الميثاق نت -

الثلاثاء, 08-مايو-2018
طه‮ ‬العامري -
تستفزني الأحداث الراهنة في بلادي من حيث أسبابها ودوافعها وغايتها، ويستفزني خطاب الفرقاء من حيث دوافعهم وغايتهم المرجوة وحساباتهم الخاطئة، ولأن ما بني على باطل فهو باطل فقد كانت مقدمة الأحداث بدورها تجسد »الباطل« بكل صوره وأشكاله المتوحشة، مقدمات جاءت كاشفة وبسفور عن نتائجها وإن جاءت حاملة في بدايتها دعوات »الحق« غير أنه الحق الذي يراد به »باطل« فالكل كان يبحث عن »ذاته« عبر »موضوعية« الخطاب و»ذاتية« السلوك المفعم بالصور والمواقف الانتهازية والتي أوصلتنا والوطن بكل مقوماتنا المادية والمعنوية إلى ما نحن عليه اليوم من حالة تمزق ونزيف للقدرات وفقدان لكل المقومات المادية والمعنوية وصولا إلى فقداننا أبسط مقومات التعايش المجتمعي، ولست أعرف أي »غاية أو أهداف« مرجوة من قبل صناع الأزمة والفتنة والحرب الداخلية ثم العدوان الذي جاء محمولا على أكتاف »بعضنا« وعلى حساب دماء ‮»‬بعضنا‮« ‬الآخر‮..‬؟
يؤسفني المشهد وما أرى من مفاهيم ومفردات ثقافية ومواقف سياسية تردد وتسوق من قبل كل طرف، وكل طرف يريد أن يثبت أنه يمثل »الوطن والحق« والآخر يمثل »العمالة والباطل«.. فيما واقع الحال يؤكد أن الكل هنا يخوض معركة الانتصار لـ»الباطل« وضد الحق الذي هو اليمن الارض والإنسان والمقدرات..اليمن التي تستنزف قدراتها المادية والمعنوية ويمزق نسيجها الاجتماعي ويخوض أبناؤها فيما بينهم حربا طاحنة تبعاتها ونتائجها لن تكون لهم قطعا بل لأطراف خارجية اتخذت من خلافات اليمنيين رافعة لأهدافها واطماعها..؟
إن »الشمالي« يمني و»الجنوبي« يمني و»الزيدي« يمني و»الشافعي« يمني وهناك »المكرمي« والإسماعيلي، و»اليهودي« يمني، وصاحب صعدة يمني وصاحب أبين يمني وصاحب تعز يمني وصاحب عدن يمني والصنعاني والذماري والإبي والتهامي والحجاجي والمحويتي والماربي والبيضاني والحضرمي والشبواني والسقطري واللحجي والجوفي والعمراني كل هؤلاء يمنيو الهوى والهوية والانتماء وحَّدتهم الجغرافية والتاريخ واللغة والعقيدة والثقافة وفرقتهم المصالح السياسية.. وعليه فلتحل إشكالية الجدلية السياسية وجدلية الثروة والسلطة على أسس وطنية بعيدا عن هذا النزيف الذي‮ ‬سيدمر‮ ‬كل‮ ‬شيء‮ ‬ثم‮ ‬سيجد‮ ‬المتحاربون‮ ‬أنفسهم‮ ‬مجبورين‮ ‬على‮ ‬الجلوس‮ ‬الى‮ ‬طاولة‮ ‬واحدة‮ ‬ويتقاسمون‮ ‬السلطة‮ ‬والثروة‮ ‬وبرعاية‮ ‬خارجية‮ ‬بعد‮ ‬أن‮ ‬يكون‮ ‬الراعي‮ ‬الخارجي‮ ‬قد‮ ‬حقق‮ ‬أهدافه‮ ‬وغايته‮ ‬من‮ ‬احتراب‮ ‬اليمنيين‮..‬
ما يجري في بلادي »فضيحة« يتحمل مسؤوليتها أولئك الذين تسببوا بها وهم أطراف الصراع من النخب اليمنية الذين فشلوا فشلا ذريعا في إدارة شؤون بلادهم وشعبهم فأدى فشلهم إلى هرولتهم لطلب مساعدة الخارج والاستعانة برعاة خارجيين إقليميين ودوليين ثم راحوا يوزعون تهم الخيانة‮ ‬والعمالة‮ ‬على‮ ‬بعضهم‮ ‬البعض‮ ‬ويحاول‮ ‬كل‮ ‬طرف‮ ‬الظهور‮ ‬بمظهر‮ ‬المالك‮ ‬للحق‮ ‬والحقيقة‮ ‬واصفا‮ ‬خصومه‮ ‬بأنهم‮ »‬الباطل‮« ‬بأبشع‮ ‬صوره‮..‬
إن الصراعات الأهلية ليس فيها حق وباطل وليس فيها منتصر ومهزوم بل إن المنتصر فيها مهزوم ومدعي الحق المطلق مأثوم ويلبسه الباطل في سلوكه ومواقفه.. إن الوطن مِلْك لكل أبنائه، وكل مواطن يمني اليوم إن خُيّر بحرية في كل ما يجري لرفض ودان ما يجري ودان جميع أطرافه..‮ ‬
لقد تدخلنا حتى في صلاحيات »الله سبحانه وتعالى« وصنَّفنا الضحايا هذا »شهيد« مسكنه الجنة وذاك »خائن« سيذهب لجهنم..؟ وصار هذا الخطاب الجازم حد اليقين لدى من يسوقه هو السائد وعلينا بالتالي الالتزام به والعمل بموجبه..؟
أي‮ ‬سلوك‮ »‬انحطاطي‮« ‬بلغناه‮ ‬؟‮ ‬وأي‮ ‬مدى‮ ‬من‮ »‬التيه‮« ‬وصلنا‮ ‬إليه‮..‬؟‮ ‬
هل‮ ‬تذكرنا‮ ‬قول‮ ‬رسولنا‮ ‬الكريم‮ »‬أن‮ ‬العيش‮ ‬في‮ ‬كنف‮ ‬الجائرين‮ ‬أهون‮ ‬من‮ ‬شهر‮ ‬هرج‮« ‬فقيل‮ ‬ما‮ ‬الهرج‮ ‬يارسول‮ ‬الله‮ ‬قال‮ »‬أن‮ ‬تقاتلوا‮ ‬بعضكم‮«..‬صدق‮ ‬رسول‮ ‬الله‮ ‬صلى‮ ‬الله‮ ‬عليه‮ ‬وآله‮ ‬وسلم‮..‬
وكان‮ ‬رسولنا‮ ‬يقصد‮ ‬بالجائرين‮ ‬النظام‮ ‬أو‮ ‬الدولة‮ ‬الجائرة‮ ‬والمستبدة‮ ‬إن‮ ‬كان‮ ‬مواجهتها‮ ‬سيؤدي‮ ‬إلى‮ ‬ما‮ ‬هو‮ ‬أفظع‮ ‬من‮ ‬استبدادها‮..‬؟‮ ‬
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 05:05 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-53277.htm