د.عادل غنيمة - بدأت معارك الساحل الغربي منذ عامين ونيف عندما اعلنت دول تحالف العدوان نيتها استكمال السيطرة على السواحل اليمنية وهي معركة طويلة من حيث الزمن ومن حيث العمليات العسكرية في اكثر من جبهة بالساحل الغربي وقد شهدت معارك الساحل الغربي تغيرات كبيرة من حيث عملية الكر والفر كما شهدت تغيرات في المشهد السياسي اليمني من تغير طبيعة التحالفات بين مختلف اطراف الصراع وقد امتدت مساحة معارك الساحل الغربي من مديرية ذوباب في باب المندب الى العديد من المديريات المؤثرة في امن وسلامة مضيق باب المندب والبحر الاحمر مثل الكدحة والمخا وموزع والوازعية الى بيت الفقيه وزبيد وحيس والجراحي والدريهمي..
بينما شهدت الساحة السياسية نشاطاً ملحوظاً لإحياء عملية التفاوض بين اطراف الصراع حول كيفية الاتفاق على آلية التفاوض وماهية الحل السياسي بدءاً من جنيف1 وجنيف2 الى مفاوضات الكويت1 والكويت2 وكذلك مباحثات اتفاق مسقط والتي تمحورت حول مبادرة كيري واتفاق ظهران الجنوب بين مكون انصار الله والنظام السعودي وهو اول تواصل مباشر بين قائدة تحالف العدوان ومكون انصار الله السياسي وان سبقها بعض اللقاءات التي لم تصل الى نتيجة..
ونتيجة للضغوط الدولية على اطراف الصراع لانجاز اتفاق سياسي لوقف الحرب ومعاناة المدنيين فقد تنازلت سلطة حكومة الانقاذ وتم توقيع اتفاق مسقط الذي رفضته الرياض من خلال هادي وحكومته وهو الذي اثبت لحكومة صنعاء عدم امتلاك هادي وحكومته قرار الحل سياسيا اوعسكريا وقد ثبت ذلك من خلال منعه من الوصول الى عدن والجنوب وهو مايناقض الهدف الرئيس من عدوان دول التحالف وهو اعادة الشرعية الى اليمن.
المبعوث الدولي السابق ولد الشيخ لم يستطع اقناع اطراف الصراع بخارطة طريق اممية بسبب قلة خبرته السياسية حيث يمثل الملف اليمني او ملف سياسي يعمل به وقد كان اخر اعماله في اليمن مدير مكتب الامم المتحدة في صنعاء وكان اتهام حكومة صنعاء له بالانحياز لدول التحالف بسبب تراجعه عن خارطة الطريق التي اعلنها كما تم اتهامه بتضليل مجلس الامن والامم المتحدة بتقارير مضللة وتم وقف التعامل معه لمدة عام ونيف وتجمدت العملية السياسية التفاوضية..
وكان ذلك من مبررات التصعيد العسكري من قبل دول التحالف وقوات ماتسمى حكومة الشرعيةوالتي لم تخفها منذُ اول يوم للعدوان على الساحل الغربي والتي جاءت على لسان وزير الخارجية الاسبق المخلافي الذي قال لقناة العربية إنه قد تم عقد العزم والنية على تحرير كامل الساحل الغربي وليس اليمن كاملاً بهدف احياء المسار السياسي كما اضاف المخلافي: أن تحريك الآلية العسكرية بهدف الضغط على الانقلابيين للقبول بالمفاوضات السياسية..
وقد استمرت المعارك في الساحل الغربي وبحكم اختلاف موازين القوى مابين قوات حكومة صنعاء وقوات حكومة هادي المسماة بالشرعية والتي تميل لصالح دول العدوان وقوات حكومة هادي من حيث الامكانات والقدرات العسكرية حيث تدعمها دول التحالف المكونة آنذاك من 18دولة بالدبابات والمصفحات الامريكيةالبريطانية والاطقم العسكرية والمدفعية الثقيلة وصواريخ الكاتيوشا كما تشارك دول التحالف بفرق لتشغيل صواريخ الباتريوت الدفاعية..
وكان للاساطيل البحرية دور بارز في نجاح معارك الساحل الغربي اضافة الى الطيران الحربي من احدث طائرات العالم الحديثه الميراج والتورنيدو واف16وكذلك الطائرات العمودية وطائرات الاباتشي التي تستطيع كل واحدة منها مواجهة كتيبة عسكرية كاملة ولم تبخل دول التحالف على قوات ما تسمى حكومة الشرعية التي تفتقد للروح القتالية فدعمتها بقوات برية من فرقة الجانجويد في الجيش السوداني وقوات بعض الشركات الامنية مثل بلاك ووتر التي انسحبت من اليمن لاحقا بعد تلقيها ضربات موجعة وقتل العديد من افرادها وقدمت دول التحالف الدعم الفني واللوجيستي وكان لها الدور الرئيس في قيادة غرف العمليات..
وقد استطاعت القوات الموالية للتحالف السيطرة على مديريات ساحل باب المندب وميناء المخا ولكنها عجزت عن السيطرة على معسكر سلسلة تباب العمري وجبال كهبوب والتي اجادت قوات الجيش واللجان الشعبية السيطرة عليها والانطلاق منها لمهاجمة قوات التحالف حيث مثلت خطورة على تأمين سواحل باب المندب
ومع مرور الوقت تتداول التصريحات من دول التحالف وعلى رأسها امريكا وبريطانيا وفرنسا والسعودية والامارات بان الحل في اليمن سياسي ولكن واقع الحال هو التصعيد العسكري ومحاولة تحقيق اهداف العدوان واهمها السيطرة على سواحل اليمن وموانئه وجزره المترامية في البحر الاحمر والبحر العربي وخليج عدن وهو ما أدى الى تجميد عملية التفاوض السياسي نتيجة تنشيط العمل العسكري لاسيما في جبهة الساحل الغربي والتي تشهمد عملية مد وجزر بين اطراف الصراع.
تغير التحالفات السياسية والعسكرية بين اطراف الصراع
شهدت الحياة السياسية اليمنية احداثاً جسيمة ادت الى تغيير المشهد السياسي اليمني في طبيعة التحالفات السياسية والعسكرية في صنعاء وعدن وقد شهدت عدن اشتباكات بين قوات الحزام الامني الموالية للامارات وقوات الحماية الرئاسية كنتيجة للخلافات بين هادي والاخوان وحليفهم النظام الاماراتي وانتهت بسيطرة قوات الحزام الامني على محافظة عدن حتى وصلت الى القصر الرئاسي في المعاشيق كما حدث شرخ في العلاقة مابين المؤتمر الشعبي العام ومكون انصار الله توجت بأحداث ديسمبر التي مثلت زلزالاً سياسياً في اضعاف الجبهة الداخلية المواجهة للعدوان والذي استفادت منه القوات الموالية للتحالف في العديد من الجبهات وكان لجبهة الساحل الغربي نصيب من الانهيار فقد انضمت قوات معسكر من الحرس الجمهوري في حيس الى قوات التحالف وتمكنوا من السيطرة عليها وكان انضمام طارق عفاش قائد الحراسة الخاصة بالزعيم علي صالح يمثل انتصار لدول التحالف بعد انضمام اكثر من 10آلاف مقاتل الى صفوف التحالف ونتيجة خبرتهم بمعسكرات الساحل الغربي فقد تحققت انتصارات متلاحقة لقوات التحالف بالساحل الغربي وتم السيطرة على سلسلة تباب معسكر العمري وجبال كهبوب كما تم السيطرة على مفرق البرح ومفرق المخا وكانت تلك الانتصارات هي التي جعلت شهية دول التحالف تنفتح لاستكمال احتلال كامل الساحل الغربي بما فيه ميناء الحديدة الاستراتيجي حيث تشير الانباء الى حشد دول التحالف 35 ألف مقاتل لاحتلال الحديدة ومديريات الساحل الغربي منها 15الفاً لقوات العمالقة التابعة للامارات وايضا 10 آلاف من المقاومة الشعبية التهامية وايضاً 10 آلاف مقاتل من حراس الجمهورية والقوات الخاصة بقيادة طارق عفاش.
معركة الحديدة هل تمثل نقطة النهاية للحرب في اليمن؟
تم البدء بمعركة الحديدة بعد تأمين معظم السواحل لباب المندب والبحر الاحمر.. وفي عملية خاطفة والتفاف لقوات التحالف تم السيطرة على الشريط الساحلي لمعظم مديريات الساحل الغربي والحديدة كما تم السيطرة على مفرق الوازعية ومفرق المخا لمنع الامدادات لقوات الجيش واللجان الشعبية وكما يبدو ان الخطة كانت واضحة المعالم وكانت بمشاركة امريكية وغربية وبأدوات سعودية واماراتية ويبدو ان قرار احتلال الحديدة لارجعة عنه رغم التحذيرات الدولية ومن المبعوث الدولي عن الكارثة الانسانية التي ستترتب على تداعيات وآثار معركة الحديدة..
ويسعى المبعوث الدولي الجديد الى وقف معركة الحديدة من خلال المطالبة بتسليم الميناء لاشراف دولي وقد استطاع الحصول على موافقة من انصار الله على اشراف دولي للرقابة على واردات الميناء وتوريد الايرادات الى البنك المركزي مقابل صرف المرتبات الا ان موقف دول التحالف كان رافضا للحل الدولي بشأن وقف معركة الحديدة كنقطة انطلاق للمفاوضات السياسية وفقا لآلية التفاوض والحل السياسي المطروح من المبعوث الدولي الجديد غريفيث..
المبعوث الدولي الجديد لم ييأس من رفع سقف مطالب دول التحالف وهو متفائل بتنشيط العملية السياسية التفاوضية والتي يرى انها قريبة وستتم خلال الاسابيع القادمة وقد اشاد بقيادة انصار الله لتجاوبها مع المقترحات الاممية للعمل على تحقيق الحل السياسي..
ومن خلال جولات مكوكية للمبعوث الدولي غريفيث بين صنعاء والرياض وابوظبي واحاطتين قدمهما لمجلس الامن ومن خلال قراءة سياسية لبنود خارطة الطريق التي اقترحها لاستئناف المفاوضات السياسية فقد اعتمد على كل نتائج المفاوضات السابقة لاسيما مفاوضات الكويت ومبادرة كيري واتفاق ظهران الجنوب وقد عمل على تذليل نقاط الضعف في المفاوضات السابقة لاسيما ضرورة تزامن الحل السياسي بالحل الامني والعسكري لانسحاب القوات وتسليم الاسلحة الثقيلة والمتوسطة ومع تفاؤل العديد من السياسيين بتحريك آلية النفاوض السياسي فقد كان استشهاد الرئيس الصماد بعملية غادرة من دول التحالف نكسة للآمال والطموحات من الفرقاء السياسيين واطراف الصراع وعامة الشعب اليمني بوقف اطلاق النار وتحييد البنك المركزي وصرف المرتبات واستئناف المفاوضات للحل السياسي وبعد اكثر من شهرين على استشهاد الرئيس الصماد حاول المبعوث الدولي تحريك العملية السياسية فكان التصعيد العسكري من خلال معارك الساحل الغربي مابين عامل ضغط على مكون انصار الله وحكومة الانقاذ للتسريع بعملية استئناف المفاوضات كما تدعي دول التحالف بينما يرى مكون انصار الله ان التصعيد العسكري في الساحل الغربي ومعركة الحديدة مغامرة من دول التحالف غير محسوبة العواقب كونه الميناء الوحيد الذي تدخل منه المساعدات الانسانية والواردات لحوالي 80٪ من سكان اليمن..
فماهي الدوافع الحقيقية لاتخاذ دول التحالف قرار احتلال الحديدة ورفض كل المناشدات الدولية والاممية لوقف معركة الحديدة واستكمال السيطرة على الساحل الغربي وميناء الحديدة؟..
الهدف المعلن دائما هو اعادة حكومة الشرعية وان احتلال الساحل الغربي بهدف الضغط على انصار الله وحكومة صنعاء للاستجابة لعملية التفاوض ومرجعيات الحل السياسي الثلاثة.. والهدف الثاني من احتلال الساحل الغربي هو تأمين الملاحة في باب المندب والبحر الاحمر ومنع ايران من السيطرة على باب المندب وان يكون لها قواعد في البحر الاحمر من خلال حلفائهم..
اما الاهداف غير المعلنة في اطار المخططات الاقليمية والدولية
1-تقسيم اليمن والسيطرة على موانئه وجزرة على امتداد سواحله في البحر الاحمر والبحر العربي.
2-احتلال مضيق باب المندب لما يمثله من اهمية استراتيجية مع موانئ اليمن في اطار مشروع الصين العظيم طريق الحرير والتي يتوقع ان يكون دخل ميناء عدن كمنطقة ترانزيت تجارية ومنطقة حرة 100 مليار سنويا وكذلك يتوقع ان يصل دخل ميناء الحديدة 40مليار دولار في اطار مشروع طريق الحرير الصيني.
3-اقامة القواعد العسكرية في مختلف الموانئ والجزر اليمنية لاسيما جزر حنيش وزقر وكمران واستغلالها اقتصاديا.
بعد ان تتم السيطرة لدول التحالف على الساحل الغربي وموانئه وجزره فان ذلك يمثل ورقة ضغط على حكومة الانقاذ وانصار الله في المفاوضات المقترحة فاما توقيع اتفاقات طويلة الاجل لدول التحالف لاستغلالها اقتصاديا وتجاريا والموافقة على اقامة قواعد عسكرية وإما استمرار الاحتلال كأمر واقع مع دعم اطراف الصراع لمعارك طويلة الاجل في المناطق الجبلية.
|