عبدالله المغربي - كالعادة وفي كل يوم نذهب فيه متكلين على الخالق نقصد فيه جهات عملنا ودوامنا، وبعد ان مضيت عن مسكني وفي بداية طريق سيري، وعلى غير عادتي ومصادفةً.. كنت استمع للإذاعة الرسمية على التردد الاذاعي 89.9 والتي ما عرفناها ولم نعرفها سوى بـ "صنعاء".
وفي بثٍ مُباشرٍ عبر الأثير يتلقى المذيع في برنامجه الذي ما عرفت اسمه اتصالات مواطنين من مختلف ارجاء المعمورة.
وبطبيعة الحال فاليمانيون على الدوام أولى هامات تناطح السحاب ورؤوسهم مرفوعة الى عنان السماء لا تنحني سوى لبارئها وربها الذي خلقها، يتوعدون العدو بالهزيمة ويعدون الشهداء بالنصر ويُعاهدون الجرحى بأن يقتصوا من مرتزقة تسببوا بما بهم من جراحٍ غائرات.
مكالمة ثالثة من إجمالي المكالمات التي استمعت اليها _ المتصل.. الوووه.. المذيع : نعم مرحباً بك.... برنامج....؟!! ، المذيع : نعم تفضل انت على الهواء _ عرفنا بنفسك ،.... ما هي مشاركتك ، وماذا تقول للعدوان "الصهيوسعوامريكي".... ؟!! _ مع اناّ نؤمن بأن عدونا الرئيس هي جارة السوء ومملكة الشر _ سعودية آل سعود، لكن ذاك شأن المؤمنين بضرورة عداء الجميع في وقتٍ يفترض ان نوجه طاقاتنا وكل قدراتنا لمواجهة العدو الاول سعياً منا لكسره وهزيمته.. الاهم ان صوت اليماني ذاك جلجل بعد ان سمع حماس المذيع : ليؤكد على الصمود ووجوب مواجهة السعودية العدو والشر، ثم استطرد يشكر الجيش واللجان الشعبية وكل ابناء الشعب اليمني حتى قال : كما نشكر قادة الصمود "الزعيم" علي عبدالله صالح و"السيد" عبدالملك الحوثي _ نصاً _ قاطعة المذيع سريعاً بالقول : شكراً لك هل لديك مشاركة اخرى، فأخبره المواطن البسيط ذاك في مهاتفته قائلاً : نعم.. لدي قصيدة شعرية.. المذيع تفضل.. فابتدأ مطلع تلك القصيدة التي ما وقرت من كلماتها في أذناي سوى "يا زعيم اليمن"........ انقطع ذاك الذي كلّف نفسه عناء تكلفة الاتصال والحصول على بضع مئات لتسديد فاتورة هاتفه..
صج المذياع بصوت ذاك المذيع الاخرق يُعلن ان الوقت ليس لتمجيد اشخاص ولا للتقوقع والدوران حول انفسنا، ويؤكد ان الواجب علينا النظر الى التضحيات في الجبهات الى رجال الرجال في الميادين، من يبذلون ارواحهم في سبيل الذود عن حياض الوطن المضرج بدماء الأبرياء والمقيد بحصار الأعداء الاغبياء «والمُكبل بعقلياتٍ ضاق الفكر بها وقلّت حيلة أصحابها حتى أصبحنا اليوم نمضي ونحن لا ندري الى اين يا أيامنا بِنَا تمضي، ونغدو والفكر مشغولٌ بذاك الدائن وذلك المؤجر وهذه الفاتورة وتلك الطلبات وكيف لنا ان نوفر لانفسنا ابسط الحاجيات».
ظننت ان ذاك الحديث كان لطبيعة البرنامج الذي لا يود المشرفون عليه ان يشخصن الأحداث ويُقمقم الافكار، ومضيت أواصل الاستماع للبرنامج، حتى جاء الفاصل الاذاعي، فإذا بأصواتٍ يمانية تنشد احدى قصائد الشُعار حديثي الشعر فإذا بإذني تُحدثني.. أن أستمع جيداً.. وهم يقولون : يا حفيد النبي يا قائدنا اليماني.. هكذا اظنها وإن لم تكن نصاً فالمضمون بها محفوظ كما ذكرته.
تبسمت وامتدت يدي والاصبع السبابة استقامت تُنبش بين الإذاعات علّها تجلب لنا شيئاً من متعة الاستماع لـ فيروز الصباح تغني كعصفورة خجلة.. صباح الخير.. شو يبقى من الرواية.. سلم لي عليه.. وعبالي يا قمر، ولكن ما وجدت حيلة سوى إغلاق المذياع لأغوص بأفكاري سابحاً في بحر أفكار المسئولين عن اعلامنا والقائمين عليه وعلى اذاعة كل اليمانيين، اتساءل كيف يفكرون.. ولِمَ هذا يفعلون.. وهل يعتقدون او يظنون أن بمقدور اعظم القوى وأدهى من في العالم وأذكاهم ان يمحو من ذاكرة 25 مليون مواطن اسماً عرفوه وإنساناً عاشروه وشخصاً جالسوه.. بهكذا اُسلوب.. وهل وصلت الغيرة بالبعض الى ان يرتكب مثل هكذا حماقة..؟!!
غريبٌ هو هذا الفكر والاغرب ان يرتضي المثقفون بجانب وزير الاعلام "حامد" هذا النهج ويوافقوا على هكذا تعبئة مغلوطة أساساً وأسلوباً.
خلاصة القول ولُب الحديث ان لابد ان يدرك من لا يُدرك ويتأكد إن ادركأن منجزاتٍ كُبرى وانجازاتٍ عُظْمَى ومشاريع عملاقة ولحظاتٍ وسنوات عاشها اليمانيون فيها آمنين مُطمئنين مرتكنين على مرتباتهم مشغولين بإدارة وانجاز أعمالهم يحلمون بمساكن تأويهم ومتأكدين من اعتدال ووسطية مناهج التعليم التي يتلقاها ابناؤهم، كل يومٍ يستمعون الى نشرات الاخبار وأولى كلمات عناوينها.. افتتح فخامة الرئيس علي عبدالله صالح ، قام بزيارة ، وضع حجر اساس ، غادر ارض الوطن ، عاد الى ارض الوطن ، وصل محافظة عدن ، مر بمحافظة إب ، تفقد مشاريع بذمار ، وجه بشق طريق ريمة ، اعلن عفواً عاماً ، حضر عرساً جماعياً، افتتح مستشفى خيرية.. كلها يذكر فيها من يشق ذكره اليوم رؤوساً مفزعات وفارغة من كل فكرٍ سليم ونهجٍ قويم ومنطقٍ معتدلٍ مستقيم _ انه الرئيس الاسبق زعيم اليوم علي عبدالله صالح حفظه الله واطال في عمره.
أخيراً سأصارحكم.. اني اليوم أشفق بكل صدق وأرثي لحال من يأمن نفسه بين ايديكم، واود ان أصارحه.. بأنكم الأشر الأشر من اعدائه كل أعدائه، اتعلمون لماذا.. لانكم في كل يومٍ تقتلون قلوباً ابتدأت الانفتاح عليكم والإيمان بثقافتكم، فبكل فعلٍ أرعنٍ تقومون به كهذا الذي سمعته وحدثتكم عنه فإنكم تُنفرون من ظننتم انكم قد امتلكتموه، أكان بمنصبٍ منحتموه او بغيره من المغريات التي قد تعطونه والتي أفقدتكم الصواب وأخرجتكم عن الحق وغيرت طريقكم وحرفتكم عن البوصلة.
أنتم اليوم تهيجون كفيلٍ لمح بين أرجله صغير الفأر يلعب ومن هيجان الفيل تبسم ثم أصبح يقهقه ويضحك.. تاركاً ما كان مشغولاً به ويلعبُ.
|