الميثاق نت -

الأربعاء, 11-يوليو-2018
د‮. ‬عادل‮ ‬غنيمة -
منذ تم تعيين المبعوث الدولي لليمن بديلا للمبعوث السابق ولد الشيخ والآمال معقودة عليه في القدرة على تجاوز مرحلة جمود المفاوضات للحل السياسي في اليمن ومنذ اول جولة قام بها المبعوث الدولي لصنعاء وعدد من دول التحالف لاسيما الرياض التي التقى فيها هادي فقد طرح المبعوث الدولي على اطراف الصراع ضرورة استئناف التفاوض على الحل السياسي لاسيما بعد فشل الحسم العسكري لمدة ثلاث سنوات ونيف وقد تفاءل كثيرا بعد جولته الاولى واعلن موافقة اطراف الصراع على استئناف المفاوضات ووعد بتقديم خطته لآلية التفاوض وموضوعاتها والجدول الزمني وقال إن جميع الاطراف تؤكد أن الحل لملف اليمن سياسي واكدت رغبتها في التفاوض ولكن خبرته السياسية بأن الاقوال تثبتها الافعال وطرح ثلاثة شروط لتهيئة استئناف المفاوضات وهي تحييد البنك المركزي وتوريد الايرادات الى خزينة البنك المركزي وتسليم المرتبات لكافة الموظفين‮ ‬من‮ ‬شهر‮ ‬يونيو‮ ‬وتبادل‮ ‬كافة‮ ‬الاسرى‮ ‬بين‮ ‬كافة‮ ‬اطراف‮ ‬الصراع‮ ‬ووقف‮ ‬اطلاق‮ ‬النار‮ ‬لكي‮ ‬يتم‮ ‬زيادة‮ ‬الثقة‮ ‬بين‮ ‬التحالف‮ ‬وحكومة‮ ‬الشرعية‮ ‬مع‮ ‬حكومة‮ ‬صنعاء‮ ‬والمجلس‮ ‬السياسي‮..‬
ومع تفاؤل جميع المراقبين باستئناف المفاوضات السياسية ونجاح المبعوث الدولي في إحيائها بعد عامين من الجمود السياسي واتاحة الفرصة من المجتمع الدولي لدول التحالف وهادي للحسم العسكري وكان الفشل العسكري هو الدافع الدولي والاقليمي للقبول بالحل السياسي ومع تفاؤل الجميع بجهود المبعوث الدولي وموافقة الاطراف على استئناف العملية السياسية تم اغتيال رئيس المجلس السياسي الشهيد صالح الصماد من قبل دول التحالف مما اعاق مرحلة بناء الثقة التي كان يسعى اليها مارتن غريفيث المبعوث الدولي لليمن وبالفعل اعلن مكون انصار الله وقف اجراءات‮ ‬بناء‮ ‬الثقة‮ ‬والتواصل‮ ‬مع‮ ‬المبعوث‮ ‬الدولي‮ ‬لمدة‮ ‬40يوما‮ ‬وهي‮ ‬ايام‮ ‬الحداد‮ ‬لرئيس‮ ‬المجلس‮ ‬السياسي‮ ‬ورئيس‮ ‬مكتب‮ ‬انصار‮ ‬الله‮ ‬السياسي‮..‬
وفي مقابل وقف التواصل مع المبعوث الدولي الذي حاول زيارة صنعاء لتلطيف الاجواء السياسية والعمل على تنفيذ ما اتفق عليه من إجراءات بناء الثقة قامت دول التحالف ومن جانب واحد بالتصعيد العسكري في الساحل الغربي بدءاً من الخوخة الى التحيتا وبيت الفقيه وزبيد والدريهمي واستمرت المعارك حتى تحقق اختراق تمكنت من خلال قوات العمالقة وماتسمى المقاومة التهامية وقوات حراس الجمهورية المتحالفة مع الامارات والتي لم تعترف بحكومة هادي وسلطتها المسماة بالشرعية واستطاعت القوات المتحالفة مع الامارات الوصول الى محيط مطار الحديدة والدخول في معارك عنيفة مع الجيش واللجان الشعبية كان مصيرها الفشل في تجاوز المطار ومدينة الحديدة لاسيما بعد اختراقات عدة للجيش واللجان الشعبية التي قطعت خطوط الامداد على القوات المتقدمة لمطار الحديدة وقد اعلن المبعوث الدولي معارضته للتصعيد العسكري واعتبره خرقا للتفاهمات التي تم التوصل اليها مع اطراف الصراع لاستئناف العملية السياسية التفاوضية ولاول مرة يعلن مبعوث دولي تحميل دول التحالف وهادي مسئولية اعاقة الحل السياسي من خلال اعاقة اجراءات بناء الثقة وتصعيدهم العسكري في الساحل الغربي ومعركة الحديدة.. وقام بعدة جولات‮ ‬لصنعاء‮ ‬وعدن‮ ‬في‮ ‬محاولة‮ ‬منه‮ ‬لوقف‮ ‬معركة‮ ‬مدينة‮ ‬الحديدة‮ ‬والاستيلاء‮ ‬على‮ ‬الميناء‮..‬
وقد كان محور لقاءات غريفيث المبعوث الدولي بقيادة انصار الله والمجلس السياسي وهادي ودول التحالف اهمية وقف التصعيد العسكري في الحديدة لتأثيره السلبي على استئناف العملية السياسية التفاوضية والكلفة الانسانية اذا ماتم توقف ميناء الحديدة المنفذ الوحيد لـ (80٪) من سكان اليمن التي تحت سلطة حكومة صنعاء والمجلس السياسي وقد استعان المبعوث الدولي بالاتحاد الاوروبي والذي كان له دور ايجابي في الدفع بالعملية السياسية والاستفادة من العلاقات الاوروبية /الايرانية الجيدة حيث ابدت ايران استعدادها للتعاون مع الاتحاد الاوروبي لتسوية الملف اليمني نظرا للحالة الانسانية الصعبة التي يعاني منها الشعب اليمني وكما يبدو ان الامريكان قد تركوا للبريطانيين والاتحاد الاوروبي تسوية الملف اليمني وتهدئته حيث نلحظ نشاطاً واهتماماً سياسياً اوروبياً بالملف اليمني ويتضح ذلك من الزيارات المتكررة للمسئولين‮ ‬الاوروبيين‮ ‬وكان‮ ‬آخرهم‮ ‬امين‮ ‬الخارجية‮ ‬السويدي‮ ‬الذي‮ ‬ابدى‮ ‬استعداد‮ ‬السويد‮ ‬لاستقبال‮ ‬أطراف‮ ‬الصراع‮ ‬للتفاوض‮..‬
فما المؤشرات التي تؤكد لنا امكانية نجاح خطة غريفيث التي تم تسريب بعض اجزائها ومنها امكانية تزامن الحل السياسي مع الحل الامني وإمكانية ان تكون الحديدة بداية التطبيق للحل السياسي الذي سيتم التوصل اليه وفي اعتقادي أن من المؤشرات مايلي : 1- موافقة انصار الله على اشراف اممي للرقابة على الايرادات والواردات الى ميناء الحديدة ويمثل ذلك تنازلاً كبيراً استطاع المبعوث الدولي انتزاعه من قيادة انصار الله بخبرته السياسية التفاوضية المشهود له بها كوسيط محايد حتى الآن..
2‮-‬موافقة‮ ‬اطراف‮ ‬الصراع‮ ‬على‮ ‬استئناف‮ ‬العملية‮ ‬السياسية‮ ‬في‮ ‬اقرب‮ ‬وقت‮ ‬واعلانه‮ ‬امكانية‮ ‬التفاوض‮ ‬نهاية‮ ‬شهر‮ ‬يوليو‮..‬
3-الدعم الواضح للمبعوث الدولي من المجتمع الدولي الذي كان واضحا في لقاءاته مع مجلس الاتحاد الاوروبي واجتماعات مجلس الامن التي قدم لهم اكثر من احاطة واكدوا دعمهم المطلق لجهود المبعوث الدولي وايمانهم الكامل بان الحل في اليمن سياسي..
4-الرغبة الاقليمية في تسوية الملف اليمني فالسعودية تعاني من تهديد امني لحدودها من خلال استمرار المعارك على اراضيها وتؤثر الصواريخ الباليستية التي يطلقها الجيش واللجان الشعبية على المصالح الاقتصادية والموانئ والمطارات السعودية وتريد الخروج من المستنقع اليمني‮ ‬بأقل‮ ‬خسارة‮ ‬بينما‮ ‬ايران‮ ‬تريد‮ ‬اثبات‮ ‬حسن‮ ‬نيتها‮ ‬للاوروبيين‮ ‬بتهدئة‮ ‬الملف‮ ‬اليمني‮ ‬الذي‮ ‬لايمثل‮ ‬اهمية‮ ‬استراتيجية‮ ‬لأمنها‮ ‬وسياساتها‮ ‬في‮ ‬المنطقة‮ ‬مقارنة‮ ‬بالملف‮ ‬السوري‮ ‬والعراقي‮ ‬واللبناني‮..‬
ولكن‮ ‬البعض‮ ‬يؤكد‮ ‬أن‮ ‬مؤشرات‮ ‬الفشل‮ ‬لمهمة‮ ‬غريفيث‮ ‬بتحريك‮ ‬ملف‮ ‬التسوية‮ ‬السياسية‮ ‬واستئناف‮ ‬المفاوضات‮ ‬واضحة‮ ‬على‮ ‬الارض‮ ‬وهي‮ ‬كما‮ ‬يلي‮: ‬
1-التصعيد العسكري الاماراتي في الساحل الغربي ومحاولة الاستيلاء على ميناء الحديدة بما له من كلفة انسانية كبيرة واضافية للكوارث الانسانية التي تعاني منها اليمن من جوع واوبئة وانقطاع المرتبات. 2-رغبة هادي والجناح الموالي له من الاصلاح وبعض قيادات‮ ‬الحراك‮ ‬الجنوبي‮ ‬في‮ ‬استمرار‮ ‬الحرب‮ ‬نظرا‮ ‬لما‮ ‬يحققونه‮ ‬من‮ ‬مصالح‮ ‬مادية‮ ‬ومناصب‮ ‬قد‮ ‬يفقدونها‮ ‬في‮ ‬حالة‮ ‬الاتفاق‮ ‬على‮ ‬تسوية‮ ‬سياسية‮..‬
3-هناك من يعتقد بوجود بعض القيادات في حكومة صنعاء والمجلس السياسي من يرفض التسوية السياسية اما خوفا على المكاسب التي حصلوا عليها من مناصب وامتيازات مادية او ايمانا بفكر متطرف يدعي ضرورة مواصلة الحرب حتى تتحقق بعض النبوءات بتحرير الاماكن المقدسة من الصهاينة‮ ‬وعملائهم‮..‬
ومع تقديم غريفيت احاطته الاخيرة والتي ابلغ مجلس الامن بقبول انصار الله وحكومة هادي باشراف اممي مشترك مع انصار الله لميناء الحديدة ودعمهم الكامل له لاستئناف المفاوضات والتي دعوا في بيانهم الاخير كافة اطراف الصراع لبدء عملية التفاوض والحل السياسي واستمرار فتح ميناء الحديدة لاستقبال المساعدات الانسانية وواردات معظم سكان اليمن فان الاتجاه الغالب نحو استئناف المفاوضات للعملية السياسية وامكانية الحل السياسي اذا ما تم استمرار الضغط الدولي على السعودية والامارات لوقف التصعيد العسكري وقبول خطة غريفيث للمفاوضات المقترحة وتزامن الحل السياسي مع الحل الامني حيث اشاد المبعوث الدولي بالسيد عبدالملك الحوثي وتجاوبه مع مبادراته السياسية لوقف معركة الحديدة والحل السياسي الشامل بينما انتقد دول التحالف لاستمرار التصعيد العسكري ومحاولة جر هادي ووزير خارجيته إلى واجهة المعرقلين للعملية‮ ‬السياسية‮ ‬التفاوضية‮.‬
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:14 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-53813.htm