عبد الرحمن مراد - ما تشهده اليمن اليوم من انقسام وتشظٍّ له مماثل في تاريخها فهو حالة ملازمة لكل حالات التحول التي تشهده اليمن في حقب التاريخ المختلفة , ولذلك سيمتد الماضي في صميم التجربة التحولية الجديدة ويحد من أثرها في المستويات الحضارية المتعددة.
وكل الذي يبعثه الواقع من إشارات اليوم يقول أن الفرقاء المتحاربين سيجلسون على طاولة مستديرة ويتفقون على التقاسم كهدف استراتيجي غير واعي لجل القوى السياسية وقد تضمنته أدبيات المشترك التي كانت تنادي بالشراكة في الثورة والسلطة في ظل غياب تام لمشروع وطني واضح المعالم للبناء والتحديث , فالقضية التي يتحاربون عليها من قبل ومن بعد هي قضية ترف وتكاد تنحصر في الشراكة في الثروة والسلطة وليس في مشروع نهضوي بناء وواضح الرؤى ,وحين ينحصر الهدف في الشراكة في الثروة والسلطة تكون القضية عبثية دون طائل وتلك في حد ذاتها معضلة.
وفي ظني ووفق كل المؤشرات أن المستقبل سيشهد تحالفات بين القوى المتباينة وهذه التحالفات يتكامل مع بعضها وتشد أزر بعضها بعضا لقيادة المرحلة القادمة في حين سيشهد المستقبل غيابا كليا أو جزئيا للراديكالية بشتى تموجاتها وتوجهاتها التي ساءت بها الظنون وساءت افعالها ومواقفها ففقدت حضورها الاقليمي والوطني كما سوف نشهد غيابا قد يصل حد الترمد للحركات الجهادية التي صدمتها السلطة في ظل غياب الدولة في مرحلة الصراعات فكانت السلطة هي المحك الذي صهر التجارب وقدم النماذج للواقع وكشف غلالة التوجه والمستوى الفكري للجماعات.
لقد كانت السلطة حالة متقدمة على تجارب تلك الحركات الجهادية والسياسية وفقدت من خلال تفاعلها مع حياة الناس كل عوامل التجدد والحضور في المستقبل.
والخلاصة وفق قانون التاريخ أن الحرب تقود الى السلام والسلام في مجمل حالاته مهما طال مكوثه , يقود الى الحرب وتلك من سنن الله في كونه بالمعنى الاقرب أن السلام هو ما سيؤول اليه المشهد السياسي اليمني في قابل أيامه ومهوده ورموزه يبعثها الواقع اليوم ولن يطول بنا الزمن حتى نراه حقيقة واقعه بأي شكل من أشكاله سواء كان بالتوافق أم بالحسم.
فاليمن التي صهرتها الحرب أصبحت أكبر حجما من مستوى تفكير رجال الحرب والصراع والتدمير , ولذلك سيصعب على المتحاربين اليوم فهم المستوى المتقدم للحالة السياسية اليمنية وفي مجمل الاحوال كل رموز الحرب اليوم سيطويهم التاريخ في صفحات صفراء بائسة من كتابه , ومثلما كان للحرب والصراع والتدمير رجال سيكون لليمن الجديد رجال آخرون وتلك هي سنن الله في كونه.
|