أمين الوائلي -
* خلال الأسابيع الأخيرة الماضية حاولت بعض التناولات الإعلامية الاصطياد في مياه العلاقات اليمنية السعودية وكان أكثر من مخيب أن يهدر البعض جهداً ووقتاً في اصطناع قضية خلاف لا وجود له أو تمني حدوث قطيعة بين الأشقاء.
* لا الخلاف كان ولا القطيعة صدقت وظهر بجلاء أن الصيد في هذه المنطقة غير مجدٍ ولا ممكن لأسباب وعوامل كثيرة وكبيرة اجتمعت كلها في معنى عبارة صريحة ومباشرة مؤداها "ممنوع الاصطياد هنا"!.
* البعض فهم الدرس وكف محاولاته، والبعض واصل الإصغاء لتهيؤاته وافتراضاته الخاصة ولم يكد هذا الصنف الأخير والمتأخر دوماً يقوى أو يرغب حقيقة في تصديق الواقع والاعتراف بخطأ فرضيات القراءة بعيون النائمين!.
* الذين يهمهم أمر الجيرة والشراكة واستثمارهما لمصلحة علاقة أمتن وتعاون أوثق بين البلدين الشقيقين والجارين يستطيعون دائماً التفاؤل ومواصلة العمل بما تمليه أنموذجية الحالة الايجابية والمتطورة باستمرار في سياق الجيرة الأقرب والترابط المصيري والشراكة الواحدة.
* وإذا كانت ظروف موضوعية وفنية مختلفة قد اقتضت أن يتأجل - لبعض الوقت لا أكثر- اجتماع مجلس التنسيق اليمني السعودي عن موعده المحدد سلفاً فإن ذلك ليس أمراً مستغرباً في مثل هذه الإجراءات بين الدول والحكومات الشقيقة أو الصديقة ولا هو بالحدث الفارق والفجائي الذي يمكنه أن يوفر مادة للتشكيك أو الطعن في شيء من جدية البلدين وتوجههما نحو اندماج أكثر كفاءة وأوفر نجاحاً.
* على أن الانعقاد الأخير لاجتماع مجلس التنسيق الـ18 في العاصمة السعودية الرياض يوم الثلاثاء الماضي قد جسد في مضامينه ونتائجه المتحصلة إجابة عملية وأخيرة على كافة التساؤلات السابقة وعطل كافة الافتراضات والافتراءات التي رافقت أيام وأسابيع التأجيل.
* ما من شك إن الموسم المنصرم -خلال الصيف- قد شهد قدراً من المماحكة والمناكفة على الصعيد الحزبي والسياسي في المشهد الوطني وخلال ذلك عمد وعمل فرقاء الأزمة المختلقة على افتعال الكثير من البؤر والتأزمات ومكاثرة العويل والصخب في زفة الموسم الملوث بالكثير من التحريض والتحريك السلبي في الشارع.
* وشهدنا أياماً استعادت الجماعات الحزبية والدعائية خلالها كفاءاتها - المحبطة- في استخدام موروث بائد وأوراق بالية ومهترئة، لم تعد قابلة للعمل أو للاستخدام في الزمن اليمني الجديد.
* لم تعد ورقة أو قضية أو شعار من تلك التي عفا عليها الزمن الوحدوي إلا وأقحمها الفرقاء في معركة الاحتقانات والأزمة المبذولة، وتخلى اللاعبون عن شروط الكفاءة واللياقة والمسئولية.. وفاحت لغة موبوءة بأمراض الرجعية والشطرية والمناطقية والجغرافية.
* وإذا فشلت الجهود والمحاولات كافة في أن تخلق أزمة ماحقة أو انكساراً عميقاً في المرحلة والتجربة الوطنية يمكنها من التسرب خلاله، فإن المحاولات امتدت إلى أفق الجوار والمحيط الخليجي وكانت مكشوفة تماماً.
* الهروب من فشل التأزيم الداخلي عنى أو اقتضى وقوعاً في محظور أكبر وهو محاولة التشكيك في طبيعة العلاقات اليمنية السعودية واختلاق حيثيات مجهدة يمكنها التصديق على حصول أزمة ما، أو قطيعة حادة بين البلدين الجارين والشريكين الملتزمين.
* تعميم الخراب، وتوسيع دائرة القلق والتشكيك في كل قضية وتوجه، كان خياراً انتهازياً لجأت إليه الآلة الحزبية والإعلامية المواكبة خلال حملة موسم أريد إزهاقه تحت يافطة "النضال السلمي" وقضايا مطلبية وحقوقية مجتزأة عن سياقاتها الأدبية والقانونية.
* في كل الأحوال "قد تأثرت التنمية ومجالاتها، قليلاً أو كثيراً، بسبب تلك التصرفات والأفعال المجاهرة بالأزمة في وجه المجتمع- والجميع، ولكنها آلت آخر النهار إلى همود وتراخ، مع توجهات جادة من الرئاسة والحكومة لحلحلة القضايا والتعامل مع الملفات بمرونة وحزم ما حرم المتاجرين بالقضايا من وقود إضافي لمواصلة الزعيق.
* وبالنسبة للعلاقات اليمنية السعودية، واليمنية الخليجية عامة فإن جميع التقولات في هذا السياق كانت تكذّب نفسها- مع كونها أيضاً إنما كانت تكذب على نفسها جهاراً .. نهاراً.
* نجاح اجتماع الرياض مؤخراً يمنح الشراكة دفعة جديدة، والتزاماً مشتركاً بالمضي قدماً نحو نجاحات متعاظمة لمصلحة الأشقاء جميعاً.
* ويبقى القول أن الشراكة مع الجوار الخليجي ليست قضية حزب أو جماعة بعينها، ولكنها قضية يمنية بامتياز ووطنية بدرجة قصوى.
وعلى الجميع في المشهد الحزبي الابتعاد عن المراهنات الفوضوية في هذا الإطار واحترام مصلحة اليمن واليمنيين لا مصالح أحزابهم، الخاسرة.