الميثاق نت - تؤكد الأحداث والمواقف العظيمة ان اليمن تختزن في احشائها كنوز ثمينة وجواهر تتلألأ، ورغم غبار الايام وقسوتها وتماديها إلا أن الجواهر الثمينة تصر على البقاء رافضة الدخول في زاوية النسيان او الاستسلام لألم الاهمال فتظل تلك الدرر النادرة الثمينة تعبر عن ذاتها ومعدنها النفيس..<br />

الثلاثاء, 08-أغسطس-2017
حاوره/عارف الشرحبي -
تؤكد الأحداث والمواقف العظيمة ان اليمن تختزن في احشائها كنوز ثمينة وجواهر تتلألأ، ورغم غبار الايام وقسوتها وتماديها إلا أن الجواهر الثمينة تصر على البقاء رافضة الدخول في زاوية النسيان او الاستسلام لألم الاهمال فتظل تلك الدرر النادرة الثمينة تعبر عن ذاتها ومعدنها النفيس..
الأستاذ والسياسي المناضل سعيد احمد الجناحي زرناه في منزله متعشمين منه ان يدلي بدلوه في ذكرى تأسيس المؤتمر الشعبي العام باعتباره احد مؤسسيه فوجدناه يشع بكل حيوية وعنفوان المحبة وألق العطاء للوطن رغم ما يعانيه من ألم المرض وتجاهل المعنيين له في محنته.
ولا اخفيكم انه قال: لايهمني ألم العين وقصرها او طولها ولايؤرقني وجع العمود الفقري بقدر مايؤلمني ان عمود الوطن وبنيانه المتين اصبح مهدداً بالانهيار فالوطن يواجه عاصفة هوجاء سببها بعض ابنائه الذين قسوا عليه وسلموا قراره للآخرين الذين لم يرحمونا أيضا ولم يرحموا اصل العرب.
والى تفاصيل ماقاله المناضل والمؤرخ والسياسي الأستاذ سعيد احمد الجناحي:

بداية حدثونا عن ذكرياتكم عن تأسيس المؤتمر الشعبي العام وأنتم كنتم أحد الموسسين خاصة ونحن نحتفل بالذكرى الـ35 لهذا التأسيس؟
- لم يكن انشاء المؤتمر الشعبي العام من قبيل الترف السياسي وإنما جاء كضرورة وطنية على اكثر من صعيد ولعل أبرزها الحوار الذي كان قد بدأ بين قيادتي شطري الوطن حينها الذي جاء على اثر لقاء الكويت بين الرئيسين علي عبدالله صالح وعبدالفتاح اسماعيل من اجل السير في خطوات جادة لإعادة تحقيق الوحدة بين شطري اليمن
ففي الوقت الذي كان في جنوب الوطن قد تأسس الحزب الاشتراكي اليمني كانت الحزبية في الشمال محرمة دستوريا ولم يكن هناك لا أحزاب ولا حزبية ولا تعددية وكانت هناك فجوة او هوة سياسية نتيجة تحريم الحزبية فقام الرئيس علي عبدالله صالح بردم تلك الهوة بإنشاء المؤتمر الشعبي العام فجاءت فكرة انشاء كيان سياسي في الشمال يوازي الحزب الاشتراكي اليمني في جنوب الوطن.. وكان هناك اتفاق على توحيد هذين الكيانين السياسيين في كيان واحد ولكن في الحوارات التي سبقت إعلان قيام الوحدة اليمنية بأشهر تم الاتفاق على إعلان التعددية السياسية.
الشي الآخر وهذه حقيقة تاريخية ان الاخ الرئيس علي عبدالله صالح كان قد دعا الى حوار سياسي مع مختلف الاحزاب والمكونات السياسية التي كانت تعمل تحت الطاولة ومن ضمنها الحزب الديمقراطي الثوري الذي كان يعمل في الشمال ويعد فصيلاً للحزب الاشتراكي اليمني في جنوب الوطن وعلى ضوء ذلك جرت حوارات مطولة لعدة اشهر بين كل المكونات وسارت الامور بشكل طيب وتم تقريب وجهات النظر المتباينة رغم تشدد الإخوان المسلمين واصرارهم. على رفض الملاحظات التي تقدمنا بها وكذا إصرارهم على تمرير أمور وقفنا لها بكل صلابة وبكل تجرد عن اي مصلحة، فعلنا ذلك ليس بدوافع شخصية او حزبية ولكن بدوافع وطنية تعمل على توحيد الصفوف وتجنب الوطن ويلات الانقسام والتشظي.. ومن هنا بدأنا بصياغة مشروع الميثاق الوطني وكنت انا احد أعضاء لجنة الصياغة الى جانب عضويتي انا والاخ محمد الشيباني في اللجنة الدائمة للمؤتمر قبل ان اترك المؤتمر ليستمر الاخ محمد الشيباني بعدها. ومازلت اتذكر تشدد ممثلي الإخوان المسلمين والذين كان لهم الغلبة العددية في اللجنة ومنهم محمدحسين دماج الذي كان من المتشددين تجاه بقية ممثلي القوى والمكونات السياسية ولم يوافق الإخوان المسلمين على مشاركة المنظمات الجماهيرية المجتمعية في الحوار الذي لم تكن الطريق ممهده امامه او مفروشة بالورود ومع ذلك خرجنا بنتيجة تاريخية هي الاعلان عن انجاز وثيقة الميثاق الوطني وانشاء المؤتمر الشعبي العام كمظله سياسية انخرط فيها معظم المكونات الاحزاب والتنظيمات السياسية في الساحة الوطنية واصبح المؤتمر يشكل جبهة وطنية عريضة لولا تعصب الإخوان.. وهذا الشكل الجبهوي ذابت فيه التعددات والولاءات وأصبح الجميع يلتف حول فكرة كيف نبني الوطن وانهاء الانقسامات وبهذا العمل الحزبي او السياسي اصبح الجميع يعمل لخدمة الوطن وانتهت التوترات والمشاكل والاقتتال في المناطق الوسطى وكل انحاء الوطن اليمني وحقنت الدماء وتوقف العنف والعنف المضاد الذي كان حاصلاً من قبل.. وللامانة فقد حقق الاخ علي عبدالله صالح- رغم ان له سلبيات وله ايجابيات- حقق لليمن إنجازات عظيمة جعلتنا نندم على فترة حكمه ونتمنى العودة إليها.
ما الخطوات التي تم الاتفاق عليها مع الرئيس علي عبدالله صالح آنذاك؟
- من الخطوات التي تم الاتفاق عليها مع الرئيس علي عبدالله صالح إيقاف بث اذاعة صوت الجبهة التي كانت وبكل صراحة اذاعة حرب وتم الاتفاق على انشاء صحيفة «الامل» التي عُينت رئيساً لتحريرها وكانت بمثابة صوت العقل والمنطق والسلام الداعي للوحدة بدلاً من التمزق والتمترس الذي لاطائل منه غير مزيد من الانقسام والدمار..
ومن الأمور التي مازلت اتذكرها ان بعض الاخوة كانوا يخوفوننا من النظام في صنعاء بايحصل ويحصل ويتساءلون عن كيفية عملي في صحيفة «الامل» وما اذا كان هناك مضايقات او ملاحقات من الأجهزة المعنية في صنعاء فكنت اقول لهم ان طبيعة عمل الصحيفة استثنائي ورسالتها وطنية استثنائية وان كان هناك مضايقات فالرساله اكبر منا والوطن يستحق التضحية.. وكنا نعمل ونصدر الصحيفة من وسط العاصمة صنعاء بصفة منتظمة دون ان نتعرض لاي اعتقال او مساءلة من الجهات المعنية وعملت بكل حرية وكانت «الامل» الصحيفة الوحيدة في اليمن قبل الوحدة التي توزع في الشمال والجنوب دون اي تحفظ وكانت رسالتها واضحة رسالة محبة وسلام، وان كان هناك انتقاد فهو انتقاد موضوعي دون مزايدات، وهكذا سرنا في الدعوة لتوحيد الأفكار والجهود والمشاريع التي توصلنا الى الوحدة اليمنية التي أعلنت في عدن يوم 22مايو 1990م عبر سلسلة من الحوارات لان هناك نسبة كبيرة داخل الحزب الاشتراكي كانوا يرون ان الوحدة اليمنية يجب ان تتحقق بالحوار وليس بالقتال والاحتراب وهذا الخط المتعقل هو الذي تبنته صحيفة «الامل» وسارت عليه واسكتت به صوت المدفع واستبدلته بالقلم الذي ينطق بصوت الحق والعدل والتوحد والسلام بدلاً من الحرب والتشظي.
وقد كتبت في تلك الفترة كتابي المعنون بـ: «الحركة الوطنية اليمنية من الثورة الى الوحدة» وكنت قد عرضته على الاخ علي سالم البيض قبل الوحدة في عدن ليقوم بطباعته كون الكتاب يتحدث عن الوحدة اليمنية التي نحن بصدد الحوار حول تحقيقها، فقال لابد أن تشكل لجنة لمعرفة محتوى الكتاب أولاً ولم تتم طباعة الكتاب الا بعد اعادة تحقيق الوحدة اليمنية حينما زارني الرئيس علي عبدالله صالح في مكتبي بمكتب رئاسة الجمهورية كوني اعمل مستشاراً في المكتب بعد ان كان هناك مقترح مني ومن الاخ المناضل عمر الجاوي كمستشارين في رئاسة الجمهورية فاعترض الأخوان علي سالم البيض وعبدالكريم العرشي حينها، فتم تعييننا في مكتب الرئاسة فقال لي الرئيس علي عبدالله صالح بعد السلام ما هي مشاريعك يا عم سعيد فقلت له لدي هذا الكتاب الذي يتحدث عن الوحدة اليمنية وهو جاهز منذ مدة لم يطبع رغم أني اضفت شيئاً عن مراحل تحقيق الوحدة فقال ولماذا لا تطبعه فقلت له الإمكانات.. فوجه فوراً بصرف 17 الف دولار فسافرت للخارج وطبعت الكتاب ولم يسألني عن مضمونه ولم يشكل لجنة وهذا يدل على عقلية الرئيس صالح وتقبله افكار الآخرين.
كيف كان الوضع قبل تأسيس المؤتمر؟
- نشأ المؤتمر الشعبي العام في 24 أغسطس 1982م والبلاد تعاني من الانقسام والاحتراب والتشظي وتمكن جميع المنضوين في اطاره من تضميد الجراح ووقف القتال، من داخل وخارج المؤتمر الشعبي العام من الاحزاب والمكونات السياسية صوت العقل ووقف الدمار والخراب والحرب التي فتكت بكل شي في الوطن.. وأقول للجميع كونوا مع الوطن ولاتكونوا عليه واعلموا ان الذين سبقوكم قد ضحوا في سبيل الوطن بكل غالٍ ونفيس وكانوا يتسابقون على من يضحي بنفسه قبل الاخرين لأجل الوطن، ولا أبالغ اذا قلت اننا ضحينا حتى بأسمائنا فأنا مثلاً اسمي سعيد احمد الجوفي ولكن اسمي الحركي سعيد الجناحي، والشهيد عبدالفتاح اسماعيل كان اسمه عمر وهكذا كنا نعمل ونضحي من اجل الوطن..
أختم فأقول وبكل تجرد عن اي مصلحة عدا مصلحة الوطن: احرصوا على اليمن قبل ان تندموا في وقت لاينفع فيه الندم.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 07:45 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-51222.htm