عبدالرحمن مراد - لا يدخر الغرب جهداً في دراسة وتحليل الواقع الإسلامي والعربي، مع أنه قد استطاع التمكن من الهيمنة الاقتصادية والعسكرية على بلدان العالم الإسلامي، بل استطاع أيضا ممارسة دور كبير في التأثير الفكري والتوجيهي في كثير من المجالات العلمية والفكرية.
وعلى الرغم من أن هذه المقدمة الأولية تؤدِّي في الغالب إلى زوال القلق تجاه العالم الإسلامي، إلا أن هذا لم يحدث على أرض الواقع؛ بل زادت تلك الدراسات التي تتناول المنطقة بالتحليل والدراسة، مما دعا البعض إلى تسمية هذه الظاهرة بـ(حمَّى الشرق الأوسط)
ولا يمكن تفسير ذلك التخوُّف الغربي من العالم الإسلامي بأسباب اقتصادية أو سياسية فحسب، ولكنه الخوف من الإسلام الذي جعل مراكز الأبحاث الغربية تدرك أن الحرب مع المسلمين الآن هي حرب فكرية - حسب تعبيرهم - في المقام الأول، بل ويرون أن المسلمين فيها على درجة من القوة تجعلهم يبدأون حربهم على الإسلام بدءاً من الأطراف البعيدة، واتجاهًا إلى القلب الذي يمثله العالم العربي.
لا يرجع هذا التخوُّف من العالم العربي أو من التيارات الدينية على وجه التحديد - كما يشير تقرير (راند) - إلى ضعف التأثير الفكري للغرب في العالم الإسلامي، ولكن لأن المرحلة المقبلة تسعى إلى ممارسة تأثير فكري أكثر عمقاً، يصل إلى حد التغيير والتبديل الكامل، وصولاً إلى صياغة إسلام متوافق مع القيم الغربية، وتابع لها بغير شرط ولا قيد، بل وقابل للتغيير المستمر وفقاً لما يجد من متطلبات ومطالب وقد عبر رئيس وكالة المخابرات الأمريكية عن مثل ذلك بقوله " سنصنع لهم إسلاما يناسبنا , ثم نجعلهم يقومون بالثورات , فيتم انقسامهم على بعض لنعرات تعصبية ومن بعدها قادمون للزحف وسننتصر".
لقد تخطت الدراسات الغربية مرحلة الفحص والتحليل للواقع الإسلامي، وعملت عدة مراكز بحثية على البحث عن طرق التأثير والتوجيه على المسلمين، ورسم خطط واقعية وعملية لتنفيذ ذلك على أرض الواقع.
أهم هذه التقارير؛ هو التقرير الذي أصدرته مؤسسة (راند "للأبحاث والتطوير"؛المركز الرئيسي في ولاية كاليفورنيا الأميركية، وتعتبر أحد أهم المؤسسات الفكرية المؤثرة على صناعة القرار في الإدارة الأميركية الحالية، خاصة فيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط، ولذلك تميل الإدارة الأميركية الحالية إلى تبنِّي مقترحات مؤسسة (راند)، وهو ما يجعل لإصداراتها أهمية خاصة في هذه المرحلة).
وتتبنى هذه المؤسسة وجهة النظر الأكثر تشددًا في مواجهة الإسلام والمسلمين، وبالتالي فهي تدعم التيار المتشدِّد في الحكومة الأمريكية الحالية، وخاصة في أجواء الحملة الأمريكية على الإرهاب.
أصدرت مؤسسة (راند) تقريراً عام 2007م يحمل عنوان تكوين (شبكات إسلامية معتدلة)، امتاز هذا التقرير عن التقارير السابقة بأنه موجَّه بطريقة واضحة إلى الحرب العَقَدِيَّة - أو الفكريَّة - حسب التعبير الغربي، وبالتالي فهو لا يحارب الإرهاب المتمثِّل في تنظيم القاعدة أو ما يشابهها، بل يتوجه إلى المسلمين كافة.
إن الصراع الموجود حالياً في معظم أنحاء العالم الإسلامي عبارة عن حرب للأفكار، وسوف تحدد نتائج هذه الحروب التوجهات المستقبلية للعالم الإسلامي وما إذا كان خطر المجاهدين الإرهابيين سوف يستمر مع عودة بعض المجتمعات الإسلامية إلى أبعد أنماط التعصب والعنف.
وهذه الحرب لها تأثير عميق على أمن الدول الغربية وعلى الرغم من أن الإسلاميين المتطرفين يعتبرون قلة في كل مكان إلا أنهم يحظون بالتفوق في العديد من المناطق.
ويكمن السبب وراء ذلك بدرجة كبيرة في أنهم قاموا بتطوير شبكات شاملة تغطي العالم الإسلامي وتتجاوزه في بعض الأحيان إلى المجتمعات الإسلامية في أمريكا الشمالية وأوروبا، أما المسلمون المعتدلون والليبراليون - رغم أنهم أكثرية في العالم الإسلامي - فإنهم لم يُنشئوا شبكات مماثلة، ويمكن لشبكات ومؤسسات المسلمين المعتدلين أن تعمل على توفير منبر لتقوية رسالة المعتدلين إضافة إلى كونها تشكل قدراً من الحماية ضد العنف والإرهاب.
ونحن نلاحظ اليوم ما يحدث في المنطقة من صراع وتململ وقتال , وما يحدث في المجتمعات التي نحسب أنها آمنة من تململ واضطراب وقلق , ونلحظ حركة المجتمع برغبة سياسية في السعودية وهي تقود حربها وعدوانها على الكثير من البلدان كاليمن , وسوريا , والعراق , وليبيا وهي تتواجد بشكل أو بآخر في بعض الدول الاسلامية , مثل باكستان وأفغانستان , وقد نقول إن أملها في الوجود قد خاب في ماليزيا لكنها تنشط في المستويات الثقافية الدنيا عن طريق الحركة العقائدية.
الخلاصة نحن نتعرض لمؤامرة قد كان القادة العرب من الجيل الثوري يدرك أبعادها ووقع ضحية وعيهم بها , وعلينا أن نحسن التعامل مع المرحلة بوعي وجودي تحرري قادر على البقاء.
|