عبدالرحمن مراد - لا يليق بالمؤتمر الشعبي أن يظل واقفا في مكانه دون أن يبدأ في ترتيب بيته الداخلي بعد كل العواصف التي حدثت له بدءا من عام 2011م وصولا الى عاصفة ديسمبر 2017م , فالقضية التي يجب الوقوف أمامها بقدر من التأمل والمراجعة والنقد (جلد الذات) يجب أن تبدأ حتى يكون عوده أصلب مما كان، ويكون تفاعله وتأثيره أدوم وأجدى .
ليس مطلوبا من المؤتمر في هذه المرحلة أن يكون حاضرا بقوة في تفاصيل المشهد السياسي - وإن كان الواقع يفرضه بقوة الحضور الشعبي - فالتعامل مع الواقع يجب أن يكون بقدر معلوم يحفظ التوازن الاجتماعي والثقافي والسياسي ,لكن حضور المؤتمر القوي يفترض تركيزه في بورة واحدة وهي ترتيب البيت الداخلي , وإعادة تأهيله وفق أسس وقيم جديدة , كما يفترض تجديد الأهداف وتحديثها وبحيث تكلف لجنة تنظيمية تعمل جاهدة على دراسة واقع المؤتمر , وتقييم الحال الذي آلت اليه الامور في ظل المستجدات والتفاعلات الجديدة والحالة الأجد , ويفترض بقيادة المؤتمر في هذه المرحلة أن تنظر الى مؤسسات المؤتمر التنظيمية وهيكله العام ومدى فاعلية تلك المؤسسات وكيفية تحديث نظمها وآلية عملها ليكون تفاعلها أكثر نفعا وتأثيرا من ذي قبل مع الاستفادة من النظم الحديثة ومن التقنية الالكترونية حتى نتجاوز كل العثرات ويكون الأداء أجدى وأنفع , فالمرحلة التي نحن فيها تتطلب تنظيما قويا ولا تقبل الفوضى والارتجالية في التفاعل مع مستجداتها ومعطياتها .
وفي ظني أن تكوين قاعدة بيانات لدى الدوائر المختصة في هيكل المؤتمر هي خطوة لابد من مناقشتها والعمل على تفعيلها وتوظيف الامكانات المتوافرة لتكون ذات جدوى ونفع في صناعة التحولات وفي اتخاذ القرارات التنظيمية , فالدائرة الثقافية -وهي دائرة مهمة في البناء التنظيمي لأي مكون سياسي- ظل دورها غائبا وقائما على الفوضى والارتجالية في مسار المؤتمر طوال الكثير من المراحل التي مرت , وهي دائرة نظرية مهمة تثير السؤال وتناقش الاجابات من منظور حيوي وتفاعلي , والمرحلة تتطلب تفعيل دور هذه الدائرة والاشتغال على حيويتها وتفاعلها مع الواقع ومثل هذه الدائرة في الاهمية الدائرة التنظيمية التي يفترض بها تكوين رؤية واضحة للهيكل العام وكيفية توظيف المتاح وتحديثه , وهذا الأمر لا يمنع بقية الدوائر من الاشتغال على قواعد البيانات وبحيث تستطيع كل دائرة تكوين رؤية واضحة وعلمية تشخص إشكالات المراحل وتقترح المعالجات وبحيث يكون المؤتمر قادرا على خدمة جماهيره العريضة ووطنه بتمكُّن.
ليس المؤتمر تنظيما عابرا ولن يكون كذلك لأنه من نبت هذه التربة ومن خصائصها ولذلك فبقاء هذا التنظيم تفرضه حزمة من العوامل التي تمنع تفككه وتشظيه , وكل مرحلة تتطلب وعيا واضحا بها , وتتطلب قيادات بحجمها , ولا نعدم مثل ذلك في صفوف المؤتمر .
|