد ، من خلال أخذ العظات والعبر والدروس ، لعلنا بذلك نصل إلى محطة جديدة مضيئة ، مشابهة لمحطة 17 يوليو ، تساعدنا في الخروج من مستنقع الظلمات الذي نتخبط فيه اليوم ، وطالما والزعيم الأسطوري ، الذي ظهر في يوم 17 يوليو ، ما زال بين ظهورنا ، فهذه نعمة عظيمة من الله تعالى ، فنحن في أمس الحاجة إليه ، وإلى حكمته وخبراته وذكائه وحنكته السياسية..
ولن يكون ذلك إلا من خلال الإلتفاف حول هذا الزعيم، وحزبه الوطني الرائد ، حزب المؤتمر ، فمن أوصل سفينة الوطن في 17 يوليو 1978م ، التي كان تتلاطمها الأمواج والأعاصير ، إلى بر الأمان وشواطئ الحرية والديمقراطية ، نحن اليوم في أمس الحاجة لخبراته ومهاراته القيادية والسياسية ، لإنقاذ سفينة الوطن ، التي جرتها رياح العمالة والخيانة ، مرة أخرى إلى وسط البحر تتلاطمها الأمواج والأعاصير من جديد ، وإعادتها إلى شواطئ الأمن والحرية والديمقراطية ..!!
ولن أبالغ إذا قلت بأننا اليوم في أمس الحاجة إلى الزعيم صالح ، وليس للزعيم صالح أي حاجة إلينا ، فمتى أدرك الأغبياء السياسيون ذلك ، ووصلوا إلى هذه الحقيقة ، فعندها يمكننا الاستفادة من عظات وعبر ودروس يوم 17 يوليو ، وعندها يمكننا إخراج وطننا من الأزمات والصراعات والاضطرابات ، التي تعصف به من كل جانب ، وعندها فقط سنكون قد وضعنا أول خطواتنا في الطريق الصحيح ، طريق السلام والأمن والاستقرار والحرية والعدالة والبناء والتنمية ..!!
لكن وعلى ما يبدو بأن أولئك السياسيين الأغبياء ، ولعدة أسباب منها:- العمالة والولاء والتبعية للخارج ، وكذلك التعصب الحزبي والمذهبي ، والحقد وعشق السلطة ، لم يدركوا هذه الحقيقة بعد ، أو يدركونها لكن تمنعهم عمالتهم وتعصباتهم ، من القبول بها ، والتعامل معها ..
لذلك نقول، الشعب اليمني شب على الطوق ، وبات يمتلك من الوعي والثقافة والفكر ، ما يؤهله لإدراك هذه الحقيقة المجردة ، والتعامل معها والقبول بها ، وما نشاهده من إلتفاف جماهيري كبير حول الزعيم صالح ، وحول حزب المؤتمر، إلا دليل على ذلك ..
ودليل على أن الشعب اليمني على استعداد كبير ، لإستلهام عظات وعبر ودروس يوم 17 يوليو المبارك ، والاستفادة منها ، للخروج من هذا الوضع المأساوي والكارثي ، الذي أوصله إليه أولئك الأغبياء السياسيون ، من أحزاب وجماعات الساحات الاخوانية..
|