حنان الشريف - امراضنا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لم تنشأ الا حين غاب عنا أن نجتهد لنعرف ذواتنا وكيف تجذر فينا الفساد وكيف اصبح معنى التغيير ان يتغير وجه مستبد بآخر لأننا في بيئة فاقدة لروح المقاومة لاي تغيير لارتباطها بالبنية النفسية للإنسان منذ الطفولة ونحن نربى على التلقين والعار والخوف من التفكير والقبح الاخلاقي والرضوخ للمصالح على حساب الوطن بدلاً من التنوير وترقية العقول والاستقامة على الانفتاح والإتقان فالشعب الحر هو المؤهل ان يحكم والغير حر هو المستعبد لأننا نتمسك بماضٍ تعفنت تقاليده واعرافه وموروثاته ولم تنتج لنا إلا تخلفاً وبؤساً فكل فساد سببه القناعات الراسخة بالتبعية والرضوخ والكسل واختيار اقصر الطرق للاستغلال والتكسب وعدم جدوى اي تنمية بسبب القيم القمعية والدونية والمسقطة على اي نماء او تطوير يحقق للوطن بالعائد العظيم لانه لا يرى فيه قيمة وطن ولانه يفتقد المنطق الحق مقلداً اسلوب ولغة المستبد الذي يعاني منه اصلاً في الكذب والتضليل والنفاق والوعود الاصلاحية الى ان جعل منا دولة هزيلة مبعثرة تحكمها مليشيات عميلة متسلطة وناهبة معتدية على ارضنا المباركة وانسانيتنا ولم نتساءل لماذا وصلنا إلى هذا التدهور الاخلاقي لأننا لم نكن صادقين مع انفسنا بل اكتفينا باللوم على الظروف والآخر مع أننا نحن من ساهم في ايجاد هذه الظروف..
ما نحن عليه صفعة لضمائرننا
نحن من استسلم في تعظيم الفاسد اتقاء لشره او طمعاً في رضاه حتى فقدنا الثقة بأنفسنا وبإمكاناتنا في السيطرة على مصيرنا في يومنا وغدنا حتى وصلنا إلى تأزم الحاضر وانسداد المستقبل والعجز امام قوى المستبد وما يحمله من انعدام الشعور بالأمن ولم يسمح لنا بأن نكون مستقلين احراراً داخل انفسنا واصبحنا اداة أو وسيلة وقيمة مبخسة لإنكار وجودنا وجعل منه جزءاً من طبيعتنا حتى تسترنا على عورات ذواتنا الاستبدادية ذات النبت الشيطاني التي اسقيت بالجهل والتخلف والتطرف..
من الذي ضيعنا الفاسد بجهله أم الفاسد بسلطته أم الفاسد بضيق مصلحته قبل ضيق أفقه ؟أم الفاسد بعَجزه وتراجُعه وبإيثاره الهوان على الناس..؟ ام من آثر أن يكون مفعولاً به دائماً؟ أم من يُصِرُ على أن يكون الفاعل وحده دائماً؟
إذا كنا جادين فلتجتهد الصدور التى ضاقت والنفوس المستنزفة ولنراجع انفسنا واخلاقنا ومؤسساتنا من الاعوجاج وفساد الممارسة، هذه فرصتنا للتغير والتغيير، لا تتوقفوا كثيراً عند كيفية السقوط ولكن اجتهدوا لمعرفة كيف نصلح كل ما سمَمَّوا به المستقبل وما أفسدوه فكراً وبشراً.. اجتهدوا أن نعرف كيف نحيى الأرض المحروقة التى أرادوها سياسة واقتصاداً واجتهدوا أكثر ألا يكون ووطننا مرتعاً لمثل هؤلاء وإلا أرضاً خصبة لينمو فيها الفساد والقتل والذمار..!
كى يتذكر التاريخ أننا كنا هنا.. وأننا وقفنا فى وجه الاستبداد.. فلتكن توبة عن القبح توبة من اجل هذا الوطن ومستقبله من اجل ان يكون العدل فوق القوة..
|