أحمد الحسني - لم تغير الشمس دارتها ولم تبدل الارض دورتها ولكن الشروق يومها كان مختلفا وكانت خيوط الصباح تنساب داخل العيون الغارقة في دموع الفرح تلامس القلب لأول مرة وتغمره بدفء خرافي كان الـ22 من مايو يوما ربيعيا كعادته مخضل النسائم لكن للمرة الأولى بغياض سيحوت ومعاجن الوادي وكاذي الحسيني وفل تهامة ودوالي صعدة والبخور العدني للمرة الأولى امتلأت رئة اليمني بهواء اليمن الواحد لينفثه بغبطة كل الدنيا قائلا لـ22 من مايو:
مذ جئت جاء البدء من بدئه ❊❊ وعاد من آخره أولي
بعد أن وقَّع الرئيس علي عبدالله صالح والرئيس علي سالم البيض اتفاقية الثلاثين من نوفمبر وقف الشيخ احمد بن علي المطري تحت قبة البرلمان في صنعاء رافضا ان تخضع الوحدة للتصويت قائلا بغضب القيل اليماني الاصيل والمناضل الوطني الكبير : هذي قلة حيا وسأل أعضاء المجلس مستنكرا هل فيكم من سيقول لا للوحدة؟؟ فقام الجميع خلفه في تصويت عملي متجهين الى عدن.. كان الشيخ المطري محقا فلم تكن الوحدة اتفاقية سياسية تحتاج الى مصادقة المجلس النيابي وإنما كانت حلما يمانيا تحقق بعد طول انتظار، واحلام الامم حين تتحقق لا تحتاج الى تصويت نائب وكانت عهدا عالقا في ذمة كل يمني والوفاء به هو الشرعية إنها إرادة شعب وإرادات الشعوب لا تفتقر الى مصادقة برلمان .. كانت لحظة ميلاد تدفق اليمنيون في كل سهل وجبل وريف وحضر معلنين انتماءهم لجلالها وفجرا أشرق فامتلأت بسناه العيون.
ما حدث في الـ22 من مايو لم يكن قرارا بتوحيد اليمن وانما كان اتفاقا بين سلطتين سياسيتين على التوقف عن تشطير البلد الواحد بالقوة وعن محاولة سلطة كل شطر فرض نظام حكمها على سلطة الشطر الثاني فارتفع بذلك علم دولة يمنية ديمقراطية تقوم على حاكمية الشعب والفصل بين السلطات، يكفل دستورها الحقوق والحريات وينص على المساِواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين وهذا اعظم ما تأتَّى لليمن في تأريخها الحديث والمعاصر ..
|