محمد انعم -
في ذكرى يوم الاستقلال الوطني المجيد، تقف اليوم أمامنا عبر ودروس تاريخية عظيمة جديرة بالقراءة والاستفادة من تجربة معركة الاستقلال، ومعرفة عدو الشعب واليمن ووحدته واستقلاله.. وتسمية كل من يسعون لإعاقة مسيرة التطور والتقدم التي تتطلع الى بلوغها بلادنا.
فإذا كانت قوة وقوات المستعمر وطابور العملاء والمرتزقة قد سقطت في يوم 30 نوفمبر 1967م وتهاوى جبروتهم تحت أقدام أبطال حرب التحرير فإن أهمية الاحتفال بهذه المناسبة يكمن في عظمة الانتصار الوطني الذي حققه شعبنا والذي لم يتمثل بنيل الاستقلال وطرد المستعمر فقط، وإنما بإسقاط أفظع مشروع تآمري استهدف بلادنا عبر سياسية »فرّق تسد« بإسقاط أكثر من ٢٢ سلطنة ومشيخة وامارة صنعها المستعمر وكانت أشبه بفزاعات الطيور، ودُمى يحركها كيفما شاء..
في ذلك اليوم الأغر دمر شعبنا اليمني كل مخازن المؤامرات ومستودعات القتل وأبواق التضليل التي استخدمت ببشاعة ضد شعبنا منذ ان دنس القبطان هنس جزءاً غالياً من أرضنا الطاهرة في 19 يناير 1839م، كما أحرق شعبنا مخططات مشاريع الانفصاليين، وأنهى مهزلة تلك الفزاعات التي اعتقد الغزاة -وهماً- بأن تلك الدويلات يمكن لها ان تلغي الهوية والانتماء اليمني من أفئدة الشعب ذات يوم.. بيد أن شعبنا اليمني انتفض وثارت الارض، وبعد أربع سنوات من الكفاح المسلح عادت عدن الى الوطن الأم.. أسقطت شعارات مشروعات طابور العملاء والمرتزقة مثل »عدن للعدنيين« و »الجنوب العربي« و»الاتحاد الفيدرالي المزيف« وغيرها.. تفجر زلزال الشعب بعد ان وصلت محاولات طمس الهوية اليمنية على عدن وما حولها الى درجة رفض قبول الاطفال اليمنيين في المدارس والتعامل معهم كأجانب، لكن كان النصر لشعبنا فكان انتصاراً لكل المبادئ العظيمة للثورة اليمنية..
وإذا كان شعبنا اليمني في 30 نوفمبر 1967م قد صنع ملحمة انتصار يوم الاستقلال فإنه بذلك أهدى ذلك النصر لأمتنا العربية والاسلامية التي كانت تعاني من انكسار هزيمة حزيران 1967م.. وأبلغ رسالته يومها بأن الحرب سجال..
أما على الصعيد الوطني فقد مثل يوم الاستقلال محطة مهمة على طريق اعادة تحقيق الوحدة اليمنية.. هذا الهدف الذي ظل يزلزل الشطرين سنوات ولم يجرؤ أي حاكم على تجاوز ارادة الشعب او التحدث باسم الشمال او الجنوب بل باسم اليمن وكل اليمنيين.
ومنذ ان انتخب الرئيس علي عبدالله صالح رئيساً للجمهورية في 1979م بدأت رياح يمن ٢٢ مايو تقترب وتحققت بفضل جهوده الجبارة وسياسته الحكيمة عام 1990م بقيام الجمهورية اليمنية على أنقاض الشطرين..
هذا المنجز الوطني العظيم لم يتحقق بضربة حظ بل ان الرئيس علي عبدالله صالح حمل حلم الأمة واهداف الثورة اليمنية بأمانة ومضى يخوض معارك شرسة من أجل الوحدة اليمنية.. وجاءت زيارته لعدن في 30 نوفمبر 1989م ليتم خلالها المصادقة واقرار مشروع دستور دولة الوحدة، وكسر حواجز التشطير.
واليوم تقف الجمهورية اليمنية أمام أوضاع مختلفة جداً، فمكاسب عظيمة قد تحققت لشعبنا وتحولات كبيرة قد شهدها الوطن على مختلف المجالات..
لكن هناك تحديات أخرى يجب ان نواجهها في ظل هذه المتغيرات الدولية والاقليمية.. تحديات العولمة التي تهدد هويتنا الوطنية، تحديات التكتلات السياسية والاقتصادية، والانفجار المعلوماتي.. الأمن الغذائي، مكافحة الارهاب.. الفقر.. البطالة.. الخ.. انما هاهي اليمن للأسف توجه فوق كل هذا احزاب معارضة التي تثير الدعوات الانفصالية والمناطقية والمذهبية والسلالية..
اعتقد ان انتهاج أعمال الفوضى والتخريب والنعرات المريضة هو أشبه بنفس المخطط الذي يريد عودة اليمن الى داخل القمقم وعزل شعبها عن العالم، واعادة تقسيم الوطن الى فسيفسات على طريقة اعادة انتاج خارطة لليمن لفترة ماقبل ثورة 26سبتمبر المجيدة.. ولهذا فالقوى التي وقفت ضد التحرر من الاستبداد والاستعمار هي التي تقف ضد تطور وتقدم اليمن اليوم.. فقط الأدوار تبدَّلت.