راسل القرشي - الكارثة الإنسانية ليست وليدة اليوم وإنما بدأت منذ بدء العدوان وفرض الحصار الجائر وإغلاق كل المنافذ البرية والبحرية والجوية.. وتعاظمت حتى وصلت إلى هذا المستوى الذي عدته الأمم المتحدة بالكارثة الإنسانية التي لم يشهد لها العالم مثيلاً منذ عقود..
تحالف العدوان ومرتزقته يدمرون اليمن ويقتلون اليمنيين منذ أكثر من ثلاث سنوات ويفرضون حصارا جائراً منعوا بموجبه إدخال الأدوية والأغذية والمعونات والمساعدات الغذائية والصحية ودون حياء أو خجل يتحدثون عن الكارثة الإنسانية المتزايدة التي يعاني منها اليمنيون.. ليس هذا فحسب بل ويذهبون لتحميل الطرف الآخر مسئولية هذه المعاناة وهذا الموت الذي يتعرض له اليمنيون..!!
حتى الأمم المتحدة اتخذت معاناة اليمنيين وسيلة للمتاجرة كي لا ينقطع الدعم المقدم اليها من دول النفط.. دول العدوان.. وذهبت تعزف على وتر الكارثة دون أن تفعل شيئا يوقف تعاظم المعاناة الإنسانية لليمنيين أو يقود إلى فتح المنافذ الجوية والبحرية والبرية وإدخال المساعدات والمواد الغذائية دون أي تعقيد.. ونراها اليوم تدخل في طابور المقايضين على الحديدة..!!
الأمم المتحدة ومرورا بكل الأنظمة المتسولة على أبواب النظام السعودي وانتهاء بالمنظمات الدولية على اختلاف مسمياتها لم تستطع القيام بشيء للتخفيف من معاناة اليمنيين سوى توزيع مناشداتها على وسائل الإعلام المختلفة وإطلاق التحذيرات المتكررة من الحالة الإنسانية السيئة التي وصلت اليها اليمن.
يعزفون على هذا الوتر منذ الشهر الأول على العدوان.. وما زالوا الى اليوم، أي بعد مضي أكثر من ثلاث سنوات يعزفون ويوزعون مناشداتهم يمنة ويسرة ويجدون في الكارثة الإنسانية مادة خصبة لزيادة مكاسبهم وأرباحهم..!
مطالبات لم تهدأ تم توجيهها لتحالف العدوان برفع حصاره وفتح الممرات البرية والبحرية والجوية لإيصال المساعدات الإنسانية والابتعاد عن توظيف الجوانب الإنسانية سياسيا وعسكريا تحت حجج ومبررات واهية ومازال الأمر كما هو.. وكأن الجميع متفقون على زيادة حجم الكارثة وسَوق اليمنيين إلى الموت..
أكثر من 18 مليون شخص، أي نحو ثلثي عدد السكان، يعانون من انعدام الأمن الغذائي.. وهذا ماتقوله الأمم المتحدة ومنظماتها الإغاثية..؛ ولم تخفِ هذه المنظمات ان استمرار الحصار يفاقم الأزمة الإنسانية، ويهدد الملايين الذين يكافحون للبقاء على قيد الحياة.. فأين المشكلة بالضبط.. هل أدركتم حجم المتاجرة التي تتم على مرأى ومسمع من العالم..؟!
الوحيد من مسئولي الأمم المتحدة الذي كان يتحدث بصدق واستشعر منذ البداية حجم الكارثة الإنسانية التي وصلت اليها اليمن هو وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية السيد استيفن اوبراين الذي قدم لمرات عدة إحاطات توضح حقيقة الوضع الإنساني في اليمن وتنبه إلى اتخاذ إجراءات حازمة وحاسمة لرفع الحصار المفروض من تحالف العدوان بقيادة السعودية ومحاسبته على الانتهاكات الإنسانية المستمرة التي تسببت بقتل المدنيين وزيادة معاناتهم على المستويات كافة..
ستيفن اوبراين اختار أن يكون إنسانا على أن يكون تاجر حرب أو سياسيا متواطئا مع قادة الإجرام وتجار الحروب وسماسرة القتل..
اختار أن ينتصر لعقله وضميره الإنساني ولمسئولياته، ورمى بكل الإغراءات التي قدمت له من قيادات النظام السعودي العدواني السافل، عكس الآخرين الذين ارتموا في حضن بني سعود وتحت أقدامهم وباعوا إنسانيتهم ومسئوليتهم بثمن حقير لا لشيء غير التستر على جرائمهم والتغطية على مجازرهم وانتهاكاتهم للقانون الإنساني الدولي ولكل المواثيق والأعراف الدولية منذ بدء العدوان وحتى اليوم..!
ستيفن اوبراين صاحب المبدأ الثابت الذي لا يتغير..؛ والكلمة الواضحة الصريحة التي لا تهادن في الحق ولا تنحاز لطرف دون الآخر ولا يمكن شراؤها من أية جهة كانت، كونها ليست للبيع ولا للتسويق الرخيص والمزايدة الإعلامية.. أكثر من مرة يقدم إحاطته إلى مجلس الأمن وأمام كل سفراء العالم الممثلين لبلدانهم في الأمم المتحدة بشخصيته القوية الثابتة على الحق..؛ التي أرعبت أمراء الحروب من أمثال عبدالله المعلمي ومشائخ الدفع المسبق وتجار الدماء من أمثال سفيه هادي في الأمم المتحدة خالد اليماني ووزير خارجيته الكاهن المرتزق عبدالملك المخلافي..
ولأنه رفض الانصياع لمطالبهم والرضوخ لإملاءاتهم اتهموه بانحيازه لمن يسمونهم "الانقلابيين" وطالبوا بتغييره وهو المطلب الذي رضخ له أمين عام الأمم المتحدة وأصدر قرارا بتعيين خلف له لم نسمع له قولا أو فعلا منذ آخر زيارة قام بها إلى صنعاء قبل حوالي سبعة أشهر أو أكثر.!!
تقزم تجار وأمراء الحروب أمام ستيفن اوبراين ولم يستطيعوا إثبات عكس ما كان يقوله من حقائق سوى اتهامه بالانحياز لصنعاء.. وبدت الحقيقة اليوم ماثلة للعالم أجمع بهذه الصورة المأساوية والكارثية التي يعيشها اليمنيون في المناطق التي تسيطر عليها حكومة صنعاء..!!
ويستمر العزف على وتر الكارثة الإنسانية والمتاجرة بأوجاع اليمنيين ومعاناتهم التي تتفاقم يوما بعد آخر..؛ كما يستمر العالم في صمته والتماهي في دعم العدوان وقادته دون حياء..
نعم.. سيستمر اللصوص يلهثون وراء مصالحهم وسيبقى القانون الإنساني الدولي محاطا بمجموعة حقيرة من الأنظمة السياسية التي تقوم بعرضه للبيع والشراء متى شاءت وأينما أرادت..!!
|