حذيفة اليماني - ما زال آثار سوطه تقسم ظهرها وكأنه خريطة عسكرية على طاولة خشبية، كان أحمق وأبله أن يحاول إخراج الجن من جسدها بعصا وهراوة غليظة..
تباً له من مشعوذ أو شيخ قاتل، وصل جسدها المعطر بالشباب والجمال هامدا لا يتحرك إلى المستشفى التي صادف أن كنت فيها تلك اللحظة مؤدياً عملي في تسويق لأنظمة المراقبة، رأيتها مباشرة في رواق المستشفى وهي محمولة على كتف أحد أقاربها وذراعاها يتماوجان كغصن غض، تركني الطبيب الذي كنت أتحدث معه وتحرك مسرعاً يصيح : أدخلوها غرفة الطوارئ..
شدني فضولي كثيراً عن سبب موت هذا الجسد الجميل، انتظرت في الرواق للطبيب وعندما خرج من الغرفة بعد دقائق معدودة رأيت على ملامحه بعض علامات الغضب والحيرة والحزن..
سألته : ما بها يا دكتور ؟
شيءٌ محزن يا حذيفة، لقد أحضروها ميتة بالفعل، لكن موتها لم يكن موتاً طبيعاً كما أعتقد لأنني رأيت حول عنقها آثاراً لحبل، وبعض الكدمات..
وحين سألت أهلها عن ذلك، قالوا : بأنها كان جسدها يتلبسه (جني) وتعاني من نوبات صرع وصراخ، لذلك تركوها عند شيخِِ يعمل على علاجها...
تباً له اللعين ربما قتلها..
ربع ساعة ودقائق ووصل البحث الجنائي إلى المستشفى..
كيف أغسل الجهل الذي يقطن في رؤوس أبناء شعبي كجرب خبيث !!
لا يذهب بالحلاقة ولا بالغسل سبع مراتِِ وإحداهن بالتراب ولا بالغسل مجدداً ببول الإبل والماء الساخن..
قلبي منفطرٌ على تلك الفتاة التي ذهب شبابها وعمرها بين يدي سفاح يتلذذ بسماع أنات الألم ولفظ الروح، ذهبت ولن تعود مرة أخرى لتمشط شعرها الطويل الذي يماثل الليل لوناً، ولن تلبس الفستان الذي كثيراً ما رسمته على دفترها وقامت بوضع الألوان عليه، ولن تقابل صديقاتها سلوى وخولة وخديجة مرة أخرى..
|