د. عادل غنيمة - ما حدث بالأمس القريب في جريمتي الحديدة -التي كانت حصيلتهما حتى كتابة هذه السطور 55 شهيدا و122جريحا ومرشحة للتصاعد- هو استهداف متعمد لقتل المدنيين وبحماية امريكية بريطانية ويعتبر تسلسلاً لما يحدث في اليمن منذ 26 مارس 2015م من قبل دول تحالف العدوان بقيادة السعودية من جرائم حرب بحق المدنيين اليمنيين واستهداف متعمد لقتل الابرياء من النساء والاطفال والحصار والتجويع المستمر لابناء المحافظات الواقعة تحت سلطة انصار الله وحكومة الانقاذ بالاضافة الى التدمير الممنهج للبنية التحتية للآلاف من المستشفيات والمدارس والمصانع والمؤسسات الحكومية والذي كان سببا في انتشار الاوبئة المختلفة في كافة محافظات الجمهورية اليمنية والتي كان اخطرها وباء الطاعون (الكوليرا) الذي حصد 2311 وفاة واصاب مليوناً وأحد عشر الفاً منذ عام 2016م وحتى نوفمبر 2017م اضافة الى وباء الدفتيريا القاتل للمصابين به، وفي ظل عجز "دولي" عن مواجهة الحصار الخانق للشعب اليمني استنادا الى حظر توريد الاسلحة والذي استغلته دول تحالف العدوان لحصار الشعب اليمني من تأخير وصول الغذاء والدواء ونقل البنك المركزي لوقف صرف المرتبات والذي تسبب في حدوث حالة فقر ومجاعة لعدد 25 مليون نسمة ومنهم 8 ملايين مواطن اصبحوا في حالة مجاعة حيث اشارت مدير مكتب الشئون الانسانية ليزا الى أن اكثر من 8 ملايين مواطن لايتناولون سوى وجبة واحدة كل يومين، كما اشارت في احاطتها الاخيرة الى أن اليمن يشهد اكبر كارثة انسانية من حيث المجاعة وانتشار الاوبئة وهي من صنع الانسان وفي ظل هذا الحصار الممنهج من قبل دول التحالف بقيادة السعودية التي تتحمل المسئولية الاكبر فيما يحدث للشعب اليمني من افقار وتجويع وانتشار الاوبئة والامراض نتيجة سوء التغذية الذي تسبب في وفاة طفل كل 5 دقائق بما يعني وفاة 4320 كل شهر ووفاة 52 الف طفل كل عام.
كما اشار مسئولي مكتب الامم المتحدة للشئون الانسانية في اليمن الى أن ماحصل في اليمن من مجاعة وما يتنبأون به هي اكبر كارثة انسانية يشهدها العالم وللاسف هو من صنع الانسان كما تم التحذير بأن انتشار وباء الكوليرا في اليمن هو الأسوأ على مستوى تاريخ انتشار الوباء في العالم وايضا بسبب الانسان.. والمعنى ان عدوان دول التحالف بقيادة السعودية هي السبب في هذه الكارثة الانسانية واذا توقفت الحرب يمكن تفادي تلك الكوارث الانسانية وبالرغم من كل المناشدات الحقوقية لمنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية الموجهة لدول مجلس الامن ومنظمات الامم المتحدة فإن الاستجابة الانسانية لوقف اجراءات الحصار ومنع تجويع اليمنيين وفتح المطارات التي فتكت بآلاف المرضى لم تكن عند مستوى احداث المجاعة وانتشار الامراض والاوبئة في اليمن فهناك تجاهل واضح للملف الانساني من الدول الكبرى في مجلس الامن.. فما السبب؟
اذا ماعرجنا على ملف استهداف المدنيين اليمنيين فقد تزايد عدد ضحايا جرائم الحرب في اليمن من المدنيين (الاطفال والنساء والشيوخ) من قبل دول تحالف العدوان من عشرة الاف مدني خلال عام 2016م الى 40 الفاً خلال بداية العام الرابع للعدوان والذي كان نتاج قصف اكثر من 150 الف صاروخ من الطائرات والمنصات الصاروخية وهي ارقام مرشحة للزيادة بينما الصحافة العالمية والتقارير الدولية مازالت تشير الى ان عدد ضحايا العدوان على بلادنا مازال عشرة آلاف منذ عام 2016م وحتى التاريخ وهو اما تجاهل مدفوع الثمن من قبل دول البترو دولار المشاركة في العدوان او ان الأرقام تعني الجرائم التي استطاعت توثيقها المنظمات الدولية الحقوقية عند زيارتها اليمن بينما تم توقيف التحالف وصولهم الى اليمن بوقف الملاحة الجوية الى مناطق سلطة حكومة الانقاذ وكذلك مراسلي الصحافة العالمية من اجل منع وصول اخبار جرائم الحرب للسعودية ودول التحالف حيث قامت المنظمات الحقوقية المحلية والدولية بتوثيق جرائم الحرب (المجازر) ومنها جريمة كامب المخا وصالة القاعة الكبرى وحي الهنود في الحديدة وصالات العزاء في آنس وارحب وسوق مستبا من قبل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش والعديد من المنظمات العالمية الحقوقية والتي رفعت تقاريرها الى الامم المتحدة ومجلس حقوق الانسان العالمية للمطالبة بارسال لجنة تحقيق دولية لتقصي الحقائق وتوثيق الجرائم فإن الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا المكلفة بملف اليمن ترفضان تدويل ملف جرائم الحرب في اليمن وقد يعود ذلك لسببين:
اولا : مشاركة الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا في العدوان على اليمن من خلال المشاركة اللوجيستية وقيادة غرف العمليات التي تحدد احداثيات قصف الطيران كما تعتبر المزود الاكبر للاسلحة المحرمة دوليا للسعودية ودول التحالف من قنابل عنقودية ونيترونية وفراغية.
ثانيا : اتاحة الفرصة لمنظمات دولية لتوثيق جرائم الحرب في اليمن يعني رغبة امريكا باستخدام ملف جرائم حرب السعودية والامارات لابتزازها ماديا واستخدامه كفزاعة لتغيير مواقفها السياسية ازاء قضايا المنطقة لاسيما صفقة القرن لحل القضية الفلسطينية..
ولذلك فإن الحماية الدولية الامريكية والبريطانية هي التي جعلت دول التحالف والسعودية تتمادى في ارتكاب جرائم الحرب واستمرار حصار وتجويع 25 مليون نسمة ومنع وصول مرتبات موظفي الدولة كمصدر دخل وحيد لحوالي 700 الف عامل يعولون اكثر من 5 ملايين نسمة تسبب لهم في الطرد من مساكنهم وانفصال بعض الأسر ووفاة من لم يستطع توفير علاج المرض المزمن وكل هذه الحالات الانسانية كانت بسبب نقل البنك المركزي الذي هندس لعملية النقل الولايات المتحدة الامريكية كما تعمل دول التحالف على تعطيل وصول المساعدات الانسانية والعلاجية الى المحافظات التي تحت سلطة حكومة الانقاذ من خلال تدمير عدد من رافعات ميناء الحديدة والذي يعتبر المنفذ الوحيد لوصول الاغذية والواردات والمشتقات النفطية لـ25 مليون نسمة وكذلك وقف حركة الملاحة الجوية في مطارات صنعاء والحديدة وتعز والتي تسببت في وفاة اكثر من 14 الف مواطن مدني من المرضى الذين كانوا بحاجة للسفر الى الخارج لغرض العلاج ولذلك فلانستغرب ردة الفعل الدولية الضعيفة امام جريمتي الحديدة الاخيرتين وهما احدى اكبر جرائم الحرب السعودية ودول تحالف العدوان في اليمن وبحماية امريكية والتي راح ضحيتها 55 شهيدا واكثر من 122 جريحا حتى وقت كتابة هذه المادة في سوق السمك وبوابة مستشفى الحديدة وميناء الصيادين واستهداف مهنة الصيادين وفي ميناء صيد مفتوح لآلاف المرتادين من المواطنين دليل على كذب دول التحالف والسعودية باستهداف قوات تحتمي بالمدنيين وتأكيد للحرب الاقتصادية من خلال تجويع المجتمع اليمني من موظفين وصيادين وعاملين في البناء والقطاع الخاص من خلال تدمير المصانع الخاصة وكل ذلك ماكان ليستمر لولا الدعم والحماية الامريكية البريطانية للسعودية ودول التحالف من منع ارسال لجان تحقيق دولية الى اليمن لتقصي الحقائق والتي كانت ستجرم السعودية ودول التحالف كما استطاعت امريكا الغاء قرار سابق للامم المتحدة بادخال السعودية ودول التحالف ضمن القائمة السوداء للدول التي تنتهك حقوق الطفل في العالم وان لم تستطع الغاءها في التقرير الحالي ومع ذلك فإن القانون الدولي يجرم كل افعال وممارسات السعودية ودول التحالف في اليمن من جرائم حرب بقتل المدنيين من النساء والاطفال والشيوخ وتدمير البنية التحتية من مستشفيات ومدارس وطرق وجسور ومؤسسات حكومية ومصانع القطاعين العام والخاص واسواق شعبية وصالات العزاء والأفراح، وان كل هذة الجرائم لن تسقط بالتقادم وفقاً لقواعد القانون الدولي والتي ترفضها كل الشرائع السماوية وبالتالي لن تستطيع السعودية ودول التحالف الهروب من القانون الدولي والشرائع السماوية وسيأتي الوقت الذي تحاسب فيه امام محكمة الجنايات الدولية والمحاكم الانسانية في اوروبا والمحاكم المحلية طال الدهر ام قصر.
|