الميثاق نت -

الأربعاء, 04-يوليو-2018
طه‮ ‬العامري -
كمراقب وبحكم علاقة طويلة من المعرفه والصداقة مع قيادات وكوادر المؤتمر الشعبي الذي لم أنتمِ إليه يوما وأن حسبني البعض عليه إلا أني أعترف بمناصرته خاصة بعد أن أيقنت مبكرا بفشل التنظيمات الراديكالية يسارية كانت أو يمينية وفشلها في تحديث وتطوير خطابها السياسي والفكري.. تعلق الأمر هنا بالقوميين أو اليسار الماركسي أو جماعة الأخوان المسلمين أو بقية المكونات السياسية التي برزت بعد قيام الوحدة عام 1990م.. مثل المؤتمر في لحظه بروز طفيليات سياسية ومكونات حزبية حاضنة وطنية ورافعة سياسية فكان بمثابة ملاذ ومظلة لكل دعاة الاعتدال والتسامح التواقين إلى تجاوز ركام الماضي القريب والبعيد والمتطلعين إلى بناء هوية وطنية جامعة تحل على أنقاض بؤر التأطير المذهبي والمناطقي وأيضا بديلا عن التخندق في خنادق الايديولوجيات التي تسمَّر داخلها رهبان وقساوسة التخلف..
كغيري‮ ‬وهم‮ ‬كثر‮ ‬حلمنا‮ ‬بأن‮ ‬يكون‮ ‬ويصبح‮ ‬المؤتمر‮ ‬الرافعة‮ ‬الوطنية‮ ‬الجامع‮ ‬للإرادة‮ ‬الوطنية‮ ‬الجمعية‮ ‬غير‮ ‬أن‮ ‬المؤتمر‮ ‬وجد‮ ‬نفسه‮ ‬يسير‮ ‬بذات‮ ‬الاتجاه‮ ‬الذي‮ ‬سارت‮ ‬عليه‮ ‬الثورة‮ ‬اليمنية‮ ‬والوحدة‮..‬
محاور انتهازية.. مراكز قوى.. انحراف.. تسلط.. استلاب للمفهوم الوطني كل هذا تزامن مع إيجاد سلسلة أزمات داخلية وخارجية سياسية واقتصادية سلوكية وإدارية.. لكن برغم كل هذا ظل المؤتمر هو فرس الرهان للتغيير الاجتماعي وهو المؤهل لهذا التغيير بعد إجراء قليلٍ من التعديلات‮ ‬على‮ ‬غرفة‮ ‬التحكم‮ ‬والسيطرة‮ ‬فيه‮..‬
تلكم‮ ‬كانت‮ ‬مقدمة‮ ‬لسؤال‮ ‬يفرض‮ ‬نفسه‮ ‬اليوم‮ ‬ولا‮ ‬بد‮ ‬أن‮ ‬يجيب‮ ‬عليه‮ ‬المؤتمريون‮ ‬وبكل‮ ‬شفافية‮ ‬ووضوح‮ ‬وصراحة‮.. ‬والسؤال‮ ‬هو‮: ‬هل‮ ‬المؤتمر‮ ‬عفاشي؟‮ ‬أم‮ ‬كان‮ ‬عفاش‮ ‬مؤتمرياً‮.. ‬؟
فإذا كان الجواب أن المؤتمر عفاشي فرحم الله الرئيس عفاش رحل ورحلت معه تجربته السياسية وبالتالي لا مشكلة توجد بين المؤتمريين في الداخل والخارج ولا داعي ليكيلوا التهم لبعضهم البعض ويوزعوا على بعضهم تهم الخيانة والتخوين.. ؟!
إما إذا كان عفاش مؤتمرياً فإن المؤتمر في هذه الحالة هو الأصل وما دونه استثناء وطالما المؤتمر هو الأصل فإن المؤتمريين في الداخل كانوا أو في الخارج يجب بل واجب أن يبقوا مؤتمريين وبالتالي ليس من حقهم أن يوزعوا صكوك الغفران فيما بينهم فهم ينتمون لكيان شعبي واسع‮ ‬الانتشار‮ ‬وله‮ ‬منطلقاته‮ ‬السياسية‮ ‬والأدبية‮ ‬والفكرية‮ ‬وبالتالي‮ ‬تحكم‮ ‬مكوناته‮ ‬وهياكله‮ ‬لوائح‮ ‬داخلية‮ ‬الكل‮ ‬ملتزم‮ ‬بالاحتكام‮ ‬إليها‮ ‬والقبول‮ ‬بها‮ ‬وبنتائج‮ ‬أحكامها‮..‬
نعم هناك عوامل ذاتية وموضوعية أدت إلى بروز حالة استثنائية في المشهد والخارطة وكل الوطن وتباينات برزت وعلى مختلف المسارات وانقسامات مزقت النسيج المجتمعي برمته.. عظمة المؤتمر ومصداقيته وأصالته رغم كل الشوائب والأخطاء والتجاوزات تحتم على المؤتمريين الالتفاف حول‮ ‬بعضهم‮ ‬وكيانهم‮ ‬بعيدا‮ ‬عن‮ ‬ثقافة‮ ‬المزايدة‮ ‬والتخوين‮ ‬وكيل‮ ‬التهم‮.. ‬
ليأخذ المؤتمريون عبرة من أنفسهم عند بداية العدوان إذ كان هناك رموز ومجاميع مؤتمرية قد وقفت وتباينت واختلفت مع الرئيس الشهيد حول العلاقة مع أنصار الله، حدد البعض من رافضي هذه العلاقة مواقفهم وخياراتهم والتحقوا بالطرف الآخر رافضين فكرة التحالف مع أنصار الله بعيدا‮ ‬عن‮ ‬أسباب‮ ‬وعوامل‮ ‬هذا‮ ‬التباين‮ ‬فقد‮ ‬حدث‮ ‬واعتبر‮ ‬الرئيس‮ ‬الشهيد‮ ‬من‮ ‬ناهضوا‮ ‬تحالفه‮ ‬هذا‮ (‬خونة‮) ‬دون‮ ‬أن‮ ‬يعود‮ ‬لأدبيات‮ ‬ولوائح‮ ‬التنظيم‮ ‬الذي‮ ‬يقف‮ ‬على‮ ‬رأسه‮ ‬منذ‮ ‬1982م‮.. !!‬
حدثت الخلافات والمواجهات واُستشهد الرئيس السابق فلحق بعض المؤتمريين ركب من سبقهم من زملائهم وبقي البعض يعضون على النواجذ وفي ظل واقع ملبد بغيوم الصراعات النازفة وبالتالي الأمر هنا يحتاج للتعقل والبحث عن مخارج وحلول آمنة تخرج هذا التنظيم من شرنقة الأزمة وتمكنه من إعادة هيكلة مكوناته وجسده التنظيمي وفق الثوابت والمنطلقات الفكرية التي قام عليها المؤتمر الذي كان بإمكانه أن يجنب الشعب والبلاد كل ما يجري لهما اليوم لو لم تتوغل فيه رموز المشاريع الصغيرة بالمؤتمر حضن اليساري الماركسي الملحد والإسلامي الموحد والقومي‮ ‬العلماني‮ ‬ناصريا‮ ‬كان‮ ‬أو‮ ‬بعثيا‮.. ‬واحتضن‮ ‬الواجهات‮ ‬التقليدية‮ ‬والرموز‮ ‬الإقطاعية‮ ‬سواءً‮ ‬تعلق‮ ‬الأمر‮ ‬بالإقطاع‮ ‬السياسي‮ ‬والديني‮ ‬او‮ ‬الإقطاع‮ ‬الاقتصادي‮..‬
هذه الترويكا الانتهازية استغلت حاجة النظام للتوازن فاتخذت من المؤتمر مظلة استظلت بها لممارسة عبثها ومن أجل إفراغ المؤتمر من أدبياته ومشروعه السياسي والفكري والثقافي وتداعت الأحداث إلى أن وجدنا أنفسنا اليوم امام هذا المشهد الدرامي للوطن والمؤتمر.. !!
اليوم نرى المؤتمر يمارس على نفسه سياسة جلد الذات بين من هم في الداخل ومن هم في الخارج وتلكم هي المثلبة التي يجب على المؤتمريين تداركها بدءاً بإيقاف التهم الجزافية التي يكيلونها لبعضهم البعض وعليهم احترام علاقتهم الوطنية والتنظيمية وتقديس أدبياتهم وعدم الخروج عنها وأن يدركوا أن هناك كثيرين يرغبون بتصفية حساباتهم مع المؤتمر رغم أنهم لا يملكون مقومات وإمكانات المؤتمر.. حتى أنا لو كنت على يقين بأن هناك بديلا وطنيا عن المؤتمر قد لا اكترث بتمزقه أو بتلاشيه وحله.. لكن كل ما يجري في بلادنا يؤكد أن المؤتمر هو الرقم الصعب وهو المؤهل لإدارة عملية سياسية ناجعة تعيد الأمن والاستقرار للوطن والسكينة للمواطن.. والداخل والخارج يدركون هذه الحقيقة وبالتالي على المؤتمريين إيقاف حالة جلد ذاتهم التي يمارسونها بغية التقرب من هذا الطرف أو ذاك.. وعلى الذين غادروا بعد استشهاد الرئيس الصالح أن يدركوا أنهم كانوا قبل ذلك يتحدثون عن إخوانهم بالخارج بلغة التخوين والتهميش وظلوا كذلك حتى لحقوا بهم.. وعليه ليس مطلوبا منهم اليوم أن يتحدثوا عن أخوانهم في صنعاء بذات اللغة إلا إذا كان عفاش هو الغاية وهو المحرك للحرب والقتال.. عفاش رحل شهيدا وقضيته‮ ‬ليست‮ ‬شخصية‮ ‬بل‮ ‬وطنية‮.. ‬والأمل‮ ‬أن‮ ‬يستوعب‮ ‬المؤتمريون‮ ‬واجبهم‮ ‬الوطني‮ ‬وأن‮ ‬يصطفوا‮ ‬من‮ ‬أجل‮ ‬الوطن‮ ‬لا‮ ‬من‮ ‬أجل‮ ‬شخص‮ ‬رحل‮ ‬بهامة‮ ‬مرفوعة‮.. ‬
فهل‮ ‬لدى‮ ‬المؤتمريين‮ ‬متسع‮ ‬للتوقف‮ ‬أمام‮ ‬راهن‮ ‬الحال‮ ‬الوطني‮ ‬من‮ ‬اجلهم‮ ‬والوطن؟
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 02:24 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-53767.htm