حوار/نجيب شجاع الدين - قال الأستاذ خالد جيوب الردفاني -أمين عام حزب جبهة التحرير- إن الذكرى الـ51 لنيل الاستقلال المجيد تفرض على الشعب اليمني السير على نهج آبائه واجداده في مقارعة الظلم والغزاة الجدد..
وأشار عضو المجلس الأعلى لأحزاب التحالف الوطني الى أنه لا مناص من اللجوء للحوار، مشدداً على ضرورة أن يكون الحل العادل والشامل لليمن ملبياً لارادة وتطلعات الشعب وليس تنفيذاً لأجندة ومصالح أطراف اقليمية ودولية.
وأكد خالد الردفاني أن الحرب مهما طالت فإنها لن تضع اليمن واليمنيين في مربع الهزيمة..
< كيف تقرأ المشهد السياسي الراهن؟
- لايختلف اثنان على ان المشهد السياسي اليمني يبدو ضبابيا وغائما رغم المبادرات والاطروحات والافكار التي تبدو في ظاهرها انها تسعى للملمة الشتات والبدء في خطوات جادة نحو الانفراج وحل الازمة اليمنية وإنهاء الحرب وايقاف العدوان الظالم على بلادنا الذي طال امده لمايقارب اربعة اعوام حتى الآن.
صحيح ان هناك مؤشرات ومساعي لحل الازمة او القضية اليمنية ولكن يؤسفني القول ان جميع الاطراف الاقليمية والدولية تنظر لهذا الحل من زاويتها وثقب مصالحها بغض النظر عما اذا كان يلبي تطلعات الشعب اليمني ويحقق السلام العادل والشامل في البلاد..
ناهيك عن ان هناك مشكلة كبيرة تواجه مساعي الحلول السلمية وتعمل على تقويض فرص السلام وهي ان كثيراً من الاطراف والمكونات والاحزاب اليمنية اصبحت بِطريقة مباشرة او غير مباشرة متأثرة او تتلقي تعليمات او ايحاءات او إملاءات من اطراف خارجية اقليمية او دولية وهذه هي المشكلة الحقيقية التي نعاني منها في الداخل اليمني، وبالتالي فإن المشهد مهما بدا واضحا او مشجعا فلا يزال من وجهة نظري ضبابيا..
< ماذا عن تصريحات وتحركات الدول الكبرى الاخيرة بشأن ملف اليمن ألا تعد مبادرات قوية تؤكد أن الحل بات وشيكاً؟
- دعني اقول لك بأني لا اريد ان اكون متشائما ولكني في الوقت ذاته لا اريد ان اكون كمن يدس رأسه في الرمل او ان اتعمد رسم صورة مغايرة للواقع، فعندما أقرأ المشهد السياسي والعسكري والارهاصات المحيطة به لابد ان اكون امينا معكم ومع نفسي ولذا اقول وبكل صراحة ان حل القضية اليمنية اصبح خارج نطاق قدرات ورغبات وقناعات الاطراف اليمنية فهناك اطراف اقليمية ودولية تلعب في الملف اليمني وتتخذ القرارات التي تريد وفقا لمصالحها.
هذه حقيقة يجب ان لا نتغافل عنها، ومتى ما ارادت هذه الاطراف طي ملف الازمة اليمنية ووقف الحرب والعدوان سيكون هناك انفراج معين ولو بحدوده الدنيا، فلكل طرف من اطراف اللعبة- او كما يسمونها الاطراف الراعية والمشرفة على حل الازمة اليمنية- اجندة معينة ومصلحة محددة او ربما مصالح تريد انجازها في اليمن من خلال هذا العدوان.. فأمريكا لولا جرائم بني سعود في اليمن والخروقات المتكررة والمستمرة للقانون الدولي الانساني والغطاء السياسي الذي توفره للسعودية ودول العدوان هل كان محمد بن سلمان سيدفع كل تلك المليارات للرئيس الامريكي ترامب بجرة قلم خلال زيارته تلك..
ولو لم تستمر الحرب كل هذه السنين هل كانت مصانع السلاح ستنتج وستبيع كل تلك الاسلحة للسعودية والامارات اللتين باتتا تتصدران المرتبة سنويا في حجم شراء وصفقات الاسلحة عالميا لتقصف بها اليمن بمعدل 30 غارة في اليوم.
هذا الامر لا يقتصر على امريكا بل لقد سحب نفسه على معظم الدول الاوروبية المصنعة بما فيها تلك التي تتظاهر بتهديد السعودية تارة وتتستر عليها تارات اخرى بغرض الابتزاز..
انظر الى الضغوطات البريطانية الاخيرة التي كانت تتظاهر برغبتها في ايقاف المعارك في الساحل الغربي وفي محافظة الحديدة بحجة الحفاظ على ارواح المدنيين هناك، فكانت النتيجة ان اصدرت دولة الامارات مرسوما رئاسيا بالعفو عن الجاسوس البريطاني المحكوم عليه اماراتيا منذ مدة ليست بالقصيرة ناهيكم عن المصالح البريطانية في الجزر والاراضي اليمنية وان كانت تأتي بصورة غير مباشرة عن طريق وسيط عربي كالامارات..
ولعلنا نتذكر ايضا مبادرة كيري ذات النقاط الاربع التي تم التوقيع عليها في سلطنة عمان قبل سنتين من الآن تقريبا مع مندوب مكون انصار الله محمد عبدالسلام والتي تبخرت بمجرد الافراج عن الامريكيين اللذين تم اعتقالهما في اليمن من قبل الجيش واللجان الشعبية.
وهناك ايضا دول عربية لها مطامع في اليمن سواء في الجزر او الموانئ او في الاراضي او في الهيمنة البحرية والوصل الى الشواطئ اليمنية (السعودية والامارات انموذجا).. فهذه الرغبات الخبيثة يجب ان نتنبه لها قبل فوات الأوان.
< ولكن ضغوط امريكا ودول اوروبية اثمرت في بدء الاطراف اليمنية خوض جولة مشاورات خلال شهر ديسمبر في السويد؟
- يجب ألا ننسى ان مارتن غريفيث عبارة عن موظف في الامم المتحدة ويسير وفقا للهامش الذي تتركه له الدول الكبرى المهيمنة في الامم المتحدة وايضا الدول التي تملك المال، وبواسطة (المال) تستطيع تمرير ماتريد بطريقه مباشرة او غير مباشرة.
ومع ذلك اعتقد ان مندوب الامم المتحدة الحالي لن يكون اسوأ ممن سبقوه، سواء جمال بنعمر سيئ الصيت او اسماعيل ولد الشيخ.
ومع ذلك لازلنا نتعشم خيرا ونعلق الآمال على جهود المبعوث الاممي الجديد الذي زار اليمن قبل ايام.. واظنه سمع أنات ومعاناة الشعب اليمني الذي يذوق الأمرَّين جراء العدوان.
< هل هذا يعني انك تؤيد فرص الحل السلمي سواء عبر موظفي الامم المتحدة او غيرها؟
- بكل تاكيد.. فلا مناص من اللجوء الى الحوار وكما تعلمنا ودرسنا وعاصرنا ايضا ان السلام دائما يأتي عقب الحروب وان اي حرب مهما طالت لابد ان تنتهي بحوار..
فالحرب على بلادنا مهما طالت لن تضعنا في مربع المنهزم.. كما حدث مع تركيا والمانيا لاننا نحن اليمنيين ندافع عن اراضينا وسيادتنا وعرضنا وعن بقائنا كشعب معتدَى عليه وكتاريخ ودولة ذات سيادة.. وقداثبتت الاحداث والمعارك على الارض اننا نحن المنتصرون اذا ما قارنا مقوماتنا العسكرية المتواضعة وحجم الترسانة العسكرية التي تمتلكها الدول المعادية التي تزيد عن العشرين وغطاء اممي زائف.
< ما قراءتك لسيناريو الحرب في حال فشل الجهود السابقة؟
- اكرر قولي اننا سنسير في كل الاتجاهات، فنحن مع الحوار العادل والشامل الذي سيفضي الى وقف العدوان والبدء بإعادة الاعمار.. وتعويض اليمن عما لحقها من خسائر فادحة في كل مناحي الحياة وايضا التعويض العادل عما لحقنا في الجانب الانساني والنفسي والمعنوي والتاريخي والآثار والبيئة التي تعرضت للتجريف والتدمير.
ونحن ايضا متواجدون على الارض، واقفون للعدو بالمرصاد وفي كل الجبهات.. وبالمقابل فنحن نمد ايادينا للسلام والحوار مهما كانت الطريق متعرجة او وعرة.
< برأيك كيف ترد على من يحاول التشكيك في وحدة وتماسك المؤتمر الشعبي العام واحزاب التحالف الوطني الديمقراطي؟
- لاشك ان تحالف المؤتمر الشعبي العام مع احزاب التحالف الوطني الديمقراطي قد تم وفقا لبرنامج عمل منضبط ووفقا لاستراتيجية واضحة وبالتالي فهو تحالف استراتيجي وليس مرحلياً او تكتيكياً لحظياً او آنياً كما يعتقد البعض ومن هنا يمكن القول والتأكيد اننا نسير وفقا لبرنامج واضح لايمكن الخروج عنه بتلك البساطة التي قد يتخيلها هذا الطرف او ذاك.
ولكني في الوقت ذاته اقول اذا كان المؤتمر الشعبي العام وهو من هو بقواعده وكوادره وقياداته المجربة المليونية المتغلغلة في كل شبر من ارضنا الحبيبة من المهرة الى الحديدة ومن صعدة الى عدن يحاول البعض النيل منه ليس من الآن ولكن منذ بداية ازمة 2011م وما تلاها من مؤامرات ومحاولات فاشلة لاستصدار قرارات العزل السياسي اوالتهميش والتفكيك او الازاحة لرئيس المؤتمر الزعيم علي عبدالله صالح من موقعه الاول كرئيس للمؤتمر الشعبي العام وهي خطوات فشلت فشلا ذريعا على الارض وهي المحاولات التي لم تتوقف حتى الآن في ظل قيادة الشيخ صادق بن أمين ابو راس من خلال محاولة البعض التشكيك وزرع عدم الثقة بين قيادات المؤتمر الشعبي العام والاساءة لقياداته التاريخية اومحاولة شق الصف وزعزعة كيان المؤتمر إلا أن الشيخ صادق بن أمين ابو راس اثبت حنكته وجدارته في التعامل مع مثل هكـذا مؤامرات بائسة، وقد برهنت جهوده أن المؤتمر أكثر قوة وصلابة وأنه الحزب الاوفر حظا والاقدر على الحفاظ على الثوابت الوطنية في الوحدة والثورة والجمهورية وذلك للتنشئة الوطنية الخالصة التي تربت عليها قياداته وكوادره وسارت على منهجها خلال عقود من العطاء الخلاق، وبالتالي اذا كان حزب بهذه القوة والمكانة التاريخية كالمؤتمر يتعرض لمحاولات بائسة للنيل منه فما بالكم بأحزاب التحالف الوطني التي نشاهد بين الفترة والاخرى محاولات يائسة مماثلة تريد النيل من هذا التحالف مع المؤتمر، ورغم ذلك لابد من القول ان الواقع الذي تمر به البلاد اقتصاديا وسياسيا يتطلب منا ان نأخذ بعين الاعتبار ان المحاولات تلك اذا لم نحتط لها كما بنبغي فقد تجد طريقها للاساءة للتحالف لاسمح الله أو لزرع بذور عدم الثقة او التشكيك في مصداقية هذا الحزب او ذاك في اطار التحالف ومن هنا اجدها فرصة لاحذر اخوتي في المؤتمر الشعبي العام وايضا رؤساء وامناء عموم الاحزاب المنضوية في اطار التحالف الديمقراطي مع المؤتمر ان يأخذوا حذرهم من المتآمرين على وحدة الصف وان يعززوا من عملية التواصل والاتصال بشكل دوري ووضع كل المستجدات السياسية على طاولة النقاش الداخلي في اطار التحالف وفقا لبرنامج عمل التحالف مع المؤتمر، وان لايتخذ اي مكون او حزب موقفا منفردا خاصة اذا كان الامر يهم احزاب التحالف مجتمعة وخاصة في اطار القرارات والمواقف ذات البعد الوطني التي لابد من الرجوع في اتخاذها للخلفيات القانونية واللوائح المنظمة لعمل التحالف، كما ان على قيادة الموتمر الشعبي العام خلال هذه المرحلة ان تكثف من اللقاءات مع قياداتها في الاطار الداخلي للمؤتمر او مع حليفها الاستراتيجي (احزاب التحالف الوطني الديمقراطي) وذلك لتدارس اي مستجدات على مستوى الوطن وليس على مستوى التحالف فحسب فقد تأتيك طعنة غادرة من حيث تأمن وتصيبك بمقتل لاسمح الله، وبالتالي فأي ضرر يصيب المؤتمر او احزاب التحالف الوطني هي طعنة في جسد الوطن الذي يتطلب منا جميعا ان نكون يدا واحدة متماسكين في خندق الدفاع عنه ضد العدوان ومرتزقته واعوانه..
< برأيك ما أهم اولويات احزاب التحالف الوطني في هذه المرحلة؟
- اعتقد ان اهم اولويات احزاب التحالف الوطني الديمقراطي هي الحفاظ على تماسكها ووحدتها وذلك لبقاء التحالف ككيان قوي يستطيع القيام برسالته السياسية الوطنية في تعزيز وترسيخ النهج الديمقراطي في الساحة الوطنية كما يتوجب على التحالف العمل الجاد لتعزيز تحالفه مع المؤتمر وإخراس كل من يشكك او يحاول التشكيك للنيل من وحدة التحالف في اطاره الداخلي او مع حليفه التاريخي الاستراتيجي المؤتمر الشعبي العام.
< تحتفل بلادنا بالذكرى الـ51 لعيد الاستقلال الوطني المجيد.. ما الذي تود قوله في هذه المناسبة العزيزة على قلوب كل اليمنيين؟
- ذكرى الاستقلال ذكرى عطرة وغالية وتاريخية عند ابناء الشعب اليمني بكل شرائحه، ففي هذا اليوم المجيد نال شعبنا استقلاله الناجز بعد الانتصار على بريطانيا تلك الامبراطورية التي كانت لاتغيب عنها الشمس.. ولاشك ان طريق الاستقلال لم يكن.. ممهدا ومفروشا بالورود بل كان نتاج كفاح مسلح ومعارك ضارية خاض غمارها كل ابناء الشعب اليمني من مختلف مناطقه ومحافظاته على امتداد الارض اليمنية من المهرة الى الحديدة ومن صعدة الى عدن.. معارك وحدت الارادة اليمنية والكفاح الوطني في مقارعة الاحتلال الغاصب بكل بشاعته وعجرفته وقسوته ورغبته في البقاء جاثما على تراب اليمن الطاهر. وكم اتمنى في هذه المناسبة الغالية لهذا العام ان يتذكر اليمنيون تلك التضحيات الجسام التي قدمها آباؤهم واجدادهم في سبيل الخلاص من الاستعمار والانعتاق من الاحتلال والظلم، وان يجعلوا نصب اعينهم تلك التضحيات وان يسيروا على نهجهم في مقارعة الظلم والغزاة الجدد الذين اطلوا برؤوسهم من جديد ونراهم اليوم يدنسون تراب اليمن الطاهر بجنازير دباباتهم ومجنزراتهم ومرتزقتهم الذين جاء بهم بعضٌ ممن حسبوا على اليمن وجاءوا بالاحتلال الجديد منذ أربعة اعوام بذرائع زائفة ما انزل الله بها من سلطان.
انها غصة في القلب تدمي الفؤاد عندما اشاهد البعض يرحب بالاستعمار الجديد بمسميات وذرائع باطلة يخجل الانسان الحر ان يرددها او ان يقبل بها، بل ان وجود المحتل الجديد يحتم علينا جميعا إعداد العدة لخوض المعارك والاسهام في طرد المحتل ليس من عدن او مارب او حضرموت والمهرة فحسب بل من كل جبهات العزة والشرف من الحديدة والمخا ومن كل شبر من ترابنا الطاهر ومن كل السواحل والجزر اليمنية التي تعاني حاليا من نير الاحتلال مهما حاول العض اضفاء مسميات او مبررات على هذا الاحتلال..
|