استطلاع / عبدالرحمن الشيباني : - بعد أن ثبت لتحالف العدوان أن الخيار العسكري لن يحقق مبتغاه وفي ظل الخسائر التي يتكبدها في الجبهات لجأ هو ومرتزقته الى الورقة الاقتصادية لما لها من تأثير مباشر على وضع الناس المعيشي وبهدف تحقيق أي مكسب حتى وإن كان على حساب لقمة العيش ولعل اليوم وما نشاهده من تداعيات خطيرة ناجمة عن هذه السياسات الاقتصادية بإغراق السوق المحلية بطباعة العملة الوطنية دون غطاء نقدي وارتفاع سعر المشتقات النفطية خير دليل على ذلك والذي أدى بدوره الى تصاعد جنوني في اسعار المواد الغذائية تفوق قدرة المواطن الشرائية بكثير المفقودة أصلاً نتيجة انقطاع المرتبات.. ويهدف العدوان وهو يمارس حروبه العبثية القذرة ضد اليمنيين الى قتل الروح المقاومة والنيل من كرامة وإباء الشعب اليمني لتطويعه ليسهل تمرير مشاريعه والذي وجد في شرذمة ممثلة بحكومة الفنادق اداة لتنفيذ أجندته.
»الميثاق« تفاعلت مع المستجدات التي أصبحت تشغل بال المواطنين جراء ارتفاع اسعار المشتقات النفطية وكذلك المواد الغذائية وانهيار العملة الوطنية واستطلعت آراء المواطنين وكذلك المتخصصين من اقتصاديين وسياسيين وخرجت بهذه الحصيلة:
إجراءات ولكن!!
يشكك المواطن في قدرة حكومة الانقاذ على اتخاذ تدابير ناجعة ولو بالحد الأدنى وعبر وزارة الصناعة والتجارة والتي من المفترض أن تضبط حركة التجارة وتحديد الاسعار وانزالها للمواطنين بحيث لا تصبح عرضة للزيادة ما بين الوقت والآخر وفي ظرف زمني قصير جداً.. يحث المواطن الحكومة على أن تقوم بدورها واتخاذ التدابير اللازمة لوضع حد لتصاعد الاسعار والذي يكون في بعض الاحيان غير مبرر خصوصاً فيما يتعلق بالسلع الرئيسية كالقمح والزيت والسكر.. الخ بعد أن تخلى معظم المواطنين عن شراء الكماليات والتي أصبحت خياراته محدودة في هذا الجانب، واثناء نزولنا الميداني وجدنا أن السوبر ماركت والمولات الكبيرة قد رفعت اسعار سلع المنتوجات والسلع واصبح المواطن لا يعرف قيمة السلعة أو المنتج الذي يريد شراءه كما كان في السابق.. سألنا أحد العمال عن مستوى طلب المواطن على السلع المعروضة فقال: الاقبال ضعيف جداً والحركة لم تعد كما كانت في السابق نتيجة الوضع الاقتصادي المتردي والذي أصبح المواطن لا يستطيع الايفاء بحاجاته فالبعض يدخل الى هنا للتفرج فقط والبعض اذا اشترى فإنه يأخذ القليل جداً ويتفاجأ أحياناً بسعرها ويقوم باعادتها مرة أخرى ويستطرد الأخير بالقول: هناك سلع على وشك الانتهاء ويجب تصريفها لكن الناس لا يستطيعون شراءها حتى وان خفضت اسعارها كما أن هناك تسريحاً لبعض العمال سواءً أكان هنا أو في أماكن أخرى كمحلات الملابس وغيرها.
تساؤل
يقول المواطن عماد الحمادي: سمعنا أن هناك نزولاً ميدانياً من قبل وزارة التجارة والصناعة عبر لجان خاصة بها إلا أن الأمر يظل على ما هو عليه لا يلمس أحد آثار هذه اللجان لماذا؟ لا نعرف اضافة الى أن السوق السوداء منتشرة بشكل كبير فمن وراء هذه الأسواق.. على الحكومة أن تفعل أداء دورها وتضبط المتلاعبين بأقوات الناس.
أدوات وصراعات
العميد عبدالله الجفري -قيادي في الحراك الجنوبي- يرى أن الحرب الاقتصادية التي يشنها تحالف العدوان على اليمن جزء من المعركة وبعد أن مرغ الجندي اليمني أنوفهم في الميدان واصبحوا يجلبون مرتزقة من جميع أنحاء العالم بعد أن فطن شباب الجنوب اللعبة الكبيرة التي هم فيها الأمر الذي أدى الى انسحاب مجاميع كبيرة منهم خصوصاً في معركة الساحل الغربي.. لافتاً الى أن هناك شعوراً أحسوا به بأن المعركة ليست معركتهم حيث يقول العميد الجفري الحرب الاقتصادية تأتي في اطار الحرب النفسية والعسكرية التي تشن على اليمن وما هو حاصل اليوم من اللعب بالورقة الاقتصادية يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك فشلهم في الجبهات وهي الورقة الأخيرة التي يمتلكها هؤلاء ويحاولون استغلال الظروف الصعبة التي يعيشها المواطن ومحاربتهم له في لقمة عيشه وهي من أقذرالوسائل ومع تنامي الرفض الشعبي الكبير لهم في المحافظات الجنوبية وانسحاب الكثير من الشباب المغرر بهم من الجبهات بعد أن لمسوا أن هذه المعركة ليست معركتهم خصوصاً وأن الحراك الثوري الجنوبي كان قد أصدر بياناً في الأمر ويستطرد الأخير بالقول: يحاول العدوان اليوم أن يضغط في كل اتجاه فاليمنيون بنظرهم سواء أكان ذلك في الشمال أو الجنوب ففي الجنوب يريد تحالف الشر أن يضغط على الشباب في للعودة للقتال في صفوفهم من خلال تحكمهم بالدولار واضعاف العملة الوطنية والتي تنعكس مباشرة على حياة المواطن ووضعه الاقتصادي.
ويختتم العميد حديثه لـ»الميثاق«: بأن ذلك يأتي أيضاً للضغط على الفار هادي في اطار الصراع الاقليمي بين الامارات وقطر والسعودية والمجلس الانتقالي فلهذه الدول أدوات تعمل لصالحها حسب قوله لدى كل منهما مشاريع أخرى غير المشاريع الوطنية وكذا حاجات المواطن الاساسية ومتطلباته المعيشية التي تتفاقم حتى وصلت الى ما نراه اليوم من وضع بائس.
بداية المشكلة
المحلل الاقتصادي د.أحمد حجر وكيل وزارة المياه يقول في هذا الصدد: تثبت البيانات الاحصائية أن مشكلة استمرار الارتفاع السنوي العام في الاسعار تعتبر من المشاكل المزمنة التي ظل الاقتصاد اليمني يعاني منها منذ أمد بعيد حيث يصل المتوسط السنوي لمحرك التضخم لاسعار المستهلك خلال الفترة ما بين »2000-2010م« الى نحو 11٪ وارتفع بعد احداث 2011م الى نحو 17٪ في المتوسط خلال الفترة »2011-2018م« وبسبب العدوان والحصار خلال الفترة »2015-2018م« يتوقع تجاوز معدل التضخم السنوي خلالها الى 18 وكنتيجة لذلك انخفض متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي الحقيقي بنحو 22٪ خلال الفترة 2000-2010م ليواصل انخفاضه خلال الفترة 2011-2014م بنحو 36٪ و48٪ خلال فترة العدوان 2015-2018م وتعكس المؤشرات السابقة مدى الأثر الكبير لارتفاع معدلات التضخم على مستوى معيشة الغالبية العظمى من السكان وبالأخص أصحاب الدخول المنخفضة والثابتة وهذا يعني أن مستوى دخل الفرد الحقيقي انخفض من المتوسط عام 2018م عن مستواه عام 2000م ما نسبته 73٪ لكن الأسباب الحقيقية لذلك قبل العدوان هو فشل الحكومات المتعاقبة في تحقيق تنمية حقيقية مستديمة وعادلة تكفي لتحقيق زيادة حقيقية ومستمرة في مستوى دخل المجتمع ليس ذلك فحسب بل وعدم تنمية الظروف لبناء نظام مؤسسي للدولة لتحقيق وتوفير بنية تحتية للاقتصاد وتنمية بشرية هذا ما جعل الاقتصاد القومي يعتمد وبدرجة كبيرة جداً على العالم الخارجي في سد احتياجاته من السلع والخدمات الضرورية والاستهلاكية، وكذلك لتمويل المشاريع الانمائية وتوليد الدخل كل هذا أدى الى شدة حساسية الاقتصاد القومي لأي تطورات خارجية مما يجعل الآثار السلبية الناجمة عن تلك التطورات شديدة لا متنوعة على مختلف مجالات الاقتصاد القومي وشرائح المجتمع.. أما بعد العدوان والحصار فنجد أن دول العدوان قد اتخذت العديد من السياسات والاجراءات الاقتصادية منذ الوهلة الأولى للغزو بهدف ايصال الوضع الاقتصادي الى مرحلة الانهيار الكلي وبالأخص بعد فشل دول العدوان العسكرية والسياسية والاعلامية حيث أدى قيام دول العدوان بتدمير المنشآت الانتاجية ومشاريع البنى التحتية ومشاريع الخدمات الانتاجية الى انخفاض حجم الانتاج المحلي وبالتالي المعروض من السلع مما ساهم في ارتفاع اسعارها كما أن تدمير الطرق والجسور ساهم في ارتفاع اجور النقل اضافة الى قيام دول العدوان بنقل مهام البنك المركزي من صنعاء الى عدن بهدف شل قدرة البنك المركزي في صنعاء في ادارة السياسة النقدية عامة وسياسة سعر الصرف خاصة لصالح حكومة العملاء وقيام البنك المركزي في عدن واستخدامه في رأس حربة في الحرب الاقتصادية المنظمة والمعدة من قبل دول العدوان حيث قام البنك المركزي بعدن برفع سعر الصرف الرسمي عدة مرات كما قام بنهب مبالغ كبيرة من المساعدات الأجنبية وايداعها في بنوك خارجية وكذا عائدات وصادرات النفط والغاز وبالتالي اخراجها من الدورة الاقتصادية هذا الى جانب قيامهم بحسب سيولة محلية من النقد الرسمي من ايرادات النفط والغاز المحلي وايرادات الضرائب والجمارك ونحوها لاستخدامها من خلال بعض الصرافين في المضاربة بأسعار العملات الأجنبية المتبقية في السوق المحلية وبالأخص في المناطق خارجة سيطرة دول العدوان وتهريبها للخارج بهدف زيادة الضغوط على اسعار الصرف ومن ثم استمرار ارتفاع اسعار صرف العملات الأجنبية وأخيراً فرض رسوم اضافية على البواخر الواصلة الى ميناء الحديدة وعدم السماح لها بالدخول.
رقابة مفقودة
ويواصل د.حجر حديثه بالقول: وكنتيجة لتلك الاجراءات السابقة والتي لم يسبق لها مثيل في الحروب والصراعات الدولية، فقد اصبحت اسعار السلع المستودة ومنها المشتقات النفطية والتي اصبحت الواردات من هذه السلع الاستراتيجية تمثل أكثر من 95٪ ونظراً لأهمية هذه السلع كمدخل رئيسي في ارتفاع مختلف السلع الزراعية والصناعية والنقل والخدمات الصحية والبيئة والمياه.. الخ يأتي هذا في ظل رقابة ضعف رقابة الجهات الرسمية على هذا النشاط ووجود احتكار في استيراد وتسويق المشتقات النفطية.
المعالجات المرجوة
برأيي تكمن المعالجات بقيام البنك المركزي بالتنسيق مع القضاء والأمن القومي بضبط اسعار النقد الأجنبي وبالأخص سوق الصرف ويتم تحديد أوجه استخدامها حسب أهمية احتياجات المجتمع من السلع الضرورية الممكن استيرادها ورفع كفاءة استغلال وتخصيص موارد النقد الأجنبي من المساعدات الخارجية وتفعيل وزارة التجارة والصناعة في ادارة السياسة التجارية الداخلية وضبط المتلاعبين بالأسعار واخفائها، كذلك رفع جهود الانعاش للأنشطة الاقتصادية المعتمدة على موارد وطاقات محلية من خلال تبني الحكومة خططاً علمية وواقعية ورفع رسوم السلع المستودة غير الضرورية وتجريم استخدام العملات المحلية في طباعتها الجديدة وترشيد المجتمع لاستهلاك المواد غير الضرورية وكذلك رفع مستوى التعاون والتنسيق بين أجهزة الدولة، كما يجب وضع آلية عمل تكفل اشراك القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني في كافة مراحل ومستويات رسم السياسات وتنظيمها وطرح المعالجات لأي صعوبات قد تظهر اثناء التنفيذ.. وأخيراً رفع مستوى التعاون بين الشركاء التجاريين الحقيقيين لكسر هيمنة اسواق الخليج على الصادرات اليمنية.
إرادة اقتصادية
الخبير الاقتصادي د.عبدالله الطوقي يقول: إن هناك اسباباً كثيرة للأزمة الاقتصادية التي نعيشها اليوم منها تعويم العملة والمضاربة بالدولار وانتشار محلات الصرافة بشكل كبير وغير المرخص لمزاولة هذا العمل ولا يجب أن نغفل الاشاعات التي تبث بين أوساط المواطنين حول رفع سعر الدولار وكذلك خروج الأموال »الدولار« من قبل رجال الأعمال للخارج واستمرار استيراد الكماليات اضافة الى طباعة العملة المحلية بدون غطاء نقدي.. أما بالنسبة للمعالجات فهي أولاً الامتناع عن طباعة العملة ووضع سياسات نقدية سليمة واتلاف العملة التالفة »الممزقة« كي لا تعمل في ارتفاع السيولة وضخ الدولار من البنك المركزي وهذا مهم جداً لاستقرار العملة كما أنه يجب اغلاق محال الصرافة غير المرخصة وعمل رقابة على أداء المرخصة والزامها بتوجيهات وتعليمات البنك المركزي.. يجب أن تكون هناك إرادة حقيقية ومجتمعية خصوصاً من الجانب الحكومي لوضع حد للعبث الحاصل الذي يهدف في الأساس الى خنق المواطن معيشياً الأمر الذي ينتج عنه كارثة إنسانية.
وضع مزرٍ
وأخيراً يتحدث الأستاذ رمزي الحمادي بأن تكون هناك سياسة اقتصادية ونقدية واضحة وأن يصب اهتمام الحكومة في هذه المرحلة على ايجاد مخرج من الوضع المزري الذي يعيشه المواطن والذي أصبح في وضع لا يحسد عليه مما انتج الكثير من المشاكل المجتمعية وظهرت ظواهر مخلة بالسلوك والآداب العامة أصبحت منتشرة بشكل كبير مثل سرقة حقائق النساء والسرقات وحتى حالات الطلاق وتسرب التلاميذ من مقاعد الدراسة يجب أن تكون هناك اجراءات سريعة للتخفيف عن المواطن ولا ننسى المعلمين الذين هم جزء لا يتجزأ من نسيج المجتمع والذي أثرت الظروف عليه واصبح لا يستطيع القيام بمهامه واللجوء لخيارات أخرى لكي يعيل أسرته.
|