أحمد الزبيري - مر 41 عاماً على اغتيال الرئيس الشهيد ابراهيم محمد الحمدي وبطريقة إجرامية بشعة على ذلك النحو الذي جعل منها مأساة للشعب اليمني بأكمله لأن استهداف حياة الحمدي ليس له ما يبرره بالمطلق خاصة اذا تابعنا مسيرته الوطنية السياسية والعسكرية قبل وبعد الحركة الانقاذية من الأوضاع التي وصلت إليها اليمن بسبب مراكز النفوذ المشيخي والتي قادها في 13 يونيو 1974م قامت من أجل تصحيح مسار الثورة اليمنية 26 سبتمبر واعادتها الى سياقها الوطني وتصويبها باتجاه الأهداف التي قامت لتحقيقها وتجسد ذلك قولاً وفعلاً والكثير من الاعمال التي انجزت في فترة قيادة الرئيس ابراهيم الحمدي القصيرة.
أثبتت حركة الحمدي التصحيحية أنها امتداد إيجابي لثورتي سبتمبر واكتوبر لاسيما فيما يخص القضاء على موروثات التخلف بالتنمية والنهوض الاجتماعي السياسي والاقتصادي جاعلاً البعد التعاوني على صعيد الدولة والمجتمع واقعاً لتشهد المحافظات الشمالية في مختلف مناطقها نهضة غير مسبوقة في التعليم والصحة وصلت لتكون حقاً مكتسباً لكل مواطن ووصلت الطرق الى أقصى القرى النائية كما شهدت البنية الادارية والمالية للدولة والمجتمع تغيراً تطورياً ملموساً كما ركزت حركة 13 يونيو التصحيحة على مكافحة الفساد والافساد بكل صوره والجريمة مرسخ الاحتكام للقانون على صعيد الأجهزة الأمنية والقضاء، وفي هذا توجه لبناء دولة المؤسسات المرسخة لمفهوم العدالة عبر تساوي جميع ابناء اليمن أمام القانون ليشكل هذا التحقق الموضوعي لهدف اذابة الفوارق والامتيازات بين طبقات فئات المجتمع اليمني وإعلاء لقيم المواطنة المتساوية، وقس على هذا في بقية المجالات.
أما الوحدة اليمنية فقد تلاقى الشهيد الحمدي في ضرورة تحقيقها وعلى نحو مدروس مع موقف أخيه الرئيس سالم ربيع علي وكان لقاء قعطبة وزيارة سالمين لصنعاء ودعوتهما الموحدة لعقد مؤتمر قمة الدول المطلة على البحر الأحمر ليكون أمنه يخصها وحدها وتجلى الوجه الوحدوي لقائدي اليمن في موقفهما الواحد تجاه أمن البحر الأحمر.
والأهم فيما يخص الوحدة اليمنية الزيارة التي كان مقرراً أن يقوم بها الرئيس الشهيد الحمدي الى عدن للمشاركة في احتفالات العيد الرابع عشر للثورة اليمنية 14 أكتوبر يوم 12 أكتوبر عام 1977م والتي خشي العدو التاريخي لليمن للنظام السعودي من نتائج هذه الزيارة فعمل دون تحققها بأي ثمن ويمكن اعتبار حياة الحمدي هي الثمن لبقاء اليمن مشطراً وضعيفاً ومجزأً وبتلك الطريقة الإرهابية الرهيبة حتى يكون عبرة لمن سيأتي بعده..
واذا تحدثنا عن السياسة الخارجية فهي انعكاس للسياسة الداخلية.. فلم يكن لليمن الشمالي عداوات أو خلافات مع جواره الاقليمي بل تطورت على نحو غير مسبوق باتجاه الاشقاء في الجزيرة والخليج.
وكذلك علاقة اليمن بالقرن الافريقي ونفس الشيء في المحيط العربي والفضاء العالمي هنا يمكن القول إن اليمن حققت في سياستها الخارجية نجاحات وطدت مكانتها عربياً واسلامياً ودولياً.. لن نتحدث هنا عن موقف الرئيس الشهيد ابراهيم الحمدي من قضية امته العربية فلسطين فهذه كانت محددة لعلاقة اليمن الخارجية والتي برزت في موقفه من الحرب الأهلية اللبنانية.
كل هذا لم يعجب النظام السعودي الذي قاد حرباً ضد ثورة سبتمبر ونظامها الجمهوري غطاها حينها بشريعة النظام الإمامي كما هو اليوم في عدوانه المستمر للعالم الرابع على التوالي باسم شريعة لا وجود لها إلا في فنادق عاصمته الرياض وعواصم أخرى متحالفة معه.
وعودة الى موضوع الشهيد ابراهيم الحمدي فإن المشروع الوطني الذي حمله الحمدي لليمن لم يرق للنظام السعودي فهي تريده يمناً ضعيفاً فقيراً ممزقاً يخضع لهيمنتها ووصايتها فعمل مع اطراف داخلية وجهات دولية على التخلص من الحمدي وتوجهاته الوطنية مستخدماً ماله النفطي القذر ونجح بشكل مأساوي.. مدركاً النظام السعودي أن باغتياله للحمدي يغتال آمال وتطلعات شعب بكامله في التنمية والتطور والأمن والاستقرار والسلام.. مثبتةً السعودية في كل سياساتها تجاه اليمن انها عدوه التاريخي في الماضي والحاضر والمستقبل.
|