الميثاق نت: - المطامع الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية في البحر الأحمر لم تكن وليدة اللحظة ولذلك سعت هذه القوى ومنذ وقت طويل الى السيطرة على الممرات المائية كما أن الكيان الصهيوني لم يكن بعيداً عما يجري من تآمر يحاك ضد اليمن ومرافئه وشواطئه وجزره وكانت هناك تحركات صهيونية في القرن الافريقي قبل العدوان بفترة قصيرة كما أن دويلة الامارات كانت قد طلبت من أمريكا في عهد أوباما احتلال الحديدة إلا أن الأخير رفض وهذا ما يثبت أن الشرعية لم تكن إلا غطاء لعدوانهم وهي تأتي وفق خطة مرسومة سلفاً للسيطرة والاستحواذ على مقدرات اليمنيين وانتهاك سيادتهم على ضوء ما يجري من احداث ساخنة وتآمر واضح للعيان ووفق هذه المعطيات كيف ينظر إليها المتابعون والمحللون السياسيون؟
كانت لنا وقفات مع بعض الشخصيات المهتمة والمتابعة لهذه التطورات وكانت آراؤهم على النحو الذي سيجده القارئ الكريم في هذه السطور..
مورد اقتصادي
نشرت إحدى المجلات الأمريكية »النيوزويك« في وقت سابق مقالاً للخبير الاقتصادي في بورصة نيويورك حبيب ولد داده يتحدث فيه حول الأهمية الجيوسياسية والاقتصادية لمدينة الحديدة وتحديداً ميناءها ومن ضمن ما قاله: ميناء الحديدة هو أهم ميناء في البحر الأحمر وهو أفضل من موانئ السعودية والسودان والقرن الافريقي وفي حالة استغلاله على الوجه الأمثل فسيشكل أكبر محطة ترانزيت مع ميناء الصليف المجاور وسيحقق عائدات سنوية لا تقل عن 40 مليار دولار.. ويضيف الكاتب المغربي ولد داده بالقول: اذا تم استغلال موانئ البحر العربي بالاضافة الى امتداد الساحل سوف يجعل هذه الموانئ بعد تطويرها من أكبر محطات الترانزيت العالمية تضاهي شبه القارة الهندية ودول شرق آسيا وبالإمكان أن تكون محطات لحاملات الطائرات من كل بقاع العالم وعند اعادة النظر في ذلك سوف يجني من يسيطر على ميناء الحديدة ما يتجاوز 100 مليار دولار سنوياً.
مشروع تفتيتي
الكاتب الصحفي هلال جزيلان يسلط الضوء على الموضوع معتبراً أن القرار السياسي العربي كله تقريباً مرتهن وبالتالي يتبعه تبعية اقتصادية وان ظهرت محاولات للتخلص من ذلك يتم اعاقة هذا الأمر.. ويضيف هلال: هناك تغيرات طرأت في المشهد اليمني لم تكن مستساغة دولياً لذلك أوعزت تلك القوى الكبرى الى أدواتها في المنطقة القيام بالدور الذي تريده هي ووفق مصالحها.. إنها مجرد أدوات وظيفية تعمل ضمن تبعية مطلقة لذلك كانت الحرب على اليمن التي يحاول الاعلام اليوم اظهارها وإلباسها ثوباً آخر عبر شرعية هادي المنتهية أصلاً.. لا يخفى على أحد اليوم المطامع التي تريد تحقيقها دول العدوان في اليمن والاستهداف الممنهج له اذ تعمل هذه القوى مع أدوات عربية »الامارات والسعودية« ومحلياً »هادي وشرعيته« السيطرة على الموانئ والجزر واخضاع كل الشريط الساحلي للنفوذ الامبريالي من ميدي حتى المهرة، وما الدعم العسكري والاستخباراتي اللوجيستي لمرتزقتهم إلا خير دليل على ذلك التآمر والذي يجري تنفيذه عبر أدواتهم ومن بعض اليمنيين وللأسف الذين انساقوا وراء هذا المشروع الخطير والتفتيتي.
موافقة أمريكية
ماركوس بابا دوبولوس رئيس تحرير مجلة »سبولتيكس فيرست« البريطانية يقرأ الأحداث في اليمن محملاً أمريكا وبريطانيا مسئولية كل هذا الدمار والمأساة التي يعيشها اليمنيون.. قائلاً: إن الحرب التي تقودها السعودية على اليمن لا يتم تنفيذها بموافقة أمريكا فحسب بل مع اشراف وتوجيه أمريكيين أيضاً في الحقيقة السعودية وشركاؤها في اليمن هم وكلاء للأمريكيين، واشنطن ولندن تشتهيان اليمن لأنهما يرغبان في ضمان هيمنتهما على الشرق الأوسط واستغلاله لخدمة اغراضهما الأنانية والأماكن الاستراتيجية في اليمن مثل ميناء عدن والذي يرتبط البريطانيون به تاريخياً، وكذلك الحديدة.
سيفشلون كما فشلوا بالأمس
المحلل السياسي هائل المحجري ينظر الى ما يجري في الحديدة ضمن اطار مؤامرة كبيرة تستهدف اليمن برمته وهو امتداد للأطماع السعودية التوسعية لهذا الكيان -بحسب وصفه- والتي بدأت منذ وقت طويل.. ويضيف المحجري: لقد شنت السعودية حربها على اليمن في ثلاثينيات القرن الماضي بإسناد من القوات البريطانية وغيرها من الدول الغربية الاستعمارية بالاضافة الى استغلال الخلافات الداخلية واحداث انشقاق بين اليمنيين انفسهم الأمر الذي مكَّن السعودية من تجنيد ضعفاء النفوس الى جانبها اي السعودية وبريطانيا والادارسة حينذاك الذين شكلوا مع بني سعود حلفاً ضد اليمن والتاريخ يعيد نفسه فها هم يعيدون الكرة ولكنهم سيفشلون كما فشلوا بالأمس.. إن السعودية تريد من الحديدة أن تكون ورقة مساومة للتفاوض لتملي شروطها في النفوذ والسيطرة، وشركاؤها اليوم في حربها على اليمن »الامارات واسرائيل«.
ويستطرد المحجري: إن أحداث الحديدة اليوم هي استمرار للعدوان الذي يشن على اليمن برمته وهي تنظر الى سيطرتها على الحديدة والجزر والسواحل اليمني كلها وكذلك الموانئ بأن ذلك سيضمن لها التحكم بهذه الممرات الاستراتيجية ذات الأهمية الاقتصادية والعسكرية أيضاً وبالطبع وضعها تحت خدمة أمريكا واسرائيل وهو بلاشك جزء من مخطط عالمي لاعادة تقسيم المنطقة بين الامبراطوريات الاستعمارية القديمة والجديدة والسيطرة على مخازن الطاقة.
أطماع قديمة جديدة!
الكاتب والمحلل السياسي عبدالجبار الحاج يشير الى الجغرافيا كجاذب للأطماع الاستعمارية منذ وقت طويل معتبراً أن هذه القضية مهمة وتحتاج وقتاً طويلاً للخوض فيها.. اذاً ما يجري في الساحل قديم جديد حيث تلعب الجغرفيا دورها الجاذب للأطماع ودوافع الاستغلال والاحتلال وقد ظل اليمنيون يخوضون حروباً دفاعياً مشروعة ذوداً عن حياض وطنهم منذ مجيئ الرومان والساسانيين ومروراً بالبرتغاليين والفرنسيين والعثمانيين ثم الانجليز وفي التاريخ المعاصر من خلال الصراع الخفي منذ منتصف الستينيات وخلال السبعينيات وفيه اسرائيل مباشرة وان تخفت مرات عدة وراء الدور الأمريكي.
ويضيف الحاج: هذه القضية مهمة لكن اختصر بشدة وأقول إن اللحظة التاريخية التي تعيشها اليمن هي الذروة في هذه الحرب الشرسة التي يتصدى لها شعبنا بشرف واستبسال وبطولة منقطعة النظير أمام اعتى آلة حربية وأمام ما انتجته مصانع الحرب الأمريكية يتصدى لها شعب بأسلحة بسيطة وإرادة في عدم التفريط بحقه وكرامته وارضه ومياهه وموقعه.. ويستطرد قائلاً: في أواخر الستينيات وطوال فترة السبعينيات شهد البحر الأحمر من مضيق باب المندب الى قناة السويس الى مضيق تيران صراعاً خفياً وظاهراً أحياناً وشهدت تلك الفترة سقوط جواسيس اسرائيليين وعقد مؤتمر لدول البحر الأحمر في مارس عام 1973م وأغلق باب المندب بمدمرتين مصريتين اثناء حرب اكتوبر عام 1973 تلك الحوادث هي ذروة الصراع في البحر الأحمر وعلى خلفية ذلك قُتل ابراهيم الحمدي وتأثرت العلاقة بين اليمن الجنوبي حينها من جهة وبين الصومال واثيوبيا وفقاً للموقف من جزر حنيش.. أقول إن الصراع قديم وطويل وما يجري في الحديدة هو امتداد لذلك الصراع.. وفيه يقدم اليمنيون اليوم الكثير من التضحيات وعلى حساب أمنهم واقتصادهم فكل شيء يهون من أجل الوطن فالقضية هنا عادلة ولذلك نحن في الاتجاه الصحيح.
|