أحمد الزبيري - ترامب استمد جانباً مهماً من صعوده المفاجئ والمذهل الى البيت الأبيض ليكون رئيساً للدولة الكبرى والأقوى من حيث هيمنتها السياسية والاقتصادية والعسكرية على العالم حتى الآن من اهانته للنظام السعودي الذي وصفه بالبقرة المدرة للمال النفطي والتي يجب حلبها حتى النهاية ثم ذبحها.
كان هذا كلام ترامب اثناء حملته الانتخابية في مواجهة أول امرأة تترشح لرئاسة أمريكا هيلاري كلينتون، حينها اعتبر الكثيرون من خلال خطابه الفج والغبي انه منافس ضعيف أمام محامية مفوهة وكانت زوجة لواحد من أفضل رؤساء أمريكا وهي سياسية محنكة وتولت وزارة الخارجية لكنها أمام منافسها ترامب سقطت سقوطاً مدوياً وأحد اسباب فوزه الساحق هو نظرته للسعودية ونظام بني سعود والمشيخات الخليجية السائرة في ركب السعودية.
المتوقع كان أن صعود ترامب لرئاسة الولايات المتحدة سيؤدي الى تعكر في العلاقة بين مملكة بني سعود والولايات المتحدة والدول الخليجية لنُفاجأ أن ما حصل في هذه العلاقة كان اثبات صحة نظرة ترامب لتكون السعودية بقرة أمريكا الحلوب وحلابها هذا الرئيس الجلف.. وكانت الزيارة الأولى له الى السعودية وحَلْبَته جامدة بما يكفي ليؤكد ترامب لجمهور ناخبيه أنه الرئيس الاستثنائي من الحَلْبَة الأولى التي بلغت نصف تريليون دولار غير مستلزمات حفاوة الحلاب وزوجته وابنته وزوج ابنته والتي تصل الى مئات ملايين الدولارات.
اللافت أن احتفالات استقبال الرئيس الأمريكي المبالغ فيها والتي وصلت الى توظيف السعودية نفوذ مالها النفطي على بعض رؤساء وملوك وأمراء دول عربية لاحضارهم الى الرياض ليجتمعوا برئاسة ترامب مشكلين حلفاً اسلامياً »أمير المؤمنين« فيه ترامب ضد ما أسموه بالإرهاب ومع ذلك كله لم يغير الرئيس الأمريكي نظرته لمملكة النفط و»ملك الحزم والعزم« سلمان وابنه وولي عهده محمد ويكفي هنا الاشارة الى زيارة الأخير لأمريكا وكيف تعامل معه ترامب بشكل مهين.
وبمرور الوقت صعَّد ترامب من اهانته لآل سعود يقابله رضوخ غريب من الملك سلمان »خادم الحرمين الشريفين« رغم أن النظام السعودي السلماني لم يتقبل قبل عام ملاحظات على حقوق الانسان في المملكة من دول اروروبية بحجم ألمانيا ولا بيان فيسبوكي من كندا حول سجناء وسجينات الرأي ويمكن أن نورد الكثير من المواقف العادية والبسيطة التي يتنافخ لها شرفاً سلمان وابنه ومسئولوهم وماكنتهم الاعلامية ناهيك عن الاحقاد التي ظل بنو سعود يجترونها ضد قادة عرب ومسلمين أمثال صدام حسين ومعمر القذافي وتجاه حافظ وبشار الأسد ورئيس وزراء باكستان ذوفقار علي ولم يكتفوا بالانتقام من أولئك القادة بل مزقوا ودمروا بلدانهم.
ولا نتحدث هنا عن اليمن لأن مأساته مع السعودية أكبر من أن يستوعبها مقال كهذا بكثير.. فالحرب العدوانية التي تشنها منذ 26 مارس 2015م وحتى الآن ليست إلا واحدة من الفصول الوحشية للنظام السعودي في تاريخ مأساتنا مع هذه الأسرة الإجرامية التي لن تنتهي إلا بزوال هذه الأسرة.
وعودة الى ترامب وأمريكا واهانته للملك وولي عهده والنظام السعودي لا يمكن فهمها إلا في سياق العلاقة السعودية الأمريكية وقبلها البريطانية والتي يمكن أن نعود بها الى الملك عبدالعزيز وربما الى ما قبل انشاء بريطانيا للدولة السعودية الثالثة.. انها علاقة السيد بالتابع.. وهنا نتذكر الحديث المنحط لسفير بني سعود في واشنطن حول العدوان على اليمن والذي هو بالمناسبة من هذه الأسرة التي ابتلينا بها والعرب والمسلمون والتي يخجل أي انسان لديه شرف أو كرامة أن يتكلم به، في حين أن ما قاله ذلك السفير ينطبق على علاقة بني سعود ببريطانيا وأمريكا انها علاقة السيد بالعبد فالنظام السعودي كان وسيبقى أداة قذرة استخدمها الأمريكان والصهاينة خدمة لتحقيق مصالحهم الأكثر قذارة دون أن يلوثوا انفسهم بها مستفيدين من سيطرة هذا النظام على أقدس مقدسات المسلمين والثروة النفطية التي تدمر شعب نجد والحجاز وشبه الجزيرة العربية وكل بلاد العرب والمسلمين.. الأمريكان كانوا دائماً ينظرون لبني سعود باحتقار باعتبارهم أدواتهم القذرة مع فارق ان ترامب تعامل بعقلية التاجر السياسي الوقح الذي يدرك مع من يتعامل وأي لغة تحقق التخاطب الأفضل مع الاتباع أمثال بني سعود..
النظام السعودي لن يعيش يوماً واحداً بدون حماية أمريكا وليس كما قال الرئيس الأمريكي اسبوعين ومن أجل استكمال ما تبقى في هذه البقرة الشائخة من حليب المال النفطي الذي لا يرتوي منه ترامب فعند آخر قطرة ستذبح هذه البقرة كما قال غير مؤسوف عليها من أبناء نجد والحجاز واليمن والعراق والشام وكل العرب والمسلمين والبشرية التي ستكون بدون نظام بني سعود في حال أفضل.. والسؤال: كم علينا أن ندفع أثمان الانتظار حتى يتحقق ذلك؟!
|