الميثاق نت -

الأحد, 02-سبتمبر-2018
فريد المساوى -
إذا كان معظم النار من مستصغر الشرر ، فإن عظائم اﻹنجاز -أيضا-من مستصغر الفكر .

لم يكن إيعاز قصي بن كلاب زوجته (حبى) ابنة حليل بن حبشية الخزاعي -حين أوصى لها أبوها بولاية الكعبة فاعتذرت -أن تقترح أبا غبشان لذلك إلا ﻷن قصيا نظر إلى المجد القرشي شزرا مختصر جل ما يبتغيه بعبارة "وتسكنونه-يقصد الكعبة- فتسودوا العرب أبدا".

لست هنا ﻷعيد التاريخ من جديد ، ولكن ﻷرى ما كان خطرة شاردة ففكرة حائمة تبلورت مع اﻹرادة والعزيمة إلى واقع ملموس .

إن فكرة أن يكون الشيخ عبدالغني المعافا مستشارا لنائب رئيس الوزراء وزير المالية -الدكتور حسين مقبولي - لم تكن في واقع اﻷمر إلا خطرة شاردة علقت في ذهن الدكتور مقبولي ، ذلك ﻷنه يعرف يقينا أن عبدالغني المعافا هو الرجل الذي يمكن أن يكمل المعادلة؛ فمن تخلقه اﻷعمال ومن يخلق اﻷعمال ما هي إلا معادلة تكاملية تستتم اﻷولى ما نقص الثانية ، واللبيب من يستشف عظمة فكره وفكرته من لحظاتها اﻷولى ، ليهيء لها الحاضن الموضوعي الذي يحيلها إلى شلال ماء ، إن اصطدم بصخور الواقع انساح رقراقا بينها دون أن تكسر ، ولا أظن مقبولي إلا ذلك اللبيب باختياره المعافا مستشارا معاونا له .

وحين أقول ذلك فأنا لست أهذي ، أو أنطق بالشطط ؛ فكليم الله -موسى عليه السلام-حمل نور الوادي المقدس ، وألقيت عليه التوراة ، وتسلح بتسع آيات بينات خرت لها أنوف السحرة سجدا إلا أنه خطرت بذهنه أن رسالته مكتملة البنيان لا ينقصها إلا رجل فصيح اللسان ، فقال:"وأخي هارون هو أفصح مني لسانا".

ودعني أخوض بك في غمار الشيخ عبدالغني المعافا لنرى سويا من هو ذلك الرجل الذي جعل د.مقبولي يختاره دون سواه .

المعافا ..ذات تهامية الهوى والمهوى ، روح فطرت على حب الوطن والتضحية في سبيله ، عرضت عليه العديد من التعيينات والوظائف ، فأبى كل ذلك وارتضى أن يكون رجل الظل يعمل من خلف الضباب ، فعرض عليه منصب مدير عام و وكيل محافظة وعرض عليه ان يكون وزيرا فأبى ذلك معللا بقوله :(ﻻ ينبغي لعبدالعني المعافا أن يتولى منصبا وفي الوطن من هو أجدر به منه).

لقد ترك المعافا كل شيء وراء ظهره واختار أن يكون مطببا لجراح تهامة مانعا عنها - بروحه- كل المعاناة واﻵلام المحدقة بها ، فنازحو الحديدة ﻻ يكاد يذكر اسم المعافا أمامهم حتى يسردون لك حكاية كيف أنه كان لهم نعم اﻷخ المعين ، واﻻبن البار بأرضه وموطنه .

ربما كان ذلك هو ما جعل الدكتور حسين مقبولي يرى في المعافا الرجل الجدير بأن يكون صاحب رأيه ومشورته ، ذلك لما لمسه فيه من الحنكة والدهاء ما يمكن أن يؤهل المعافا أن يكون هو تلك الذات التي تخلق اﻷعمال لتكتمل به معادلة التمام التي ظل المقبولي يشعر بالفراغ قبل أن تستتم شخصية المعافا ما نقص .

ان من يتأمل كيف أصبحت قرارات مقبولي بعد أن أكمل المعادلة يجد أن مقبولي ليس بالخبن أو الضعيف ، بل يجد ذلك اللبيب الذي استطاع أن يحدد مدى نقص المعادلة ، وكيف يكون عبدالغني المعافا هو اكتمال تلك المعادلة .

#
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 25-نوفمبر-2024 الساعة: 08:51 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-54198.htm