ابن النيل -
❊ ما جرى في الآونة الأخيرة ولايزال.. من إثارة متعمدة لتلك النعرات الانفصالية البغيضة والمغرضة، وقد اتخذ أصحابها من وحدة الثاني والعشرين من مايو عام 1990م.. ما يمكن اعتباره شماعة لكل خلاف أو اختلاف بين السلطة وخصومها السياسيين، وهو ما يُعد إقحاماً قسرياً لا مبرر له على وجه الاطلاق.. لأنبل ما تحقق لإنساننا اليمني عبر مراحل تاريخه الحديث على الأقل، في أمور هي بكل المقاييس اعتيادية وعابرة، إنما يضعنا في دائرة الدهشة والاستغراب، باعتباره نوعاً من المزايدة السياسية الرخيصة، حيث المقامرة بمصير وطن وبمستقبل الملايين من أبنائه لغاية في نفس يعقوب كما يقولون، وكأنما باتت المصالح الذاتية الضيقة والمحدودة أهم بكثير من كل ما هو وطني. ويأتي في مقدمة ما يستفز عميق مشاعرنا الوطنية والقومية في آن معاً.. حال مطالعتنا صحفاً بعينها، ما يتعمده بعض كُتَّابها ومحرريها.. متمثلاً في سبل تعاملهم مع »الوطن« ووفقاً لأهوائهم، وعلى أرضية تصنيفه جغرافياً بين شمال وجنوب، وكأنما هم يتنكرون صراحةً لواحدية انتمائهم، متجاهلين في ذلك حقيقة أنه من غير الممكن أن تعود عجلة التاريخ الى الوراء بمجرد تنكرهم وتجاهلهم لما بات واقعاً ممهوراً بدماء الأوفياء من أنصاره. ولا نعرف على وجه التحديد.. ما ذنب ثوابتنا ومكتسباتنا في أيّ مما يطرأ بين الحين والآخر من خلافات أو اختلافات بين بعضنا البعض، كي نرتضي لأنفسنا مهانة أن نضعها في مهب صراعاتنا السياسية إذا جاز التعبير، بدلاً من أن نحتكم في حالة كهذه لمبدأ الحوار الحق، دونما مواقف مسبقة الصنع، وعملاً بما تستوجبه ضرورة تغليب المصلحة الوطنية العليا.. على كل ما عدا ذلك من مصالح ذاتية ضيقة ومحدودة. الأكثر غرابةً من كل هذا وذاك.. أن يتشدق كل هؤلاء بالديمقراطية وحرية الرأي والتعبير، بينما نراهم بالمقابل يتمترسون وراء نقيض ما أجمع عليه بنو وطنهم، منذ كانت لحظة الاشهار التاريخي لاكتمال الشخصية الوطنية اليمنية بعد طول تشرذم وانقسام.. والى حديثٍ آخر.