الميثاق نت -

الأربعاء, 01-نوفمبر-2017
مطهر تقي -
في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي إبان الثورة الإيرانية بقيادة الخميني ضد حكم الشاه، ظهر بقوة مفهوم التشيع السياسي، فالساسة ووسائل الإعلام المؤيدة للثورة الخمينية يعتبرون ثورة الخميني «معتنق المذهب الإثنى عشري» ثورة إسلامية ستعيد للإسلام قوته ضد الاستكبار العالمي بقيادة أمريكا وضد الأنظمة الإسلامية المؤيدة للأمريكان، وبالمقابل تصدى لاولئك ووسائل إعلامهم ساسة وانظمة يهاجمون الثورة الفارسية العنصرية ومذهبها الإثنى عشري المتطرف ضد غالبية المسلمين السنة فحدث الشق العميق بين المسلمين وقد ظهر ذلك جلياً في صراع المصالح الشيعية الإثنى عشرية والسعودية الوهابية في العدوان الغاشم على شعبنا اليمني وتحت ذريعة عودة الشرعية ووقف المد الإيراني في اليمن بقيادة الحوثيين الروافض.
وما يهمنا هنا هو المفهوم السياسي المتداول على ألسنة الإعلاميين والساسة «لدول العدوان ومؤيديهم» من أن الزيدية هم جزء من الشيعة الروافض المؤيدين للإثنى عشرية وللسيطرة الإيرانية على اليمن.
فإذا ما تعرفنا إلى المفهوم اللغوي لكلمة التشيع فهي تعني المحب أو المحبين للنبي وآله، وهذا يعني بالتأكيد أن كل المسلمين هم شيعة، فمن من المذاهب الإسلامية لا يحب ويقدر ويحترم ويجل النبي وآله الطيبين الطاهرين؟ ويكفي المسلمين أنهم يصلون على النبي وعلى آله الطيبين الطاهرين في كافة صلواتهم... ثم أن الإمام زيد رضي الله عنه كان من خيرة الأئمة الطيبين الطاهرين الذين أثروا الفكر الإسلامي بالاجتهاد العظيم وسجل أعظم موقف ضد انحراف الخليفة هشام بن عبدالملك وحكمه الظالم وسجل موقفاً عظيماً كذلك ضد غلاة الشيعة المتعصبين من الخوارج الذين التفوا لنصرته ولكنه عارضهم حين سألوه عن موقفه من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فقال لا أقول فيهما إلا خيراً وما سمعت أحداً من أهلي تبرأ منهما وحين اشتد جدالهم معه قال لهم اذهبوا فأنتم الرافضة... وقد كان رضي الله عنه موضع غضب غلاة الشيعة وموضع غضب الأمويين كذلك فالغلاة خذلوه والظلمة قتلوه «في 25محرم 122هـ»... وظل فقهه منارة للعقل والوسطية وحبه لآل البيت والصحابة واضحاً وضوح الشمس ورؤيته للحكم والسياسة بين الفاضل والمفضول عادلة وبعيدة عن التعصب، ويكفي الإمام زيد بن علي ومذهبه العقلاني الوسطي أنه الأقرب إن لم يكن المتطابق مع فقه السنة «المذاهب الأربعة» ويختلف مع الإثنى عشرية لدرجة أنها لا تعترف بإمامته وإمامة والده أيضاً فقد جعل مصدره بعد القرآن كافة الأحاديث النبوية الصحيحة المروية عن آل البيت وغيرهم من الرواة، وكان إجمالاً رضي الله عنه الأقرب في سياسته إلى سياسة جمهور المسلمين، يجمع كلمة المسلمين ولا يفرقها أو يتعصب ضد بعضها... إن شخصيته ومذهبه باختصار رمز للإمام العادل لكافة المسلمين، ومذهبه منارة علم يهتدي بها كل مسلم ومن اي مذهب كان.
وخلاصة القول فالزيدية بعيدة عن المفهوم السياسي الضيق المتداول اليوم عن التشيع المتطرف الذي يحاول غلاة السياسة الدينية جرها إلى خضم الصراع السياسي الإيراني الانتهازي والوهابي المعتدي الذي يجتهد كل منهما لجعل اليمن مسرحاً للصراع المذهبي بادعاءات باطلة هدفها إثارة الفرقة بين المذهب الشافعي والزيدي، وغطاء سياسياً قبيحاً لدعوة أولئك الغلاة الذين يدعون من جوار الكعبة المشرفة الى الجهاد ضد الروافض، ويدعون الله كذلك أن يهلك المجوس الكفرة من اليمنيين....فلا حول ولا قوة إلا بالله، وأسال الله أن يجنب اليمن شر التعصب والدعوات السياسية الضالة أياً كانت طبيعتها، ويجمع اليمنيين على كلمة سواء لما فيه خير وأمن وسلامة اليمن.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 09:26 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-52088.htm