الميثاق نت -

الإثنين, 28-مايو-2018
الميثاق نت: -
قراءة جديدة.. أضاء بها الاستاذ عبدالقادر باجمال -نائب رئيس المؤتمر الشعبي الأمين العام الأسبق- نسأل الله له الشفاء العاجل- أعمال افتتاح ندوة "الوحدة اليمنية في عامها السابع عشر " التي نظمها معهد الميثاق يوم الاحد 20-5-2007م.. وهي قراءة جديرة بالتوقف عند مضامينها‮ ‬واستخلاصاتها‮.. ‬فيما‮ ‬يلي‮ ‬نصها‮:‬
الميثاق‮ ‬الوطني‮ ‬الذي‮ ‬مثل‮ ‬أول‮ ‬وثيقة‮ ‬وحدوية‮ ‬حقيقية‮ ‬بالمقارنة‮ ‬مع‮ ‬كافة‮ ‬الوثائق‮ ‬التي‮ ‬عرفناها‮ ‬للأحزاب‮ ‬السياسية‮ ‬القومية‮ ‬والأممية‮ ‬والإسلامية‮.‬
ليس مجالاً للمقارنة، ولكنه بالمطلق نستطيع أن نقول بأن أول وثيقة تحدثت بعمق فكري وسياسي وأيديولوجي هي الميثاق الوطني، فلم يكن الميثاق الوطني إلا من صنع رجال آمنوا بالوحدة، وجعلوها قضية أساسية من قضايا الشعب اليمني بأسره بكل فئاته، وبكل تلاوينه السياسية وبكل‮ ‬أجياله‮ ‬المتعاقبة‮.‬
لم يكن مفهوم الوحدة على الإطلاق مفهوماً موحداً لدى اليمنيين في ظرف معين، وإن كان هذا المفهوم مفهوماً واضحاً ومحدداً في ضمير الشعب اليمني بأسره لكن لدى النخبة، ولدى السياسيين الأمر مختلف، والأمر مختلف لسبب بسيط أننا جئنا، وأكثرنا جاء في عذاب المد النهضوي الذي شهدته مع بدايات التحرر الوطني من أجل الاستقلال، من أجل التحرر، وجدنا أنفسنا امتداداً لفكرنا القومي على مستوى حركة القوميين العرب، أو على مستوى البعث أو على مستوى الحركة- أيضاً- الدولية الأممية الاشتراكية، أو على مستوى الحركة الإسلامية، المتمثلة في الأساس‮ ‬في‮ ‬تيار‮ ‬الإخوان‮ ‬المسلمين‮- ‬إذا‮ ‬صح‮ ‬التعبير‮ ‬بهذا‮ ‬الشكل‮.‬
وعندما نقرأ موضوعات الوحدة سنقرؤها من زوايا مختلفة وفقاً للمنابع الفكرية والسياسية لهذا الحزب أو ذاك، ثم عندما تحول هذا الحزب أو ذاك إلى نظام حكم بعد الاستقلال الوطني أصبح أيضاً هذا المفهوم كثيراً معقداً إلى أبعد حدود التعبير.
وخصوصاً _أقولها بصراحة- ليس نقداً ولكن قراءة محملة بهموم الوطن ككل لما جرى من انقلاب في عام 1969م في 22 يوليو بما معناه أنه تم تلوين النظام السياسي الشطري في الجنوب تلويناً أيديولوجياً معيناً أي نظرته للوحدة غير نظرة أولئك أوائل الذين استلموا استقلال الوطن‮.‬
هذه مسألة مهمة جداً للتحدث عنها وسوف نجد أن لكل تيار سياسي مشروعه الخاص في مفهوم الوحدة من جهة، ومشروعه الخاص في إقامة الدولة الشطرية أو القطرية من جهة أخرى، نجدها عند البعث الذي تحدث عن الوحدة بأنه يقيم نظامين كاملين لا يتوحد بداخله،ولكنه يريد أن يبتلع الآخر، ونرى أيضاً أن حركة القوميين العرب تريد أن تعطي نموذجاً وسطياً بين المصريين في مصر عبدالناصر، وبين البعثيين في سوريا والعراق، ولكن ما حدث في 1969م كان تحولاً خطيراً في كل الحركة السياسية،وفكرها القومي في ذلك الوقت، ناهيك عن فكرها الوحدوي الوطني.
نجد الأمر معقداً كثيراً؛ إذْ أصبح هناك من يسعى إلى إقامة النموذج الخاص به وبالتالي هذا النموذج الخاص به يتلون بتلوين الأيديولوجيا بتلوين السياسية.. أيضاً يتلون بموقع هذا النظام، أو هذا الحزب في منظومة الصراع الدولي، والحرب الباردة.. نجد أيضاً أننا أمام إشكاليات‮ ‬كثيرة‮ ‬بل‮ ‬نتيجة‮ ‬نحو‮ ‬الواقع‮ ‬اليمني‮ ‬بصورة‮ ‬مباشرة،‮ ‬حتى‮ ‬لا‮ ‬أراه‮ ‬إلا‮ ‬معاداً‮ ‬أو‮ ‬معاراً‮ ‬من‮ ‬قبلنا،‮ ‬ومكروراً‮.‬

حرب‮ ‬باردة‮ ‬بمفاهيم‮ ‬مختلفة
في مفهوم الوحدة اليمنية لدى التشكيلات السياسية أو وجوده على الساحة اليمنية ككل نجد الصورة التالية واضحة لنا كل الوضوح، حرب 1967م العدوانية على مصر والأمة العربية من قبل إسرائيل كانت فيصلاً مهماً في قضية الفكر القومي وفيصلاً مهماً في قضية المواقف السياسية بصورة عامة لكل القوى، بل وُجهت للحركة القومية وللناصرية على وجه الخصوص، ثم يليها البعثية ربما كمرحلة ثانية بصورة ثانوية، وجهت ضربة للفكر أو المواقف السياسية الوحدوية، أو المفهوم الإقليمي العربي أو للعروبة أو لما يمكن أن نسميه القومية العربية بصورة عامة، هذه الإشكالية التي كانت موجودة ليست بعيدة على الإطلاق عن الصراع الدولي في المنطقة،وعلى وجه الخصوص ما سمي لاحقاً في مفهوم الفكر السياسي بالحرب الباردة، ليس بعيداً عن هذا بالإطلاق، والحرب الباردة أديرت مباشرة ولكن بواسطة مفاهيم مختلفة وبواسطة مندوبين كاملين لهذه‮ ‬القوى؛‮ ‬سواءً‮ ‬أكان‮ ‬على‮ ‬مستوى‮ ‬الدول‮ ‬أو‮ ‬على‮ ‬مستوى‮ ‬التنظيمات‮ ‬السياسية‮ ‬والفكرية‮.‬
لا نجد في ميثاق حركة القوميين العرب وبدرجة أساسية في حركة جبهة التحرير، أو حتى في التي هي أصلاً امتداد أو خليط من الناصرية على البعثية في معظم الأحيان، حسب الأحوال، وإنما كانت بدرجة أساسية الضربة القاصمة، كانت من أجل إيقاظ التضامن القومي أن يذهب عبدالناصر لليمن‮ ‬خارج‮ ‬حدوده،‮ ‬ينبغي‮ ‬أن‮ ‬يوقف‮ ‬هكذا،‮ ‬كما‮ ‬أوقف‮ ‬محمد‮ ‬علي‮ ‬باشا،‮ ‬يكتفي‮ ‬بحدود‮ ‬مصر،‮ ‬وأعاد‮ ‬الكرة‮ ‬مرة‮ ‬أخرى‮ ‬صدام‮ ‬حسين‮ ‬عندما‮ ‬دخل‮ ‬الكويت‮.‬

لن‮ ‬يسمح‮ ‬لأحد‮ ‬في‮ ‬ظل‮ ‬الحرب‮ ‬الباردة،‮ ‬سواءً‮ ‬أكان‮ ‬شرقاً‮ ‬أو‮ ‬غرباً‮ ‬أن‮ ‬يكون‮ ‬ثمة‮ ‬تفكير‮ ‬خارج‮ ‬حدود‮ ‬الإقليم‮ ‬أو‮ ‬خارج‮ ‬الحدود‮ ‬القطرية‮.‬
بدأت المسألة مبكراً وليس من اليوم هذه القضية معروفة تماماً، حتى في نهاية المطاف.. في الحرب العالمية الأولى والثانية، جرى إغلاق منافذ الزحف القومي من دولة لأخرى كما حصل بين ألمانيا وفرنسا، رغم الاحتلال الذي دام أربعين سنة "لبزاسلورين" وما فعل الفرنسيون وتراثهم‮ ‬شيئاً‮ ‬أيام‮ "‬نابليون‮" ‬الثالث‮ ‬سوى‮ ‬أن‮ ‬وضعوا‮ ‬شريطاً‮ ‬أسوداً‮ ‬فقط‮ ‬على‮ ‬قوس‮ ‬النصر‮ ‬إشارة‮ ‬إلى‮ ‬أن‮ ‬هذا‮ ‬القوس‮ ‬حزين‮ ‬وأن‮ ‬جزءاً‮ ‬من‮ ‬التراب‮ ‬الوطني‮ ‬ذهب‮.‬
جاءت‮ ‬التأثيرات‮ ‬المباشرة‮ ‬للحرب‮ ‬الباردة‮ ‬على‮ ‬قضية‮ ‬الوحدة‮ ‬اليمنية‮ ‬بصورة‮ ‬مباشرة‮ ‬هي‮ ‬من‮ ‬منظورين‮ ‬رئيسين‮: ‬منظور‮ ‬ألمانيا‮ ‬الشرقية‮ ‬التي‮ ‬كان‮ ‬لها‮ ‬نفوذ‮ ‬فكري‮ ‬وأمني‮ ‬وسياسي‮ ‬في‮ ‬الجنوب‮ ‬بعد‮ ‬22‮ ‬يونيو‮ ‬1969م‮.‬
والثاني المنظور الفيتنامي والآخر المنظور الكوري القائم حتى هذه اللحظة.. كان المنظرون يرون أنه يمكن اعتماد أحد النماذج الموجودة فكان النموذج الأول هو تكريس لفكر يقول بأن الاشتراكية المنتصرة تستطيع أن تسحب الرأسمالية المنهزمة في أحد الشطرين لا اشتراكية منتصرة،‮ ‬ولا‮ ‬رأسمالية‮ ‬منتصرة،‮ ‬الكل‮ ‬مهزوم‮ ‬أمام‮ ‬الشعب‮ ‬اليمني‮ ‬الذي‮ ‬يريد‮ ‬الوحدة‮ ‬بعيداً‮ ‬عن‮ ‬الأيديولوجيا‮ ‬بعيداً‮ ‬عن‮ ‬الفلسفات‮.. ‬
بل إن الواقع اليمني نفسه فرض وجوده على كافة الحركات كلها منذ 1948م إلى اليوم بأنه دائماً يفرض حضوره في هيكلياته وبناءاته الفكرية والسياسية والاقتصادية وبصورة عامة، فهي متخلفة مهما تلونت ومهما أعطي لها من تلاوين كان المفهوم الذي ساد في أدبيات الجبهة القومية التنظيم السياسي الموحد الذي دخلت فيه فصائل عمل وطني كما تفهم في ذاك الوقت بأنهم البعثيون والاتحاد الشعبي الديمقراطي وهما ماركسيان ولكن ماركسيان مستنيران إذا أخذنا بصراحة فكر عبدالله باذيب بدرجة أساسية من تأصيله لمفهوم الوحدة اليمنية وفي مقال له كتبه بعد مرور عام على ثورة 26 سبتمبر 1962م قال وقتها -للثوار في صنعاء: يفهم حقيقة معنى الثورة في مجتمع متخلف، ويفهم حقيقة ما هي متطلبات هذه الثورة، هذه وثيقة مهمة جداً كتبت منذ وقت مبكر قبل ثورة 14 أكتوبر كان مفهوماً بدرجة أساسية أنه أولاً الوحدة الوطنية الداخلية هي الشرط الأساسي لأي وحدة، وأن التحالف تحالفات مهمة جداً في إطار جميع الطبقات والفئات الاجتماعية، كان مهماً جداً، وكان يرتكز بدرجة أساسية على البرجوازية في المدنية باعتبارها المنطلق الرئيسي لتكوين مجتمع حديث، سماها _هكذا- برجوازية المدن، لأنه يرى في برجوازية‮ ‬ما‮.. ‬لا‮ ‬يرى‮ ‬في‮ ‬الريف‮ ‬برجوازية،‮ ‬بل‮ ‬يرى‮ ‬مفهوماً‮ ‬آخر‮ ‬وتشكيلات‮ ‬أخرى‮ ‬مثلما‮ ‬قبل‮ ‬الإقطاع‮ ‬في‮ ‬ذاك‮ ‬الوقت‮ ‬حسب‮ ‬مفهومه‮ ‬هو‮.‬
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 03:06 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-53481.htm