القتاها/عبدالجبار البحري - تكتظ الساحة اليمنية بآلاف المنظمات والمؤسسات المدنية لكن الكثير منها تحولت الى مجرد اسماء لا وجود لها على الواقع فيما يعمل البعض منها على بيع الوهم مقابل الحصول على المال ما يحتم على الاجهزة المعنية والجهات الدولية المانحة اعادة النظر في علاقاتها وتقييم اداء شركائها من واقع وجودها في الميدان وبمدى ما تقدمه لمحيطها الاجتماعي من خدمات إنسانية.
ومن بين هذا الركام برزت كيانات مجتمعية فاعلة على الساحة استطاعت أن تحقق انطلاقة قوية في خدمة المجتمع اليمني المثقل بالهموم والأوجاع.
صحيفة »الميثاق« سلطت الضوء على هذا الموضوع وأجرت حوارا مع الأديبة والشاعرة والمحامية سهير عبدالرحمن المعيضي رئيسة مؤسسة حيدرة للسلام والتنمية الإنسانية وهي إحدى المنظمات الناشطة في العمل الانساني والتي كانت لها بصمات واضحة في أوساط المجتمع خلال السنوات الأخيرة.. فإلى هذا الحوار:
< من هي مؤسسة حيدرة للسلام والتنمية الإنسانية؟
- مؤسسة حيدرة للسلام والتنمية الإنسانية هي منظمة مدنية غير ربحية ولدت من رحم الأحداث المأساوية التي عاشتها وتعيشها اليمن مؤخراً هدفها تخفيف معاناة الانسان اليمني المحاط بمخاطر الحروب والمجاعة والامراض عبر مشاريعها التنموية الهادفة وبرامجها وانشطتها التنويرية المعززة للتكافل الاجتماعي وثقافة السلام, وخلال وقت قياسي حققت الكثير من اهدافها عبر التخطيط المسبق لكل ما نفذته من انشطة ومشاريع كما اعتمدت آليات عمل واضحة وشفافة اكسبتها ثقة واحترام المجتمع وشركاء العمل الانساني خصوصا بعدما استفادت من خدماتها آلاف الاسر الفقيرة والمحتاجة في عدة محافظات يمنية، بدأت المؤسسة بدعم وتمويل ذاتي وبفريق عمل واع ومدرك لحجم ما ينتظره من مسؤوليات ومهام نبيلة في ظل واقع مرير وظروف معيشية بالغة التعقيد تزداد سوءا كلما طال امد العدوان.
< متى بدأت المؤسسة نشاطها وما حجم استفادة المجتمع من مشاريعها حتى الآن؟
- العمل الانساني مفهوم واسع يحمل في طياته الكثير من المعاني والقيم السامية ويتجسد على شكل ممارسات وأنشطة تحفظ للإنسان قيمته وكرامته..من هذا المنطلق رسمت مؤسسة حيدرة للسلام والتنمية الانسانية مسارها ومشوارها الذي بُدئ في العام 2016م والذي مثل الانطلاقة الاولى في ميدان العمل بينما تم تكثيف النشاط مطلع العام 2017م حيث حفل ذلك العام بمشاريع إغاثية وإنسانية وتنموية وصحية وتعليمية بلغت أحد عشر مشروعا استفاد منها عشرة آلاف ومائة وتسعة وأربعون إنساناً بينهم أربعة آلاف وأربعمائة وأربع وسبعون امراة.
أما في العام 2018م فأبرز الانشطة تمثل في إنشاء المخبز الخيري للأسر الفقيرة والنازحة في العاصمة صنعاء والذي سيوفر رغيف الخبز لأكثر من (1500 مستفيد) بشكل يومي، بالإضافة إلى تأمين وجبة الإفطار المدرسية لعدد (800) طالب وطالبة.
ومنذ انطلاقها أعطت المؤسسة اولوية خاصة لجانب التدريب والتأهيل فانشات قاعة ومعامل مجهزة بكل وسائل ومتطلبات التدريب والتطبيق كمفتاح للتغيير وأساس للتقدم والتخفيف من المعاناة الناجمة عن الحرب الدائرة في اليمن والتي تسببت في ارتفاع نسبة الفقر.
< التكامل والشراكة عنصر مهم تفتقر اليه منظومة العمل المدني في اليمن ,برأيك لماذا تميل غالبية المنظمات إلى العمل بشكل انفرادي؟
- أتفق معك في أن الشراكة في العمل الانساني من أساسيات النجاح لأي منظمة أو مؤسسة.. غير أن تلك الكيانات تميل دائما إلى البحث عن الشركاء الدوليين وهذا مفهوم خاطئ فتوسيع الشراكة المحلية لايقل أهمية فهناك الكثير من رجال الاعمال وفاعلي الخير وحتى الجانب الحكومي لديهم الاستعداد للتعاون مع أي نشاط خيري يخدم المجتمع ويحقق الفائدة لشريحة كبيرة من افراده.
ولهذا تحرص مؤسسة حيدرة على ان تظل يدها ممتدة لشركاء الإنسانية من منظمات محلية ودولية وفاعلي الخير لتكثيف العمل الإنساني وتخفيف معاناة اليمنيين والتشارك في صناعة الأمل وإعادة البسمة التي إزاحتها الحروب عن وجوه الملايين.
وأشير هنا إلى أن المؤسسة عملت ضمن برنامجها للعام الفين وثمانية عشر على توسيع شراكتها مع الجهات الرسمية المعنية وفاعلي الخير لتكثيف أنشطتها الإنسانية لتشمل اكبر عدد من الفقراء وضحايا الصراعات.
< ما دور المجتمع المدني في التخفيف من معاناة المواطنين وخاصة الجمعيات والمؤسيات الخيرية وغيرها الممثلة للنخب..ما تقييمك لواقع ادائها اليوم؟
- لم يعد الوضع الانساني في اليمن خافيا على أحد ولهذا فإن كل ما تقوم به المنظمات لا يلبي احتياجات ملايين اليمنيين الذين ساءت أوضاعهم المعيشية جراء الحرب التي يشهدها اليمن منذ سنوات وما ترتب عليها من انقطاع للمرتبات وتوقف الخدمات الضرورية للمواطنين..ولهذا فان المشاريع والانشطة التي تنفذها المنظمات تظل محدودة وفي نطاق ضيق ولكنها في ذات الوقت تخفف المعاناة عن الشريحة الأشد تضررا ولو في نطاق محدود.
< لكن بعض تلك المنظمات بقيت تحت التأثير والتعصب الحزبي؟
- العمل الانساني والخيري والتنموي كذلك يجب أن يظل بعيدا عن السياسة والممارسات الحزبية ومايتصل بها من مصالح ومماحكات لان السياسة اذا دخلت في أي شيء أفسدته وواقع الحال مليئ بالتجارب ,وما نعيشه ونشاهده اليوم من أزمات ومآسٍ ما هي إلا نتيجة للصراعات السياسية..لهذا يجب أن يكون العمل المدني والانساني محايدا ولايرتبط بأي شكل مع السياسة..أما إذا كان العمل الانساني يهدف إلى تلميع جهة سياسية فإنه لن يؤدي الغرض الذي وجد من اجله كونه سيستهدف شريحة معينة من الموالين للحزب أو الطائفة التي تنتمي اليها المنظمة المنفذة وحينئذ لن يستفيد عامة الناس من هذا النشاط الانساني.
< هناك حاجة ماسة إلى استراتيجية تنظم عمل المجتمع المدني وتساهم في التخفيف من معاناة المواطنين خلال هذه المرحلة؟
- التخطيط السليم لأي نشاط مدني أو مشروع خيري سبيل أمثل لتحقيق الفائدة والاهداف التي وجد من أجلها.. مهما كان حجم تلك الانشطة ومهما بلغت التمويلات المخصصة لها.
أما فيما يتعلق بالاستراتيجيات المنظمة للعمل المدني والمجتمعي فهذا من صميم عمل الدولة فهي المعنية بإعداد استراتيجية وطنية شاملة وناظمة لأي تحرك أو نشاط إنساني وتعمل على تقييم أي اعوجاج او انحراف في عمل المنظمات التي زاد عددها في اليمن وايقاف أي انشطة او مشاريع مشبوهة لاتخدم المجتمع.
كما لايفوتنا هنا ان نتحدث عن هيئة تنسيق الشؤون الانسانية التي شكلتها الحكومة مؤخرا وهذه الهيئة أعتقد انها ستلعب دورا ايجابيا في الاشراف على عمل المنظمات ولكن نتمنى ان لايقتصر دورها على توجيه التمويلات، بل يجب ان تشرف الهيئة على حجم الفائدة المحققة للمجتمع من وراء ما تزاوله المنظمات المحلية والدولية من أنشطة ومسميات مختلفة والتأكد من مدى وصولها للفئات المجتمعية المستحقة.
< ما تقييمك لدور المنظمات الخارجية في تلبية الاحتياجات الإنسانية المتفاقمة للشعب اليمني؟
- للأسف أرى أن المجتمع الدولي بمنظماته المختلفة لم يقم بالدور المطلوب منه تجاه تدهور الوضع الانساني في اليمن , بالرغم من بيانات التحذير الصادرة عن الامم المتحدة والمنظمات التابعة لها في هذا الاطار إلا ان الشعب اليمني لم يلمس الدعم الكافي لمواجهة المخاطر والتحديات القائمة والتي تتحدث عنها تلك التقارير الدولية و من أبرزها المجاعة والفقر ونقص الخدمات الصحية وتزايد اعداد النازحين الى غير ذلك..إلا اننا لم نسمع حتى اليوم بأي تحرك دولي جاد لتلبية الاحتياجات الانسانية للشعب اليمني بعد ان بات 80٪ من المواطنين بحاجة ماسة إلى المساعدات الغذائية.
< ما أبرز التحديات التي تواجه العمل الانساني وتحد من أدوار المجتمع المدني؟
- للأسف هناك قصور واضح في ادراك حجم المسؤولية الاجتماعية لدى رجال المال والقطاع التجاري في اليمن تجاه مجتمعهم قياسا بالبلدان الأخرى والتي يتكفل رجال الأعمال وكبار رؤوس الأموال بنسبة كبيرة من التمويلات المخصصة للعمل الانساني والخيري وهذا ما نفتقده في اليمن.. ولا ننكر ان هناك مؤسسات وبيوتاً تجارية لها إسهامات وبصمات ايجابية في دعم أنشطة المنظمات الانسانية ولكن يبقى القصور واضحاً ويظل الأمل معقوداً على أن يساهم القطاع التجاري بدوره الحقيقي في تخفيف معاناة الفقراء والنازحين الذين زادت أعدادهم بشكل كبير في الآونة الأخيرة.
|