محمد شرف الدين - العلاقات اليمنية- المصرية علاقة يصعب أن توصفها الكلمات لأنها أعظم عمقاً ورسوخاً في وجدان الشعبين الشقيقين على مدى التاريخ، وفي ستينيات القرن الماضي تعمدت بالدماء الطاهرة لشباب البلدين في معارك الدفاع عن الثورة والجمهورية بقيادة مصر عبدالناصر الذي قاد معركة تاريخية اطاحت بالاستعمار والرجعية والعملاء وحررت شعوب الامة عدا بعض اوكار الاستعمار وفي المقدمة السعودية ،لكن مصر اصبحت ذات ثقل عالمي ولا يستطيع احد ان يتجاوزها ولاتزال تعد رغم كل الاوضاع والمتغيرات في العالم والمنطقة منارة لكل العرب وفي المقدمة الشعب اليمني.
أعداء الأمة العربية ومنها ال سعود ظلوا طوال نصف قرن يحيكون المؤامرة للانتقام من مصر وجيشها العظيم مع اعداء الامة وفي المقدمة الكيان الصهيوني، وكانت هزيمة حزيران عام 1967م واحدة من تلك المؤامرات والتي باتت خفاياها تتكشف اليوم للجميع ..فلم تكتف السعودية بذلك وطرد الالاف من ابناء الشعب المصري ومحاربتهم، بل سعت لضرب العلاقة المتجذرة في وجدان الشعبين عبر محاولات عزل اليمن اقتصادياً وتعليمياً وثقافياً.. الخ، طوال نصف قرن من الزمن ، فوجدوا ان هدفهم صعب المنال ، لذا تعمد النظام السعودي زج مصر في مؤامرة العدوان على اليمن في محاولة لضرب العلاقات المقدسة التي تربط الشعبين الشقيقين من خلال هذه المعركة القذرة .فرفضت مصر المشاركة في العدوان بجيوش برية, فما كان من السعودية إلا ان تورط مصر في المعارك البحرية والتحكم بالموقف المصري في المحافل الدولية.
ويتضح الدور السعودي الحاقد والمنتقم من مكانة ودور مصر وما تحظى به من تقدير واحترام في المحافل الدولية فيما يقوم به الوغد عادل الجبير وزير الخارجية السعودي الذي يتعمد مسخ وتشويه مواقف مصر المعروفة والمشهودة بتاريخها الناصع في العمل السياسي والدبلوماسي والثقل الكبير وتقديمها كمجرد تابعة تأتمر وتتحرك وفق ارادة الجبير والذي بات فعلاً يقود الدبلوماسية المصرية لخدمة اجندة النظام السعودي ..
والمحزن هنا ان الجبير صار وبكل وقاحة يتعامل مع العاملين في السلك الدبلوماسي المصري العريق كموظفين عاديين لديه يعملون بـ(نظام الكفالة) ويحق له ان يسرح منهم من يشاء ويستبدله بمن يريد .
ومن أقبح صور ذلك ما نلاحظه من تحكم سعودي لعدد من سفراء مصر في الدول الكبرى والمنظمات الدولية وفي المقدمة مندوبوها وفي جنيف ولدى الأمم المتحدة في مجلس الامن المدعو عمرو عبداللطيف أبو العطا، المولود في الجيزة عام 1957م والحاصل على عشرات المؤهلات الرفيعة والخبرة الطويلة في العمل الدبلوماسي ، لكنه اصبح مثله مثل سفير مصر في جنيف يسخّران كل علمهما وخبراتهما لخدمة المؤامرة السعودية ضد اليمن وبشكل مبتذل وباتا مثار سخرية لدى كل الدبلوماسيين في المنظمة الدولية، والذين لم يستطيعوا أن يستوعبوا أن دولة بحجم مصر التي لها مكانة عالمية في السياسة الدولية وظلت تحركاتها بالمحافل الدوليةً لعقود محل احترام وتقدير معظم دول العالم.. وكانت الدول العربية والاسلامية والآسيوية والافريقية وأمريكا اللاتينية يدعمون بشكل مطلق مصر وسياساتها لثقتهم بعظمة مواقفها وحرصها على الانتصار لقضايا شعوب العالم .
صدمة شديدة ألحقها نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي بكل الدبلوماسيين والمراقبين السياسيين وهو يضع سياسة مصر الخارجية تحت الوصاية السعودية، لذا لا عجب ان يتحرك السفير عمرو ابو العطا بعد 35 سنة من العمل الدبلوماسي لتنفيذ توجيهات وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، ويسخر كل خبراته وجهوده ضد الشعب اليمني ويبرر سياسة حرب الابادة والدمار التي ترتكبها السعودية بطرق مبتذلة ومخجلة وبحسب ما يمليه عليه السفير السعودي عبدالله المعلمي .
وفي الوقت الذي نجد أن مصر وفي سابقة هي الأولى منذ تأسيس اسرائيل عام 1948م تصوت في أواخر ابريل 2016م لصالح اسرائيل لمنحها عضوية كاملة لإحدى الهيئات التابعة للأمم المتحدة (لجنة الاستخدامات السلمية للفضاء الخارجي) ، في الوقت ذاته نجد مصر تقف في مجلس الأمن بوحشية تؤيد استمرار الحرب العدوانية السعودية على اليمن ويدفع السفير السعودي مندوب مصر في مجلس الامن ليقوم وبصورة مبذلة ومهينة للدبلوماسية المصرية ولشعب مصر العظيم، بالدفاع عن جرائم السعودية والمطالبة بتشديد الحصار على الشعب اليمني، في الوقت الذي يقف سفير السعودية يرقب اعضاء مجلس الامن وهم في حالة ذهول من سقوط مصر في لعبة قذرة كهذه.. .
ولا ننسى الاشارة الى الدور القذر الذي لعبه عمرو رمضان سفير مصر في مجلس حقوق الإنسان في دورته السادسة والثلاثين التي عقدت في سبتمبر 2017 ، في اجهاض مشروع القرار الهولندي الكندي وبلجيكا وايرلندا بشأن تشكيل لجنة تحقيق دولية في انتهاكات حقوق الانسان وما ترتكبه السعودية من جرائم حرب في اليمن ، غير ان مصر والتي ترأس المجموعة العربية عملت وفقاً لتوجيهات السعودية للعام الثالث على رفض تشكيل لجنة تحقيق دولية في اصرار واضح على محاولة التستر على دماء الضحايا من اطفال اليمن وغيرهم من المدنيين ، حيث مارست المجموعة العربية برئاسة مصر كل الضغوط للحيلولة دون اصدار قرار بتشكيل لجنة تحقيق دولية .
ووصلت بجاحة السفير المصري الى القول : إن المجموعة العربية رفضت محاولات هولندا وبعض الدول لفرض وصاية على اليمن بدعوى أنها من أكبر المانحين، وكأن المال منحها الحق فى التحكم لمصير اليمن، لا سيما وأن القرار الهولندي يؤثر بالسلب على الأوضاع السياسية على الأرض، ومن ثم يتعين على مجلس حقوق الإنسان أن ينأى بنفسه عن تبنّي قرار لا يتفق مع الولاية التي أنشئ المجلس من أجلها.
إننا نفضح اقذر ادوات العدو السعودي والذين يندرجون ضمن طابور كبير ممن يتآمرون على مصر ارضاً وشعباً ومكانة عالمية ويتآمرون على اليمن ويسعون واهمين لضرب العلاقات التاريخية بين البلدين والشعبين الشقيقين المعمدة بالدم .
|