عبدالرحمن مراد - الحديث عن اليمن منذ عام 2011م لم يعد حديثاً صادقاً عند مختلف القوى التي آثرت الارتهان لأحضان الآخر المغاير وتستغرق نفسها في مشاريعه التي أصبحت من الوضوح بالمكان الذي لا يمكن نكرانها فيه، ويبدو أن المرحلة أصبحت في محك المراجعة خاصة بعد أن كتب الدكتور ياسين سعيد نعمان مقاله الذي بعنوان «دجاج الخرابة» مهدداً في محتواه ومضمونه بكشف المستور من الأوراق، ورد اليدومي على لسان أحد الكتبة عنده والذي نشره في صفحته.
كلام الدكتور ياسين في «دجاج الخرابة» كان موجهاً وصريحاً ويشير ضمناً الى الذين تاجروا بالوطن وباعوا الثورة والوحدة، وهم يصرون اصراراً عجيباً على أنهم لم يفعلوا وأنهم يحسنون صنعاً، تماماً كما فعلوا مؤخراً مع موضوع عبدالله صعتر الذي تحدث بما لا يدع مجالاً للشك والتأويل بجواز قتل أربعة وعشرين مليوناً حتى يحيا مليون -كما يقول- في حرية، ثم ذهب الى تويتر ليغرد قائلاً إن الانقلابيين قاموا بتحريف كلامه عن مواضعه وأنه لم يقصد ذلك وإنما قصد لو قتل الانقلابين أربعة وعشرين مليوناً ولم يبق إلاّ مليون من سكان اليمن لكان ذلك فضلاً كبيراً حتى يعيش المليون في حرية.. وصعتر شأنه شأن غيره من قادة الاخوان الذين تأخذهم العزة بالإثم ويستنكفون عن الاعتذار والعودة الى الصواب، فالهجوم الذي شنه إعلام الاخوان على الدكتور ياسين كان سبباً مباشراً في بيان غبائهم وقد دلَّ ردهم على الدكتور على فقدان القيمة الاخلاقية، وفقدان القيمة الاخلاقية مؤشر خطير إلى الوضع الذي وصل اليه المرتزقة، وفي السياق ذاته يحمل بشرى الانهيار والهزيمة، فالثابت أن أي قوة في التاريخ تبدأ بثبات أخلاقي، والهزائم تبدأ بانهيار اخلاقي وقد وصل اليه المرتزقة كما تدل المعطيات والتفاعلات في الواقع.
هذا المؤشر يقابله مؤشر آخر، فهادي الذي يدعي الشرعية ويدعي تحرير 70% من الأرض من سيطرة الانقلابيين لا يستطيع العودة الى قصر المعاشيق، وقصر المعاشيق بيد المستعمر ويتواجد فيه المندوب السامي الإماراتي.. ويذهب به الشطط الأخلاقي في حواره مع «العربية» الى القول بالخيار العسكري لاستعادة الدولة من يد الانقلابيين، في صورة تراجيدية لا أظن أننا سنرى مثلها، في حين أن الأرض التي يدعي تحريرها لا يستطيع أن يتواجد فيها أو يعود إليها هذا أمر، الأمر الآخر أن ولي نعمته يخالفه القول ويرى استحالة الحسم العسكري ويذهب الى خيار الحل السياسي في خطابه الذي تلاه الجبير في الأمم المتحدة، وهذا الانهيار الاخلاقي تناولته وسائل الاعلام العربية والعالمية بالتحليل، اذ رأى البعض أن هادي ومن حوله من القوى العميلة جزء من المشكلة ولن تأخذ السعودية برأيه في الحل وهذا ما يدل عليه تاريخ العملاء في كل التاريخ.. ورأى آخر في التناقض بين موقف هادي والجبير أن هادي يريد البقاء في السلطة بأي شكل من الاشكال، والسعودية تريد ماء الوجه.. ويذهب آخرون الى القول إن تصريحات هادي خداع سعودي لإظهاره كممانع في حين تبدي هي رغبتها في السلام لتحسين صورتها أمام العالم، وفي ذلك انهيار اخلاقي لهادي وزمرته ومن شايعه، وهو مبشر للقوى الوطنية بالهزيمة العسكرية والسياسية والثقافية التي باتت مؤشراتها تقرع أبواب النصر وتتحدث بصوت الحقيقة.
يقول مايكل هورتن كبير خبراء الشئون العربية في مؤسسة تاون: «يجب أن يصنف هادي كأول رئيس في التاريخ يدعو قوى أجنبية لمواصلة قصف وتجويع شعبه، وتدمير بلده».
لقد فشل هادي في إدارة التناقضات حيث أراد أن يضرب القوى الوطنية بعضها ببعض ويدير البلد بسفراء الدول العشر وبقرارات أممية، وحين تغرق القوى الوطنية في مستنقع الدم كان يعد نفسه في الطرف المقابل كمنقذ وكبطل اسطوري ولم يدر في مخيلته أن صورته لن تتجاوز الصورة التي رسمها مايكل هورتن «رئيس خائن دعا قوى أجنبية لقصف بلاده وتجويع شعبه، ورئيس عاجز ومنبوذ من شعبه ويعيش مغترباً خارج وطنه» هذه هي صورته التي سوف يتحدث عنها التاريخ.. وفي المقابل سوف يتحدث التاريخ عن المؤتمر والزعيم وأنصار الله كقوى وطنية قاومت العدوان وانتصرت عليه بثباتها الاخلاقي وبقيمها، ويسرد علي مسامع الاجيال أن هذه القوى رفعت شعار اليمن أولاً وانتصرت لليمن وللأجيال من قوى الشر والظلام والقتل والدمار.
كل المؤشرات التي يبعثها الواقع اليوم تقول بانهيار أخلاقي لقوى العمالة، وبالتالي بالهزيمة النفسية والعسكرية والثقافية
|