يحيى علي نوري - الحوار المسئول هو المخرج الوحيد والعملي الذي يرتقبه شعبنا لخروجه من اتون ازمته الكارثية، فهل تستطيع مختلف القوى اليمنية التعامل المسئول والتاريخي مع هذا المطلب الملح والذي تفرضه مسئوليتها الوطنية والدينية؟
سؤال سهل في تلقائيته وبساطته وموضوعيته والواقع ومؤشراته وافرازاته الكارثية تشير الى ان الاجابة الشافية عنه سهلة ايضا ومفادها باختصار: نعم بإمكان هذه القوى فعل ذلك شريطة ان تمتلك قرارها الوطني المنتصر للشعب والواضع مصلحته العليا فوق كل الاعتبارات.
لكن ذلك من الناحية العملية يبدو صعبا بل ومحالاً في ظل مانشهده من ارتهان لقوى اجنبية باتت تدير هذه القوى بالريموت كنترول وتحدد مواقفها ومواقع تموضعاتها من وقت لآخر حسب ماتمليه عليها الاجندة الاجنبية ومكامن مصالحها الاستراتيجية وهو تأثير كان له ان جعل من عمليات الحوار السياسية بين اليمنيين تدور حول نفسها بالرغم من ان كل ما هو معروض على طاولة حوارها امور جميعها قابلة للمعالجات السريعة ولاتحتاج الى كل ذلك الوقت الذي اهدر دون جدوى وبصورة عكست فظاعة التأثير الخارجي على مايقوله اليمنيون ويعرضون له ازاء مختلف قضاياهم العالقة بفعل الارتهان الخارجي..
ولكون الامر يسير من السيئ الى الاسوأ بالنسبة لمظلومية الشعب اليمني بل ويزيد من التداعيات الخطيرة ليس على اليمن فحسب وإنما على حاضر ومستقبل منطقتنا وكذا من تأثيرات قد تُمنى بها المصالح الدولية الاستراتيجية فإن الامر برمته لم يعد قابلاً لمزيد من التوهان للقوى اليمنية وبالاحرى لم يعد الشعب قادراً على تحمل أفعال كارثية جديدة من قبل من هم محسوبون عليه او يقدمون انفسهم للعالم كنخب تعبر عن لسان حاله.
وعلى الجميع ان يدرك ان لسان حال الشعب يرفض بقوة هذا الارتهان مهما كانت اسبابه وحيثياته وان مطلبه الوحيد في هذا الظرف العصيب هو الاسراع الى حوار مسئول مع من يشنون ضده عدوانهم، وحوار موازٍ بين اليمنيين انفسهم يضعون خلاله التصور الوطني الثاقب لملامح دولتهم الجديدة وحاضر ومستقبل وطنهم..
نقول ذلك لنجدد التأكيد لكل هذه القوى ان ما ترفضه اليوم من معطيات قد تصبح غداً مستحيلة وبالتالي يكون الزمن قد تجاوز كل اطروحاتهم العقيمة بفعل التأثيرات الخارجية.
واذا ماخرجت الامور عن السيطره تماما فإن الشعب سيفرز قوى جديدة من صلب معاناته وسيلتف حولها لإنقاذ ماتبقى له من عوامل تجعله قادرا على البقاء كأمة تستحق الحياة الآمنة والمستقرة واللحاق بالركب الحضاري الذي حالت صراعات ابنائه دون بلوغه..
وتلك واحدة من حقائق التاريخ التي تؤكد قدرة اليمنيين على الانتفاض الشامخ من تحت الانقاض ليسطروا فصلاً حضارياً جديداً كأمة تملك موروثاً حضارياً تليداً، من المستحيل ان يندثر مهما كانت العقبات والتحديات.
حفظ الله اليمن |