عبدالوهاب الشرفي - ما وراء حديث "الصماد" عن عام رابع "باليستي" ؟ وكيف امتلك اليمن منظومات صاروخية قادرة على التأثير في المعادلات السياسية والعسكرية ؟
قال صالح الصماد رئيس "المجلس السياسي الاعلى" في صنعاء في خطاب القاه في اجتماع موسع بمحافظة ذمار : " هذا العام سيكون عاما باليستيا بامتياز وسيدشن خلال الفترة القادمة إطلاق صواريخ كل يوم ولن تسلم السعودية من صواريخنا مهما حشدت من منظومات دفاعية ".
مع دخول الحرب العدوانية التي يخوضها التحالف السعودي على اليمن عامها الرابع برزت الصواريخ البالستية بشكل كبير ودشن " الجيش واللجان الشعبية " العام الرابع باطلاق 5 صواريخ بالستية متوسطة المدى دفعة واحدة الى عدد من مدن المملكة السعودية بينها العاصمة السعودية الرياض.
اطلاق 5 صواريخ باليستية دفعة واحدة كان في اليوم الاول من العام الرابع وبذلك يحمل رسالة واضحة بان العام الرابع سيكون لسلاح الصواريخ دور محوري غيره في الاعوام الثلاثة الماضية من الحرب، فتاريخ سلاح الصواريخ خلالها كان يشارك وفق فترات زمنية متباعدة تصل في بعضها الى ثلاثة اشهر تفصل بين اطلاق صاروخ باليستي وآخر، وباستثناء مرة واحدة تم الحديث عن اطلاق 3 صواريخ دفعة واحدة لم يسبق لسلاح الصواريخ ان اطلق صلية صواريخ دفعة واحدة وهي عملية تم تأكيدها من قبل جميع الاطراف بل ان التحالف السعودي تحدث عن 7 صواريخ باليستية تلقتها مدن سعودية في وقت واحد.
تبع اطلاق صلية الصواريخ في اول ايام العام الرابع اطلاق صواريخ باليستية على السعودية خلال فترات زمنية لاتتعدى اليوم او اليومين او الاسبوع ، كما اذا اضفنا في الاعتبار الصواريخ الباليستية قصيرة المدى التي تستخدم داخل الجغرافيا اليمنية او على المناطق الحدودية من الجغرافيا السعودية فإن اطلاق الصواريخ بات عملا يوميا بالفعل.
كان الجيش اليمني قبل حرب التحالف السعودي يمتلك منظومة صواريخ باليستية متنوعة وكبيرة من ناحية العدد لا تقل وفقا للتقارير العسكرية عن توليفة من 5000 صاروخ باليستي ارض ارض فقط، لكنها جميعها قصيرة مدى و اعلى مدى لها هو الـ800 كيلو متر، وهذا الامر جعل منظومة الصواريخ اليمنية ارض - ارض منظومة غير ذات جدوى في معادلة حرب دولية وجد اليمن نفسه وسطها بصورة مفاجئة، كما كان يمتلك منظومة صواريخ ارض - جو تقليدية كانت قد تعرضت لعملية تخريب طالتها اثناء فترة الازمة السياسية السابقة للحرب في اليمن وماتبقى منها ايضا يعد ذي جدوى محدودة للغاية بالنظر لتفوق اسلحة الجو لدول التحالف السعودي وللطيران الحديث ككل من جهة ولسيطرة التحالف السعودي على الاجواء اليمنية منذ بداية حربه العدوانية، كما أن الجيش اليمني يمتلك منظومة صواريخ ارض - بحر محدودة نظرا لمحدودية القوة البحرية نفسها في الجيش اليمني ورغم السواحل الطويلة لليمن الا ان الاهتمام بالقوة البحرية لم يبدأ الا في فترة متاخرة وبمساعدة دولية لغرض تأمين المياه الاقليمية اليمنية ضد الهجمات الارهابية بعد تعرض حاملة الطائرات الامريكية اس اس كول لضربة في خليج عدن وبالتالي هي كذلك غير ذات جدوى في حرب دولية.
بشكل عام كانت منظومة الصواريخ اليمنية المختلفة رغم انها بكمية جيدة الا انها غير ذات جدوى كبيرة بالنظر لطبيعة الحرب التي وجد " الجيش واللجان الشعبية " وسطها كحرب دولية يمتلك فيها الخصم احدث المنظومات العسكرية المختلفة، وكان هذا هو السبب وراء عدم دخول الصواريخ بشكل هيكلي منذ بداية الحرب وخلال سنواتها الثلاث الماضية باستثناء ضربات في غالبها داخل الجغرافيا اليمنية وهو ما جعل التحالف السعودي يتوهم لأكثر من مرة انه قد قضى على سلاح الصواريخ اليمنية بينها الاعلان الرسمي بذلك في الشهر الاول من الحرب على اليمن.
شهدت الاعوام الثلاث الماضية اطلاق صواريخ ارض ارض الى مدن سعودية بينها مدن في جنوب المملكة و كذلك اطلاق صواريخ اصيبت واسقطت بها طائرات مسيرة وطائرات مقاتلة للتحالف السعودي وكذلك صواريخ اصيبت بها قطع بحرية تتمركز على ابعاد كان التحالف السعودي يظنها آمنة،وكثيرا ما كان اطلاق هذه الصواريخ يدخل في اطار " عمليات تجريبية " كما صُرّح بذلك من قبل " الجيش و اللجان الشعبية " رسميا لاكثر من مرة، وهذا يعني ان هناك اعمالاً كانت تتم للاستفادة من المنظومات الصاروخية المختلفة المتوفرة للجيش اليمني بتحويلها من محدودة الجدوى بالنسبة لهذه الحرب الدولية التي تشن على البلد و بمصاحبة ظروف خاصة تعرضت فيها منظومات البلد العسكرية وخصوصا الدفاع الجوي لعمليات تخريب بقدر ما جعل تحرك الصواريخ لتغطية مساحات ابعد باطلاقها من الحدود مثلا مسألة صعبة وتعرضها لخطر القصف قبل الوصول وذلك الى صورايخ ذات جدوى بقدر جيد في اطار هذه الحرب الواسعة التي تشن على اليمن وظروفها الخاصة .
أحجم " الجيش واللجان الشعبية " عن الاستخدام الواسع للصواريخ المتوافرة له بشكل محوري منذ بداية العدوان لانها لم تكن لتمكنه من احداث تأثير الا في اطار داخلي، وتحول بدلا عن استخدامها الى عملية اعادة تأهيل لهذه المنظومات تمحورت حول ثلاث جوانب.. الاول هو تطوير مدياتها من صواريخ قصيرة مدى الى صواريخ متوسطة المدى..، والثاني هو تكتيك اطلاق الصواريخ بالنظر لسيطرة التحالف السعودي على الأجواء اليمنية والثالث هو التمويه والقدرة على اختراق اجهزة الرصد والسونارات ومنظومات الدفاع المتوفرة للتحالف السعودي.
عمليات تعديل واسعة وحثيثة خضعت لها منظومات الصواريخ اليمنية على مدى السنوات الثلاث الماضية وفي حدود ماهو متاح جعلت سلاح الصواريخ اليمنية قوة سيكون لها حضورها خلال الفترة القادمة من الحرب وسيكون ترتيب اثرها على مستويات مختلفة فعلى ميدان البحر سيكون لها حضور قوي ومؤثر ويمكنه ان يفرض معادلة البحر بالشكل الذي يريده، يليه ميدان البر وفيه يمكن القول ان حجم الحضور سيشهد ارتفاعا كبيرا عن حجمه في الثلاث السنوات الماضية ويجعل كل جغرافيا السعودية والامارات بالكامل عرضة للصواريخ اليمنية التي باتت متوسطة المدى وهو ما يحتاجه اي صاروخ للوصول لكامل تلك الجغرافيات، ويحل في المرتبة الثالثة ميدان الجو الذي حقق فيه " الجيش واللجان الشعبية" تقدما لكنه مازال محدودا تبعا لطبيعة الطيران الحديث الذي يتوافر للتحالف السعودي الذي يفرض الاعتماد على توقيت الاطلاق اكثر من الاطلاق ذاته.
هذه الصورة هي التي يمكن تكوينها عن القوة الصاروخية اليمنية من خلال المعلومات المتاحة والتجربة الماضية كافية لتفسير حديث الصماد عن ان العام الرابع سيكون عاما باليستيا بامتياز وتظل هناك فرصة لمستويات اعلى من التأثير مترتبة على معلومات غير متاحة للمراقب قد تحدثنا عنها الصواريخ ذاتها، وفي كل الاحوال سيكون للقوة الصاروخية اليمنية حضور هيكلي في الفترة القادمة من الحرب سيشهدها الجميع وسيكون لها اثرها على المعادلات السياسية والعسكرية حتما.
❊ رئيس مركز الرصد الديمقراطي
alsharafi.ca@gmail.com
|