توفيق الشرعبي - مع استمرار العدوان وفي ظله لاتختلف ظروف وأوضاع قطاع التعليم عن الظروف التي يعيشها القطاع الاقتصادي أو الاوضاع التي يمر بها القطاع الصحي أو الأحوال التي اصابت القطاع الزراعي.. أوغيرها من القطاعات الخدمية الأخرى التي يستهدفها تحالف العدوان بمنهجية ووحشية..
أكثر من 2500مدرسة دمرها العدوان تدميرا كليا وجزئيا، رقم كبير يحمل مؤشراً لحجم خطورة الهدف الذي يسعى تحالف العدوان لتحقيقه من وراء الاستهداف الممنهج للمدارس وللمؤسسات التعليمية الذي يعني استهدافا لعقل ومستقبل اليمن وأجياله..
فمن المؤكد ان أشد مايخشاه تحالف العدوان هو نشوء جيل صاعد متعلم لمستقبل اليمن، ومرد خشيته تلك، المهمة والمسئولية التي ستناط للجيل الصاعد لمستقبل يمن موحد ومستقل القرار.. وطن تصنعه اليوم ارادة وشجاعة وعزة الابطال في مختلف الجبهات والثغور..
العدوان يخشى من جيل صاعد متعلم سيتكفل بكتابة التاريخ اليمني الذي يصيغه اليوم رجال الرجال..جيل متعلم - خالٍ من الأفكار الوهابية - ستوكل إليه مهمة ملاحقة القتلة والمجرمين والعملاء والاقتصاص لكل قطرة دم يمني سفكها تحالف العدوان.. ولهذا يتضح خوف وخشية العدوان من هذا الجيل الصاعد من خلال استهدافه المتواصل والممنهج للطلاب وللمدارس وللمؤسسات التعليمية سواء بالقصف المباشر او من خلال قطع المرتبات عن المعلمين أو بمنعه دخول الورق حتى لايطبع الكتاب المدرسي..وكذلك من خلال الضغط على المنظمات الفاعلة المعنية بدعم التعليم لعدم القيام بدورها.. وبغيته من وراء كل هذا الحقد على التعليم في اليمن ايجاد جيل جاهل مشتت الفكر،فاقد للبوصلة سهل الاستقطاب، وقابل للتبعية والتعبئة بالافكار الضالة والمتطرفة..
وحتى نواجه هذا الصلف والغل فلابد ان نرفع من منسوب إرادة التحدي ونتفاعل بمسئولية وإيجابية مع حملة وزارة التربية والتعليم المتعلقة بعودة الطلاب والطالبات الى المدرسة والاستجابة الخلاقة للدفع بأبنائنا وبناتنا الى مدارسهم للعام الدراسي الجديد الذي سيبدأ منتصف الشهر الجاري وفقا لإعلان وزارة التربية..
يذكر لنا التاريخ أنه و(في واحدة من غارات الحرب العالمية الثانية سقطت إحدى القذائف على مدرسة في بريطانيا وأحدثت دماراً سقطت على إثره سقوف وجدران وسبورات، وطبعاً كان هناك عدد من الضحايا.. ووسط أكوام التراب والغبار التقط معلم حكيم اللحظة من قلب المأساة وقال لتلاميذه المعفرة وجوههم الطرية بالغبار.. أتدورن ما هي إرادة التحدي؟؟.. إرادة التحدي يا أطفال أن نواصل الدرس ثم أخذ السبورة الساقطة وزرعها في ركام بقايا جدار الفصل وأكمل الحصة الدراسية مستبشراً من كونه قدم للتلاميذ مثلاً يصعب تمثله في مائة منهج وألف أنشودة ومليون طابور للصباح)..
هذه الإرادة نحن بأمس الحاجة لأن نتمثّلها اليوم ونحاكيها في واقعنا التعليمي لخلق جيل واعٍ متشبع بالمفاهيم الوطنية الخلاقة والقيم الدينية السويّة..
ولن يتأتى ذلك إلا باستشعار القائمين على العملية التعليمية لعِظَم المسئولية،وحجم التحديات.. وكذلك استيعاب الآباء أهمية استمرار ابنائهم - أولاد وبنات - في تحصيل العلم بانتظام مهما كانت الحالة المعيشية التي يمرون بها جراء العدوان والحصار..
وأنتم في المجلس السياسي وحكومة الانقاذ لاتغفلوا صمود المعلمين والمعلمات وهم يؤدون واجبهم الديني والوطني والأخلاقي بثبات وانضباط مع انقطاع مرتباتهم لعامين.. ألا يستحقون منكم توفير ما تيسر من مبلغ شهري.. ولو من باب "قُمْ للمعلم وفّه التبجيلا"؟!
|