عبدالوهاب الشرفي - اعلن الرئيس الامريكي "ترامب" الغاء القمة التي كان من المفترض ان تتم مع الرئيس الكوري الشمالي " كيم اون " في سنغافورة في الثاني عشر من يونيو القادم وهي قمة استثنائية كان الكثير يعول عليها في تعزيز التهدئة في تلك المنطقة شديدة التوتر من العالم قبل ان يحدث التقارب في الاشهر الاخيرة وكان يفترض ان تتوج - التهدئة - بهذه القمة.
الولايات المتحدة ارجعت الغاء القمة الى ماقلت بانه خطاب غاضب لوزير الخارجية الكوري الشمالي تجاه نائب الرئيس الامريكي ، وهو خطاب كان بالفعل حادا لان وزير الخارجية الكوري الشمالي علق فيه على تصريح هو الاخر حاد تجاه كوريا الشمالية وانها قد تواجه السيناريو الليبي ما اعتبره الكوريون تهديدا غير مقبولا اقتضى الرد عليه.
" ترامب " عند الغائه القمة ترك الباب مفتوحا على احتمال عقد قمة امريكية كورية شمالية في المستقبل وقال انه مستعد لعقد القمة مع كوريا الشمالية عندما تكون هذه القمة ذات جدوى ، فهل خطاب وزير خارجية كوريا الشمالية الغاضب هو الذي جعل القمة التي كانت مخططة غير ذات جدوى ولذلك أُلغيت ؟.
رغم تلك التصريحات الغاضبة للوزير الكوري الشمالي وماصحبها من القول ان الرئيس الكوري الشمالي قد يلغي القمة مع " ترامب " الا ان كل ذلك لم يقابل في حينه باي تعليق رافض او حاد في حينه بل كان التعليق الامريكي ان الولايات المتحدة مازالت تتطلع لعقد القمة التاريخية ، وبالتالي فليست حدة الوزير الكوري الشمالي تجاه نائب الرئيس الامريكي هي السبب وراء الغاء القمة وانما تم توضيف هذه الحدة لتغطية الغاء الرئيس الامريكي لها.
حديث وزير الخارجية الكوري الشمالي كان يتضمن ماهو اهم من الحدة او الغضب فهما ليسا محل اتخاذ قرار بالغاء القمة من عدمه خصوصا اذا اخذ في الاعتبار ان حدة الكوري الشمالي لم تكن الا مقابلة لحدة من نائب الرئيس الامريكي وكان يمكن اعتبار الامر متعادلا بل حتى لو لم يكن متعادلا فكان للولايات المتحدة ان تمرر الحدة والغضب امام انجاز تاريخي نووي قد تضفر به في هذه القمة ، لكن كان ماهو اهم من الغضب في حديث وزير الخارجية الكوري الشمالي هو محل اتخاذ " ترامب " الغاء القمة.
كان وزير الخارجية الكوري الشمالي قد وضع النقاط على الحروف وحدد مجال التفاوض مع الولايات المتحدة ممثلة برئيسها في تلك القمة وكانت رسالته واضحة ومؤكدة فقد قال ان كوريا لن تقبل باي تفاوض لتخليها عن سلاحها النووي دون رفع المظلة النووية لكوريا الجنوبية ، كما قال ان اي ضغوط قد تمارس في القمة على " كيم " للتخلي عن النووي من طرف واحد لن تكون ذات اثر.
كانت رسالة كوريا الشمالية واضحة انه اذا توهم " ترامب " انه سيعقد في القمة صفقة نووية مع كوريا الشمالية من طرف واحد فان عليه ان لايتعب نفسه لان ذلك لن تقبله كوريا الشمالية واذا اراد النقاش حول النزع النووي من المنطقة ككل فهذا هو ما ستخوض فيه كوريا الشمالية مع الولايات المتحدة ، كما اغلق الوزير الكوري الشمالي الباب تماما بحديثه عن ان المكاسب الاقتصادية لم تكن ولن تكون محل نظر " بيونغ يانغ " بمعنى انه اذا اعتقد " ترامب " ان تقديم مقابل اقتصادي لكوريا الشمالية مقابل تخليها عن النووي فهو واهم.
تمسك كوريا الشمالية القوي بموقفها عدم نزع السلاح النووي من طرف واحد هو الذي جعل " ترامب " يلغي القمة و هو ما عناه بالاستعداد الامريكي للقمة عندما تكون ذات جدوى ، اي ان مايريده " ترامب " هو مناقشة النووي الكوري الشمالي فقط اما مناقشة نزع النووي من المنطقة ككل امر غير مقبول وغير مجدٍ من وجهة النظر الامريكية.
بعد حالة تفاؤل عاشتها الادارة الامريكية بان الازمة مع كوريا السمالية بدأت تتحلحل وانه قد تم اخضاع او لنقل التاثير على مواقف " كيم " المتشددة وجدت نفسها امام ذات الجدار الصلب للموقف الكوري الشمالي ولهذا كان خطاب الولايات المتحدة حادا ومهددا من جديد ومتوعدا باستمرار الضغوطات واعاد المشهد لما قبل التهدئة مع كوريا الشمالية وكأنه تعبير عن شعور بالخيبة فالولايات المتحدة بدت حادة لدرجة الحديث عن حلفائها بمنطق تحدٍ لم يتحدثوا به هم انفسهم ، ففي الوقت الذي تتحدث الولايات المتحدة عن ان كوريا الجنوبية واليابان ليستا مستعدتين لاي تطورات مع كوريا الشمالية فحسب وانما لديهما الاستعداد للتضحية !! كانت كوريا الجنوبية تتحدث عن الاسف لالغاء القمة لا اكثر وهو ما يعكس حالة من الشعور الامريكي بالفشل الكامل تجاه تطلعاتها تجاه كوريا الشمالية.
ليس هذه التهديدات والغضب الامريكي سيعيد المشهد في المنطقة لما كان عليه قبل التهدئة وانما ايضا الشعور الكوري الشمالي بانها قد خدعت فقد حاولت كوريا ان ترسل رسائل ايجابية تجاه الولايات المتحدة بالافراج عن مجموعة من المعتقلين اثناء زيارة " مومبيو " وزير خارجية الولايات المتحدة الاخيرة لها ، كما ان اعلان الولايات المتحدة الغاء القمة بعد تنفيذ " بيونغ يانغ " وعدها بتفكيك احد مواقعها النووية مباشرة يزيد من شعورها بالخداع وانه تم الانتظار لحين تفكيك الموقع ثم اعلان الغاء القمة وسيترتب على ذلك تشدد كوري شمالي اكثر من ذي قبل.
|