الميثاق نت -

الثلاثاء, 23-أكتوبر-2018
نجيب‮ ‬شجاع‮ ‬الدين -
ثمة‮ ‬ألف‮ ‬طريقة‮ ‬للموت‮ ‬ومئات‮ ‬الأسباب‮ ‬لكنها‮ ‬في‮ ‬اليمن‮ ‬تكاد‮ ‬تكون‮ ‬معدودة‮ ‬لا‮ ‬تتجاوز‮ ‬أصابع‮ ‬اليد‮.‬
خيارات العيش أمام الناس منذ مارس 2015م وحتى اليوم.. اذا لم تمت مباشرة بقصف الطائرات أو في مواقع الاقتتال.. فلا تقلق ستموت جوعاً أو جراء مرضٍ عارض بسيط لانعدام دوائه من السوق فجأة وأحياناً لم تجد ثمن شرائه.
وحده الشعب اليمني الذي يواجه الحياة دون أن يعيشها.. فهو الأشد فقراً وعلى التوالي -خلال السنوات الأخيرة- يتغلب على شعوب آسيا والمنطقة العربية متصدراً المركز الأول في الحرمان من الأكل والشرب وصولاً الى الوفاة.
على‮ ‬مستوى‮ ‬الكرة‮ ‬الأرضية‮.. ‬أعلن‮ ‬مؤشر‮ ‬الجوع‮ ‬العالمي‮ ‬للعام‮ ‬2018م‮ ‬أن‮ ‬اليمن‮ ‬تحتل‮ ‬المرتبة‮ ‬الثالثة‮ ‬لأكثر‮ ‬دول‮ ‬العالم‮ ‬جوعاً‮ ‬وجاءت‮ ‬افريقيا‮ ‬الوسطى‮ ‬أولاً‮ ‬وتشاد‮ ‬في‮ ‬المرتبة‮ ‬الثانية‮.‬
واعتبر‮ ‬المعهد‮ ‬الدولي‮ ‬لبحوث‮ ‬السياسات‮ ‬الغذائية‮ ‬في‮ ‬تقريره‮ ‬الصادر‮ ‬قبل‮ ‬أيام‮ ‬أن‮ ‬اليمن‮ ‬من‮ ‬أكثر‮ ‬بلدان‮ ‬العالم‮ ‬يعاني‮ ‬سكانها‮ ‬نقص‮ ‬الغذاء‮ ‬والتقزم‮.‬

الحرب
لاشك أن الحرب الدائرة في وعلى اليمن تقف بدرجة أساسية وراء الكارثة التي حلت وبدأت بتوقف الاستثمارات تلاها تدمير البنى التحتية واستهداف المصانع والطرق والجسور وانقطاع الرواتب ناهيك عن الحصار المطبق براً، بحراً، جواً.
وهو‮ ‬مالم‮ ‬تفعله‮ ‬اسرائيل‮ ‬نفسها‮ -‬كدولة‮ ‬احتلال‮ ‬وارهاب‮- ‬بحق‮ ‬الشعب‮ ‬الفلسطيني‮ ‬حيث‮ ‬ان‮ ‬قياسات‮ ‬المؤشر‮ ‬العالمي‮ ‬وضعت‮ ‬فلسطين‮ ‬خارج‮ ‬التصنيف‮ ‬نتيجة‮ ‬انعدام‮ ‬الجوع‮ ‬بين‮ ‬سكانها‮ ‬كما‮ ‬هو‮ ‬الحال‮ ‬في‮ ‬الامارات‮.‬
قبل الحرب كان كل ما يستهلكه اليمنيون يأتي 80٪ منه عبر الاستيراد و20٪ انتاج محلي والآن لا يتجاوز الانتاج المحلي 10٪ فيما الاستيراد يفترض أن يغطي 90٪ من الاحتياج غير أنه يجد صعوبة في توفير 45٪ من ذلك ومع هذا بات من الصعب على أغلب المواطنين الشراء فقد ارتفعت اسعار‮ ‬المواد‮ ‬الغذائية‮ ‬بنسبة‮ ‬86٪‮ ‬عما‮ ‬كانت‮ ‬عليه‮.‬

هل‮ ‬القادم‮ ‬أفضل؟‮!‬
ثلاث سنوات ونصف ارتفعت معدلات الفقر فيها من 40٪ الى أكثر من 85٪ من السكان البالغ عددهم 26 مليون فرد وصل جوعهم الى مستوى غير مسبوق بحسب توصيف برنامج الغذاء العالمي.. ويضيف: أن بعضهم بالكاد تذوق طعم الخضروات والفواكه واللحوم في الفترة الماضية.
ونوهت‮ ‬المنظمة‮ ‬الأممية‮ ‬الى‮ ‬ارتفاع‮ ‬تكلفة‮ ‬المواد‮ ‬الغذائية‮ ‬في‮ ‬اليمن‮ ‬بمناسبة‮ ‬يوم‮ ‬الأغذية‮ ‬العالمي‮ ‬في‮ ‬16‮ ‬أكتوبر‮ »‬تخيل‮ ‬أن‮ ‬تكلفة‮ ‬طبق‮ ‬بسيط‮ ‬من‮ ‬الفول‮ ‬تتعدى‮ ‬62‮ ‬دولاراً‮«!!‬
وتحدد‮ ‬منظمة‮ ‬الزراعة‮ ‬العالمي‮ »‬فاو‮« ‬الجوع‮ ‬على‮ ‬أنه‮ ‬الحرمان‮ ‬من‮ ‬الطعام‮ ‬وسوء‮ ‬التغذية‮ ‬الذي‮ ‬يجعل‮ ‬الفرد‮ ‬لا‮ ‬يستطيع‮ ‬الحصول‮ ‬على‮ ‬1800‮ ‬سعرة‮ ‬حرارية‮ ‬كحد‮ ‬أدنى‮ ‬يومياً‮ ‬لحياة‮ ‬صحية‮ ‬ومنتجة‮.‬
الى‮ ‬ذلك‮ ‬تؤكد‮ ‬المنظمات‮ ‬الدولية‮ ‬أن‮ ‬22‮ ‬مليون‮ ‬يمني‮ ‬يحتاج‮ ‬لشكل‮ ‬من‮ ‬أشكال‮ ‬المساعدة‮ ‬الانسانية‮ ‬المنقذة‮ ‬للحياة‮ ‬من‮ ‬بينهم‮ ‬11‮ ‬مليون‮ ‬طفل‮.‬

ثلاثة أعوام ونصف حققت خلالها جهود الأمم المتحدة فشلاً ذريعاً في ايقاف الحرب في اليمن وايجاد حل سياسي غير أنها لا تعترف بالفشل وتعد من وقت لآخر بتكرار المحاولة مع أطراف الصراع التي مازالت تبحث عن حل عسكري وتستمر في محاولاتها.
وللمرة‮ ‬الأولى‮ ‬تقر‮ ‬الأمم‮ ‬المتحدة‮ ‬بفشلها‮ ‬إذ‮ ‬أعلنت‮ ‬في‮ ‬22‮ ‬سبتمبر‮ ‬الماضي‮ ‬أنها‮ ‬خسرت‮ ‬حربها‮ ‬في‮ ‬الجانب‮ ‬الانساني‮ ‬ضد‮ ‬المجاعة‮ ‬في‮ ‬اليمن‮.‬
وقال‮ ‬وكيل‮ ‬الأمين‮ ‬العام‮ ‬للأمم‮ ‬المتحدة‮ ‬مارك‮ ‬لوكوك‮ ‬لأعضاء‮ ‬مجلس‮ ‬الأمن‮: »‬إننا‮ ‬نخسر‮ ‬الحرب‮ ‬ضد‮ ‬المجاعة‮ ‬فالوضع‮ ‬قد‮ ‬تدهور‮ ‬بشكل‮ ‬مثير‮ ‬للقلق‮ ‬خلال‮ ‬الاسابيع‮ ‬الأخيرة‮ ‬ونقترب‮ ‬الآن‮ ‬من‮ ‬نقطة‮ ‬اللاعودة‮«.‬
واضاف‮: »‬سيكون‮ ‬من‮ ‬المستحيل‮ ‬بعدها‮ ‬منع‮ ‬وقوع‮ ‬خسارة‮ ‬هائلة‮ ‬في‮ ‬الأرواح‮«.‬
وقبل‮ ‬أيام‮ ‬حذرت‮ ‬منسقة‮ ‬الأمم‮ ‬المتحدة‮ ‬لشئون‮ ‬اليمن‮ ‬من‮ ‬أن‮ ‬اليمن‮ ‬قد‮ ‬يشهد‮ ‬قريباً‮ ‬مجاعة‮ ‬على‮ »‬نطاق‮ ‬ضخم‮« ‬اذا‮ ‬استمرت‮ ‬الحرب‮ ‬الدائرة‮ ‬هناك‮ ‬دون‮ ‬وصول‮ ‬المساعدات‮ ‬للمحتاجين‮.‬
وقالت‮ ‬ليزا‮ ‬غراندي‮ ‬في‮ ‬تصريحات‮ ‬صحفية‮: ‬إن‮ ‬الجوع‮ ‬يهدد‮ ‬13‮ ‬مليون‮ ‬شخص‮ ‬وأن‮ ‬الأمر‮ ‬قد‮ ‬يتحول‮ ‬الى‮ ‬أسوأ‮ ‬مجاعة‮ ‬في‮ ‬العالم‮ ‬منذ‮ ‬قرن‮.‬
وأضافت‮: ‬على‮ ‬المجتمع‮ ‬الدولي‮ ‬أن‮ ‬يشعر‮ ‬بالخجل‮ ‬بسبب‮ ‬الأحوال‮ ‬في‮ ‬اليمن‮.‬
وكان وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشئون الإنسانية ذكر في احاطته الأخيرة بشأن اليمن: »إن الوضع يتفاقم بسبب تطورين حديثين أولهما الضغوط الهائلة على الاقتصاد التي ترجمت الى انخفاض قيمة الريال اليمني بنسبة 30٪ بما أدى الى زيادة غير مسبوقة في سعر الوقود والسلع‮ ‬الاساسية‮.. ‬والتطور‮ ‬الآخر‮ ‬هو‮ ‬القتال‮ ‬حول‮ ‬الحديدة‮«.‬
وقال‮ ‬مارك‮ ‬لوكوك‮: »‬من‮ ‬غير‮ ‬الواضح‮ ‬اذا‮ ‬كان‮ ‬هناك‮ ‬أي‮ ‬فائزين‮ ‬في‮ ‬التصعيد‮ ‬الأخير‮ ‬للقتال،‮ ‬ولكن‮ ‬من‮ ‬الواضح‮ ‬للغاية‮ ‬من‮ ‬هم‮ ‬الخاسرون‮: ‬إنهم‮ ‬ملايين‮ ‬اليمنيين‮ ‬ومعظمهم‮ ‬نساء‮ ‬وأطفال‮«.‬
وطلب‮ ‬المسئول‮ ‬الدولي‮ ‬دعم‮ ‬مجلس‮ ‬الأمن‮ ‬في‮ ‬ثلاثة‮ ‬مجالات‮ ‬رئيسية‮ ‬لانقاذ‮ ‬حياة‮ ‬الملايين‮ ‬أولاً‮: ‬اتخاذ‮ ‬تدابير‮ ‬فورية‮ ‬لاستقرار‮ ‬الاقتصاد‮ ‬ودعم‮ ‬سعر‮ ‬العملة‮.‬
ثانياً‮: ‬احترام‮ ‬كل‮ ‬الاطراف‮ ‬المعنية‮ ‬لالتزاماتها‮ ‬التي‮ ‬تحتم‮ ‬حماية‮ ‬المدنيين‮ ‬والبنية‮ ‬الأساسية‮ ‬المدنية‮ ‬وتيسير‮ ‬الوصول‮ ‬الى‮ ‬المستضعفين‮ ‬وابقاء‮ ‬كل‮ ‬الموانئ‮ ‬والطرق‮ ‬والرئيسية‮ ‬مفتوحة‮.‬
ثالثاً‮: ‬الطلب‮ ‬من‮ ‬كل‮ ‬الأطراف‮ ‬ايجاد‮ ‬حلول‮ ‬عملية‮ ‬للقضايا‮ ‬الرئيسية‮ ‬بما‮ ‬فيها‮ ‬انشاء‮ ‬جسر‮ ‬جوي‮ ‬للمدنيين‮ ‬المحتاجين‮ ‬للعلاج‮ ‬في‮ ‬الخارج‮.‬
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 06:25 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-54534.htm