عبدالله محمد الارياني - عاش اليمن واليمنيون قبيل ثورة الـ26 من سبتمبر عقوداً من حكم الظلم والضلال مخيماً عليها بشبح الفقر والجهل والمرض، ممارساً معها كل اشكال انظمة العبودية والاستبداد، جاعلاً من اليمن والمواطن اليمني في عزلة تامة عن عالمه الخارجي الذي كانت عجلة تنميته تسير بوتيرة عالية، بينما اليمن في ظل ذلك النظام الكهنوتي كانت عجلة تخلفه تسير ايضاً بوتيرة عالية وعودة به للعصر الحجري الذي ساده قانون الغاب.
حكمٌ مارس الاستبداد والغوغائية السياسية وانتهج الانتقائية السلالية لكل من يمتد اليه باية صلة، وما دونهم فهم بمثابة العبيد لفئة حاكمة استأثرت بكل شيء ومارست القمع والاقصاء من كل شيء بحق كل من يناهضها كما كان مشهوداً انذاك.. فأتت ثورة الـ26 من سبتمبر لتقضي على عصر اتسم بالفقر والجهل والمرض والتخلف والعبودية والاستحواذ على مكتسبات الوطن والمواطن، ولتقول للطاغي كفى فقد اشرقت شمس الثورة يتبعها نور الحرية والمساواة حاملة معول البناء والتنمية.
ثورة واجهت منذ فجرها الاول الكثير والكثير من المؤامرات والعراقيل والمعوقات الناتجة عن عوامل عدة، منها ما هو داخلي تمثل بانقسام الشعب بين اغلبية مؤيدة لها وقلة معارضة بعد أن خسرت معه بعض الجاه والمميزات أمام قانون الجمهورية ومعاييرها في العدالة والمساواة، وعوامل اخرى اقليمية تمثلت بالدعم اللوجيستي لأعداء الثورة ليس حباً لبقائهم على سدة الحكم وانما حرصاً على بقاء اليمن في حالة اللااستقرار سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، ايضاً ذلك العامل الدولي الذي مازال حتى اليوم يغذي العامل الاقليمي كوسيط ووسيلة لزرع القلاقل والنزاعات الضيقة لاشعال نيران الصراعات بين ابناء الوطن تحت مسميات عدة لايهمه فيها من يحكم بقدر ما يهمه أن لا يستقر اليمن والمنطقة العربية برمتها لتمرير مخططاته.
رغم ذلك لم يكترث الثوار لكل ذلك فعزموا السير قدماً فتحدوا المعضلات وذللوا الصعاب وذوبوا الاشكالية بحنكة وحكمة ومرونة عالية، فبلغوا غايتهم المتشودة من الثورة بقيام نظام جمهوري ذي سيادة مستقل بقراره، يعمل على بناء المؤسسات والمرافق الوطنية ويشيد الطرق والجسور وينشئ المدارس والجامعات، ويحافظ على الحقوق العامة والخاصة ويصون الارض والعرض ويحمي الخصوصيات والمعتقدات والحريات، ويحقق الوحدة بين شطري الوطن، ويرسخ النهج الديمقراطي التعددي، بانياً جيشاً عظيماً يحمي اهداف ومكتسبات الثورة بشكل مرحلي، ويسعى قدماً لانفتاح اليمن على العالم وبناء علاقات دبلوماسية واسعة يضبطها ايقاع دستور وطني يشدد على مبدأي الحياد والمعاملة بالمثل على صعيد المعاملات والتمثيل، فكانت بذلك الجمهورية اليمنية عضواً فاعلاً وفعالاً في جميع المحافل الاقليمية والدولية. فثورة 26 سبتمبر اقبلت بنورها الجمهوري المتجدد على شعب الايمان والحكمة، فانطلاقاً من قاعدة الوفاء بالوفاء لثورة أحيت بنورها اليمن واليمنيين افراداً وجماعات ومؤسسات شعبية ورسمية، وعرفاناً بتضحيات جسام بُذلت ليحيا شعب اليمن كبقية الشعوب، وليعود إلى موقعه الطبيعي على خارطة الانسانية الاممية..
فحقاً علينا لها ولهم أن نجعل كل بيت يمني بحالة عرس وطني ليرقص الوطن على ايقاع اهازيجه واناشيده، ولترفرف رايته خفاقة تتمايل بغناج مع صديح حناجر ابنائه ومنابره الاعلامية بنشيد الوطن، وإنْ تطلب إحياءها أن تشعل الاصابع من اجلها مشاعل تليق بسموها، يبقى ذلك لا شيء امام تضحيات جعلت من ماضي اليمن وحاضره ومستقبله مشرقاً..
فعشت يا سبتمبر التحرير يافجر النضال، وعهداً مقدساً علينا تخليد ذكراك، فنحن الشعب نواتك ونحن مصدر السلطات، والزلزلة العاتية.. أنا الشعب.. أنا الشعب.
الله..الوطن..الثورة..الوحدة.. المجد والخلود للشهداء.. الشفاء العاجل للجرحى.. النصر لقضية امتنا.. ولانامت اعين الجبناء والصهاينة الجدد..
|