جمال الورد - شهدت مسيرة المؤتمر الشعبي العام السياسية العديد من الكبوات، ونهض منها أقوى مما كان في السابق، من خلال التفاف جماهير الحزب وقاعدته الشعبية وتمسكها بالثوابت الوطنية، وما حدث في 2011م خير دليل على أن المؤتمر الشعبي العام بإمكانه أن يتصدى لكل المؤامرات التي تحاك ضده من معارضيه وأعداء التعددية الحزبية والإنفتاح والوسطية والاعتدال، ورغم الكم الهائل من المؤمرات والدسائس التي استهدفت الحزب إلا أنها فشلت، في ظل قيادة الحزب المحنكة والخبيرة بالسياسة، وعلى هذا سار المؤتمر قوياً في وجه الزوابع في ظل قيادة الزعيم الراحل علي عبدالله صالح ، رئيس الجمهورية الأسبق رئيس المؤتمر الشعبي العام .
فـفي 2011م تخلص الحزب من الأدران التي علقت به ، والأشخاص الذين إستثمروا المؤتمر لتحقيق مكاسبهم الشخصية والفئوية وفي أول منعطف واختبار حقيقي قفزوا إلى ما كانوا يعتبرونه "بر الأمان" ساحات الاعتصام، غير آبهين بما يرتكبونه من جرم بحق الوطن أولاً من خلال إنضمامهم لمشروع تمزيقي تدميري ظاهره النقمة على قيادة حزبهم، وباطنه تمزيق اليمن ووحدته وإنتهاك سيادته، وجاء العدوان الاعرابي على بلادنا في نهاية مارس 2015م ليتطهر الحزب من بقية المنتفعين وأصحاب المصالح، الذين فروا باتجاه الفنادق وركنوا للعدو التأريخي "مملكة بني سعود" وبدأوا في رسم مواقعهم القياديه التي سيدفعهم إليها المعتدون، وراقبوا ازدياد رصيدهم المالي عبر تحويلات اللجنة الخاصة والديوان الملكي، كثمن بخس لخيانة وطن وقتل شعب ، وتدمير حزب عريق، حاولوا جاهدين تقسيم الحزب وتشتيته إلا أنهم فشلوا، رغم أنهم استطاعوا إيجاد بعض التصدعات في جداره المتين إلا أنهم فشلوا في هدم ما بناه غالبية أبناء الشعب اليمني واختاروه مظلة جامعة لهم، لما يمتلكه من وسطية واعتدال وقبول بالآخربعيداً عن الإيدلوجيات المذهبية أو التمترس المناطقي.
ومنذ مطلع 2018م، وبعد استشهاد الزعيم ورفيق دربه الأمين، لاحت في الأفق فرصة لأولئك اللاهثين خلف المال المدنس، فرصة أن يحققوا ما فشلوا فيه سابقاً، فرصة سانحة للانقضاض على الحزب وتسليمه لمن لم يحافظ على دولة بأكملها، بل إن الأماني ذهبت بالبعض ليرى نفسه أحق من غيره بقيادة دفة الحزب، متناسياً أن القيادة هي من تتحمل الأعباء وتعمل تحت أشد الظروف قهراً وجورا، قيادة اختارها الشهيد منذ كان حيا.
في تلك اللحظات الفارقة والصعبة في تأريخ الحزب، بدأت طعنات مميتة تشتد على الحزب، الذي ظل عصياً على كل أعدائه وما يمكرون له ، إلا أنها طعنات ذوي القربى، بدأت الأقلام تمدح وتقدح، في قيادات الحزب سواءً الصامدة الباقية في الداخل والماضية على نهج الشهيد في بقائه في وطنه أو القيادات التي اختارت البقاء في الخارج وهذا أمر متروك لهم ولحريتهم وليس من حقنا أيضاً التقليل من أدوارهم القيادية ومساعيهم.
لم يدرك أبناء المؤتمر والمناصرين له، والمحبين للزعيم الراحل، أن ما يكتبونه ضد بعض يعزز من فرص الحاقدين المراهنين على تدمير الحزب وطمسه، ولعلهم بقصد أو دون قصد، لا يعرفون ماذا يسبب تراشقهم الإعلامي على صفحات التواصل الاجتماعي، والمواقع الإلكترونية أو من خلال المقابلات المتلفزة، وما تسببه اتهاماتهم وتقليلهم لدور هذا الطرف أو ذاك داخل البيت المؤتمري من تصدع وإضعاف لا يتصورونه.. بل ويظهرون الحزب بصورة مفككة أكثر مما ينتظره المتربصون والمتأبطون شراً به.
على مدار عام كامل، والتراشق الإعلامي يعلو ويحتد بين ناشطي المؤتمر ضد بعضهم بعضا، وكلٌّ حسب ميولاته لهذه الشخصية أو تلك، غير مقتنعين بشيء إلا اللهم الانتقاد لمجرد الانتقاد، دون الأخذ بالحسبان حساسية المرحلة، وخطورة الوضع، وضيم الوقت، والمخاطر التي تحف الحزب من كل جانب، والذئاب المتربصين به من كل حدب وصوب،و بدلاً من أن يكونوا صوتاً يعزز قيم ومبادئ الحزب وميثاقه، ويعيد لليمن سيادته ويصون نظامه الجمهوري ووحدته الوطنية، إختاروا أن يكونوا خنجراً آخر في خاصرة الحزب المرهق والمثقل بكل أنواع الخيبات، لم يحسبوا حساب الواقع المر الذي يمر به كل قيادي في ظل استمرار مصادرة ممتلكات الحزب وصوته وقناته، وحتى لجنته الدائمة ومقراته.
لقد أثقل المتراشقون كاهل القيادة في الداخل بهم وعبء أكبر مما تعانيه وتتجرعه، واساءوا لقيادات الحزب المقيمة في الخارج حين صورها أنصارها من المتراشقين على أنهم سطحيون لا يقدرون حجم الأخطار، بل صوروهم أنهم أكثر انتهازية من هادي وشلته.
و نحن هنا لا نعني بهذا الكلام أن هذا الطرف أو ذاك قد أصبح خائناً بسبب ما تفرزه المكايدات الإعلامية والناشطين المحسوبين والمعروف توجههم، ونقول ربما أنهم يرون أن ما يقومون به يصب في خانة مصلحة الحزب خصوصاً والوطن عموماً.
وفي الختام .. على كل منتمٍ لهذا الحزب العريق، والمناصر والمحب لنهجه المعتدل أن يعمل على توحيد الكلمة، وتقدير المرحلة ومقتضياتها، وتقدير ما تتحمله القيادة في صنعاء وتقوم به في سبيل تضميد الجراح الغائرة، والمساعدة لها في تكامل الجهود وتضافرها بما يعزز وجود الحزب واستعادته لقواه التي أُريد لها أن تخور، لا جدوى من إستمرار الشقاق، ولا أحد يحق له أن ينصب نفسه قاضياً على الأخرين، يحكم بوطنية هذا وخيانة ذاك، بشجاعة وإقدام "أ" وخنوع "ب" فالمؤتمر الغني بقياداته وخبراته السياسية والإدارية التي أوصلت اليمن إلى أعلى المراتب وحققت له التنمية الممكنة وفق الممكن والمتاح ونقلته نقلات نوعية يُشهد لها، ومن يمتلك كل هذه الثروة المعرفية والإدارية والفكرية والنخية المتعلمة والأكاديمية والظهير القبلي والقاعدة الجماهيرية الواسعة يستطيع صنع التحولات والتعافي بعد الكبوات، والإنطلاق بقوة نحو المستقبل الذي يتطلع له الأوفياء حزبياً ووطنيا.
|