الميثاق نت -

الأحد, 19-نوفمبر-2017
د‮.‬عبدالرحمن‮ ‬أحمد‮ ‬ناجي -
في ظل المرحلة المفصلية غير المسبوقة التي يعيشها اليمن العظيم الإنسان والأرض اليوم في التاريخ المعاصر، التي تضافرت فيها أيادي اليمانيين الوطنيين من أحفاد التبابعة والأقيال للتصدي لأطماع الحمقى والمغفلين في النيل من وطننا الحبيب وإيجاد موضع قدمٍ لهم على أرضه الطاهرة، تبرز من حين لآخر بعض الطفيليات والنكرات الشاذة التي تتسابق وتتباري في ما بينها في التطاول على المؤتمر الشعبي العام، ويصل الأمر ببعض المأزومين والمعتلين نفسياً الذين نسأل الله لهم أن يشفيهم ويعافيهم مما حاق بعقولهم من المس الذي أعمي بصائرهم قبل أبصارهم‮ ‬لدرجة‮ ‬الاستماتة‮ ‬في‮ ‬الذم‮ ‬والقدح‮ ‬والإساءة‮ ‬لهذا‮ ‬التنظيم‮ ‬ولرموزه‮ ‬الوطنية‮.‬
يظن هؤلاء وتزين لهم عقولهم الموحلة أن بمقدورهم وفي مستطاعهم وبمنتهى السهولة واليسر، طمس الحقائق وتغييبها وتزييف الوقائع الملموسة التي بات يشهد بها الأعداء قبل الأصدقاء، واللهو بعقول مواطنيهم والتغرير بهم واقتيادهم وهم معصوبو الأعين خلف أطروحاتهم الغبية المفضوحة المتناهية في السذاجة والسماجة، حينما يوجهون حِرابهم وسهامهم المسمومة بكل الوسائل الإعلامية المملوكة لهم والواقعة تحت أيديهم نحو المؤتمر الشعبي العام، وهو الكيان التنظيمي الأسطوري العملاق الأعظم في الجمهورية بلا منازع على الإطلاق، وهو الكيان السياسي الذي يكفيه فخراً أن العالم بأسره من أقصاه إلى أقصاه قد شهد له بأنه الحالة الاستثنائية الوحيدة في الوطن العربي خلال الأعوام الماضية التي لم يكن مصيرها الزوال والاندثار والحل والتفكك وهو واقع الحال مع كافة الأحزاب السياسية التي كانت ذات يوم صاحبة القول الفصل في كل شاردة وواردة في بلدانها لعشرات السنين، حينما كان زعماؤها ومؤسسوها متربعين على كراسي الحكم فيها وبأيديهم صولجانه، فلما نجحت المؤامرات الصهيونية في إزاحتهم القسرية من بروجهم العاجية المشيدة صارت تلك الأحزاب أثراً بعد عين.
شاء الله أن تهب على وطننا العربي موجة رهيبة من العواصف والأعاصير والمحن والابتلاءات منذ مطلع العام 2011م، فأزالت الكثير من الأسماء والوجوه وقذفت بها خارج ذاكرة شعوبها، وصارت موضعاً للعبرات والعظات والدروس لمن يعي ويفهم ويتدبر ممن سيليهم ويخلفهم، وشكلت تلك الأحداث محطة مهمة للغاية حملت في طياتها خليطاً من الاختبارات والفحص والتمحيص »فأما الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ«، وليبقي الذهب ذهباً خالصاً لا يتغير ولا يتبدل ولا‭ ‬يفقد‮ ‬قيمته‮ ‬ولا‭ ‬بريقه‮ ‬ولا‭ ‬لمعانه‮ ‬مهما‮ ‬تعرض‮ ‬للطمر‮ ‬والغمر،‮ ‬ومهما‮ ‬أهيلت‮ ‬عليه‮ ‬الأتربة‮ ‬والرمال‮ ‬أو‮ ‬المياه‮ ‬الراكدة‮ ‬أو‮ ‬المتحركة،‮ ‬ومهما‮ ‬علقت‮ ‬وأحاطت‮ ‬به‮ ‬الشوائب‮ ‬والطفيليات‮.‬
وفي وسط تلك المدلهمات الجسام ظل المؤتمر الشعبي العام عصياً على الانحناء والانكسار والتصفية، وظل تنظيماً سياسياً وسطياً رائداً جامعاً لكل مواطني الجمهورية اليمنية بعيداً كل البعد عن الغلو والتطرف، وظل ومازال موضع ثقة الغالبية العظمى من مواطنيه سواءً أكانوا من المنتمين سياسياً إليه أو من المناصرين له أو من المعلقين آمالهم وتطلعاتهم وطموحاتهم عليه كربان ماهر يراهنون على امتلاكه كل المهارات اللازمة لإنقاذ سفينة الوطن التي تتقاذفها الأمواج العاتية والأنواء الصاخبة في محيط هادر متلاطم متجرد من كل العواطف والمشاعر والقيم والمبادئ والأخلاقيات، تلك السفينة التي تكالب عليها كل المتربصين بها والطامعين فيها، والتي تحمل على ظهرها - للأسف الشديد - من يجتهدون في السعي بكل ما وهبهم الله من قوة للانحراف بها عن مسارها ولو كلفهم ذلك خرقها والإطاحة بكل من يعتليها بمن فيهم هم أنفسهم‮.‬
ولمن مازال على جهالة من هؤلاء الذين يصفون المؤتمر الشعبي العام بالعمالة والخيانة والارتزاق نقول : راجعوا أنفسكم، ولتكفوا عن الاستمرار في المضي في رهانٍ خاسر، فالمؤتمر الشعبي العام نبتٌ يمنيٌ خالص في أصوله وجذوره، فقد ولد ووجد ونما وترعرع من وفي ثنايا رحم التربة اليمنية الطاهرة، بكل ما تحمله في جوفها من ثراء وتنوع فكري ومعرفي وتعدد سياسي وحزبي مستند دون شك للتعاليم الإسلامية السمحة، وليس مجرد نظرية مستوردة من مشارق الأرض أو مغاربها، قد تتقبلها وتستوعبها البيئة اليمنية وقد ترفضها وتلفظها تماماً كما تلفظ البحار الجيفة المنتنة من جوفها، وهذه واحدة من أوجه القوة والتمكين لديه، فليس فرعاً قُطْرياً لأي تنظيم سياسي إقليمي أو دولي، ولا يتبنى أيديولوجية سياسية أو فكرية معينة غريبة أو شاذة أو متناقضة مع خصوصية المجتمع اليمني، ولا يتلقى تمويلاته من غير مواطنيه للمحافظة على‮ ‬بقائه‮ ‬وديمومته‮ ‬إقامة‮ ‬أنشطته‮ ‬وفعالياته‮.‬
والمؤتمر الشعبي العام لمن لا يتذكر من أولئك المنبرين لمهاجمته واتهامه زوراً وبهتاناً وحمقاً وجهالةً أو بمكرٍ وخسةٍ وخُبْثٍ ونذالة بالعمالة والخيانة والارتزاق، قد أصدر ومع اكتمال العام الأول من العدوان قراراً تنظيمياً تطهيرياً مُعلناً قضى بفصل وإنهاء عضوية كل الخونة الموجودين خارج الوطن المتورطين في استباحة الأرض والعرض وإهدار الدماء اليمانية، وأعلن للعالمين براءته منهم، وأنه لم يعد له بهم أي صلة تنظيمية، وأنه قد استأصلهم وبترهم من كيانه التنظيمي، وأنهم بالتالي لا يمتلكون أي حق أو صفة في تمثيله أو التحدث باسمه‮ ‬خارج‮ ‬الوطن‮.‬
والمؤتمر الشعبي العام هو الكيان السياسي الوحيد الذي يسمح بالمعارضة والاختلاف بداخله دون تجريم أحد من المنتمين إليه أو تخوينه، وهو الكيان التنظيمي الوحيد الذي لا يستعلي المنتمون إليه ولا يستكبرون علي من لا يشاركهم بذلك الانتماء، فلا ينظرون إليهم بدونية أو تحقير أو ازدراء، ولا يدَّعي أعضاؤه الأفضلية الدينية أو المذهبية، ولا ينسب أعضاؤه لأنفسهم أنهم من أهل الصفوة الذين يحظون بمكانة خاصة بالقرب من الذات الإلهية، ولا يتغنون أو يتباهون على أقرانهم من باقي البشر من أولاد آدم عليه السلام بأنهم أصحاب الفضل والأحقية بالزعامة والريادة والمُلْك والحكم لانتمائهم وراثياً أو جينياً لسيد الخلق أجمعين الحبيب المصطفى صلي الله عليه وآله وسلم وهو القائل لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها، والقائل الناس سواسية كأسنان المشط لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى.‮. ‬أو‮ ‬كما‮ ‬قال‮ ‬صلى‮ ‬الله‮ ‬عليه‮ ‬وآله‮ ‬وسلم‮.‬
والمؤتمر الشعبي العام هو الكيان التنظيمي الذي يتحرج من أن ينضوي إليه العامل الكادح وطالب العلم والأبيض والأسود والفقير والغني والسني والشافعي والزيدي بل واليهودي أيضاً، وهو الكيان التنظيمي القائم على مبدأ التسامح مع الجميع ونزع الضغائن والأحقاد، وتغليب المصلحة الوطنية العليا على ما سواها من المصالح الحزبية أو الشخصية الضيقة، وهو التنظيم السياسي الذي يؤمن بأن الحوار بين الفرقاء في الوطن جميعهم دون استثناء لأحد منهم مهما كانت الذرائع أو المبررات، ومهما تناقضت وتباينت واختلفت مذاهبهم ورؤاهم ومشاربهم السياسية وأيديولوجياتهم الفكرية، هو السبيل الوحيد لرأب الصدع بينهم وتقريب وجهات النظر، مع عدم وجود مستحيلات طالما صفت النفوس وتطهرت من الأدران التي تلوثها وتحجب مكامن وجوهر جمالها وصفائها ونقائها، وما لم يكن أيٌّ منها كأحزاب وتنظيمات سياسية أو كأشخاص ممثلين لتلك الأحزاب‮ ‬والتنظيمات‮ ‬السياسية‮ ‬متورطاً‮ ‬بما‮ ‬لا‭ ‬يدع‮ ‬مجالا‮ ‬للشك‮ ‬بالخيانة‮ ‬العظمي‮ ‬للوطن،‮ ‬او‮ ‬تلطخت‮ ‬أياديهم‮ ‬بدماء‮ ‬وأشلاء‮ ‬الأبرياء،‮ ‬فذلك‮ ‬أمر‮ ‬متروك‮ ‬للقضاء‮ ‬ليقول‮ ‬كلمته‮ ‬الفصل‮ ‬فيهم‮ ‬كأعضاء‮ ‬أو‮ ‬ككيانات‮ ‬سياسية‮.‬
والمؤتمر الشعبي العام قبل ذلك وبعده وختاماً لحديثنا عنه، يضم في كل تكويناته التنظيمية بشراً يخطئون ويصيبون، وليس من بين أعضائه أحدٌ من الملائكة المنزهين عن الخطأ والزلل والنسيان، لذلك فإن له ما له من الحسنات والإيجابيات، وعليه ما عليه من السيئات والسلبيات، وفيه من الطيبين الشرفاء الأوفياء الباذلين أرواحهم وأجسادهم فداء لهذا الوطن العظيم، وفيه من الأشرار الأوغاد الانتهازيين الوصوليين المتسلقين المتمصلحين الذين لا يبتغون من انتمائهم إليه إلا تحقيق مصالحهم الشخصية من خلاله ولا يهمهم إن تحقق لهم ذلك أن يذهب هو وكل المنتمين إليه إلى الجحيم مثله مثل بقية الأحزاب، وأما مؤسسه وزعيمه فقد عُرض عليه ما لم يُعرض على أحد سواه من قبل من التمتع بكل متاع الدنيا، ووُضعت تحت قدميه المليارات من الدولارات لينأى بنفسه ويغادر هو ومن يشاء أن يصطحبه معه ليقضي ما تبقى له من حياة أينما شاء وكيفما شاء بعيداً عن شعبه وأرضه ووطنه ومسقط رأسه، فركل كل ذلك بقدميه مفضلاً بكل عزيمة وهبها له الله إلا أن يظل في وطنه ومع مواطنيه خاضعاً وإياهم للاستهداف بالقتل والتصفية والتشهير والقذف بالعمالة والتخوين، مؤمناً بأنه لن يصيبنا إلا ما كتبه الله لنا وأن‮ ‬الله‮ ‬خير،‮ ‬حافظا‮ ‬وهو‮ ‬أرحم‮ ‬الراحمين،‮ ‬وأنه‮ ‬لكل‮ ‬أجل‮ ‬كتاب‮ ‬فإن‮ ‬حانت‮ ‬منيته‮ ‬فلا‮ ‬يملك‮ ‬تأخيرها‮ ‬أو‮ ‬تقديمها‮ ‬ولا‮ ‬بما‮ ‬مقداره‮ ‬طرفة‮ ‬عين،‮ ‬وليكن‮ ‬ذلك‮ ‬إن‮ ‬حان‮ ‬وآن‮ ‬أوانه‮ ‬وهو‮ ‬في‮ ‬وطنه‮ ‬وبين‮ ‬مواطنيه‮.‬
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:44 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-52245.htm