الميثاق نت -

الأحد, 09-ديسمبر-2018
د‮.‬عادل‮ ‬غنيمة -
بدأت مشاورات الاطراف اليمنية المحلية في السويد يوم الخميس الماضي بتاريخ 6ديسمبر /2018م والمقرر ان تنتهي الخميس القادم 13ديسمبر /2018م ومن الممكن ان تمتد الى يوم السبت15/ديسمبر/2018م حال الحاجة الى ذلك بعد ان نجح المبعوث الدولي مارتن غريفيث في جمع وفد صنعاء مع وفد الرياض الى قصر جوهانسبرج مكان انعقاد مشاورات السويد وقد حدد المبعوث الدولي خمس نقاط للتباحث حولها ذات بعد انساني واقتصادي كإجراءات لبناء الثقة بعد ان توقفت عملية الحوار والنفاوض لمدة عامين كاملين بين طرفي الازمة اليمنية ورغم تفاؤل البعض من المتابعين السياسيين لنجاح المشاورات في السويد باعتبار ان المؤشرات السياسية الدالة على رغبة المجتمع الدولي بإنهاء الحرب كثيرة والتي ظهرت على المشهد السياسي للملف اليمني عديدة وكان اولها دعوة وزير الدفاع الامريكي ماتيس لانهاء حرب اليمن خلال شهر واحد والذي اعتبره البعض كمهلة للتحالف لاستكمال مخططاتهم لاحتلال الساحل الغربي وانعقاد المشاورات خلال شهر ونيف بعد فشل التحالف في اسقاط الحديدة دليل على جدية امريكا والمجتمع الدولي في انهاء حرب اليمن ومن اهم مؤشرات جدية المجتمع الدولي بالضغط على دول التحالف لوقف حرب اليمن مايلي‮:‬
1-الانتقادات الحادة والمتصاعدة في الداخل الامريكي لاستمرار ادارة ترامب في التغطية على عمليات التحالف في اليمن والمشاركة فيها، وكان مقترح عضو مجلس الشيوخ الامريكي ساندرز قد تقدم بمشروع قرار لوقف دعم الادارة الامريكية لدول التحالف وقد تم التصويت لصالح احالة المشروع الى لجنة الشئون الخارجية لمناقشته بـ63 صوتاً من اصل 100 في مجلس الشيوخ وكذلك هدد رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الديمقراطي بإصدار قانون ملزم للادارة الامريكية بوقف دعم إدارة ترامب للتحالف ومنع بيع السلاح للسعودية والامارات واذا ماتم اصدار‮ ‬القانون‮ ‬وصدور‮ ‬قرار‮ ‬مجلس‮ ‬الشيوخ‮ ‬فان‮ ‬وقف‮ ‬حرب‮ ‬اليمن‮ ‬بات‮ ‬مؤكداً‮ ‬ولولا‮ ‬الدعم‮ ‬الامريكي‮ ‬لما‮ ‬استطاعت‮ ‬السعودية‮ ‬ان‮ ‬تصمد‮ ‬أسبوعاً‮ ‬واحداً‮ ‬بحسب‮ ‬تصريحات‮ ‬الرئيس‮ ‬الامريكي‮ ‬ترامب‮.‬
‮ ‬2‮- ‬التأييد‮ ‬الامريكي‮ ‬والبريطاني‮ ‬لمبادرة‮ ‬المبعوث‮ ‬الدولي‮ ‬مارتن‮ ‬غريفيث‮ ‬ويتضح‮ ‬ذلك‮ ‬من‮ ‬خلال‮ ‬التالي‮:‬
أ‮- ‬الضغوط‮ ‬التي‮ ‬تمارسها‮ ‬على‮ ‬السعودية‮ ‬والامارات‮ ‬لوقف‮ ‬معركة‮ ‬غزو‮ ‬الحديدة‮ ‬واحتلال‮ ‬مينائها‮.‬
ب-مشروع القرار البريطاني المقدم الى مجلس الامن المتضمن المطالبة بوقف المعارك في الحديدة ورفع الحصار وفتح المنافذ البحرية والجوية والبرية لادخال المساعدات الانسانية وتحييد الاقتصاد والبنك المركزي وصرف مرتبات الموظفين في مناطق حكومة الانقاذ بصنعاء.
ج-نتائج اجتماع دول الرباعية الذي يضم واشنطن ولندن والرياض وابوظبي والذي اكد على دعم الاقتصاد اليمني ودعم الريال من خلال البدء في تمويل البنك المركزي اليمني للتجارة الخارجية بمنحة 500مليون دولار وتقديم السعودية منحة نفطية بـ60 مليون دولار كمشتقات نفطية لتغطية‮ ‬احتياجات‮ ‬حكومة‮ ‬الشرعية‮ ‬لمدة‮ ‬5شهور‮ ‬فقط‮ ‬وهو‮ ‬ما‮ ‬نعكس‮ ‬ايجاباً‮ ‬على‮ ‬تحسين‮ ‬سعر‮ ‬الريال‮ ‬اليمني‮ ‬وارتفع‮ ‬قيمته‮ ‬امام‮ ‬الدولار‮ ‬الى‮ ‬مابين‮ ‬500ريالاً‮ ‬و520ريالاً‮.‬
د-تصريحات رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي الاخيرة والتي قالت فيها بأنها ابلغت ولي العهد السعودي في لقائها به على هامش قمة دول العشرين الاقتصادي بضرورة انهاء الصراع في اليمن وايصال المساعدات ودعم جهود المبعوث الدولي لاحراز تقدم في محادثات السويد..
هـ-توقف عمليات التحالف لغزو الحديدة واجلاء 50جريحاً من مقاتلي الجيش واللجان الشعبية مع 50مرافقاً الى سلطنة عمان لغرض العلاج وسفر الوفد اليمني من صنعاء مباشرة الى السويد بطائرة كويتية دليل على رضوخ الرياض وابو ظبي للضغوط البريطانية والامريكية.
3-التصريحات الاممية المتكررة بالتنبؤ بحدوث اكبر كارثة مجاعة انسانية في العالم في اليمن بعد رصد دولى لتنامي حالة الجوع في مختلف مناطق اليمن نتيجة الحصار الاقتصادي المفروض من التحالف وانقطاع المرتبات مما يهدد 14مليون نسمة بالمجاعة وهو ما نعكس ايجاباً في الدعم‮ ‬الدولي‮ ‬لوقف‮ ‬الحرب‮ ‬في‮ ‬اليمن‮ ‬والمطالبة‮ ‬بسرعة‮ ‬تقديم‮ ‬الدعم‮ ‬الانساني‮ ‬ويتضح‮ ‬ذلك‮ ‬من‮ ‬خلال‮ ‬التصريحات‮ ‬الالمانية‮ ‬والايرانية‮ ‬الداعمة‮ ‬لمشاورات‮ ‬السويد‮ ‬ومناقشات‮ ‬اعضاء‮ ‬مجلس‮ ‬الامن‮ ‬الدولي‮.‬
4-التنازلات المؤلمة التي وافق عليها المجلس السياسي وحكومة صنعاء بالاشراف الدولي على ميناء الحديدة واطلاق جميع الاسرى من جميع سجون اطراف الصراع والاشراف الاممي على ايرادات ميناء الحديدة وتحييد البنك المركزي والاقتصاد مقابل صرف مرتبات العاملين في مناطق حكومة‮ ‬صنعاء‮ ‬ووقف‮ ‬معارك‮ ‬الساحل‮ ‬الغربي‮ ‬وغزو‮ ‬الحديدة‮.‬
واذا كانت هذه مؤشرات دالة على امكانية نجاح مشاورات استوكهولم في السويد فإن البعض من المتابعين السياسيين متشائمون منها ولديهم اعتقاد بأن القرار الامريكي والسعودي بانهاء الحرب في اليمن لم ينضج بعد، وان الموافقة على انعقاد المشاورات في السويد ما هو إلا لامتصاص الغضب الدولي من استمرار معاناة الشعب اليمني لاربع سنوات من القصف العشوائي للمدنيين وجرائم الحرب.. وتقارير المنظمات الدولية الحقوقية وتقرير لجنة خبراء حقوق الانسان الدولية التي اكدت وقوع جرائم في اليمن ترقى الى جرائم حرب ويتحمل التحالف 80٪ من ارتكاب هذه الجرائم‮ ‬وطالبت‮ ‬باجراء‮ ‬تحقيق‮ ‬دولي‮ ‬مع‮ ‬قيادات‮ ‬بلدان‮ ‬التحالف
‮ ‬ولذلك‮ ‬يعتقد‮ ‬البعض‮ ‬من‮ ‬المتابعين‮ ‬السياسيين‮ ‬لمشاورات‮ ‬السويد‮ ‬أن‮ ‬عدداً‮ ‬من‮ ‬مؤشرات‮ ‬فشل‮ ‬المشاورات‮ ‬تتمثل‮ ‬في‮ ‬التالي‮:‬
-افتقاد وفد الرياض لحق القرار السيادي وان الوفد عبارة عن شكل وديكور للوفد الحقيقي المتمثل في سفراء دول الرباعية وان التوقيع على قرار تبادل كامل الاسرى لم يتم الا بعد تفاوض مع دول التحالف واخذ الاذن منهم بالتوقيع وان مهمة وفد الرياض تتمثل في اطلاق التصريحات المعرقلة لاجراءات بناء الثقة ومنها تصريح رئيس وفد الرياض اليماني برفض فتح مطار صنعاء امام الرحلات الدولية والسماح بفتحه امام الرحلات الداخلية وايضاً تصريحاته بشأن رفض الاشراف الاممي على ميناء الحديدة والتمسك بحق الحكومة السيادي بالاشراف على ادارة ميناء الحديدة‮.‬
‮ ‬ولم‮ ‬يتطرق‮ ‬وفد‮ ‬الرياض‮ ‬لحق‮ ‬حكومة‮ ‬الاحتلال‮ ‬المسماة‮ ‬بالشرعية‮ ‬بادارة‮ ‬موانئ‮ ‬عدن‮ ‬والمخا‮ ‬والمكلا‮ ‬وبلحاف‮ ‬بدلاً‮ ‬عن‮ ‬دولتي‮ ‬الاحتلال‮ ‬للجنوب‮ ‬الامارات‮ ‬والسعودية‮.‬
- تذبذب الموقف الامريكي من التسوية السياسية في اليمن يتضح من خلال تناقض تصريحات وزراء الدفاع ماتيس والخارجية بوميبو التي طالبوا فيها بسرعة انهاء حرب اليمن تفادياً للتحذيرات الدولية بوقوع اكبر كارثة مجاعة انسانية في العالم من صُنْع الانسان نتيجة حصار التحالف وقطع المرتبات والتي اكد مكتب الامم المتحدة للشئون الانسانية خطورة المجاعة لحوالي 14مليون نسمة وكذلك بعد فضيحة اغتيال الصحفي السعودي خاشفجي وبشاعة الجريمة والتي اثارت المجتمع الدولي للمطالبة بوقف حرب اليمن بعد التقارير العديدة التي تؤكد وقوع جرائم حرب في اليمن‮ ‬من‮ ‬قبل‮ ‬نظام‮ ‬بن‮ ‬سلمان‮ ‬والحماية‮ ‬الامريكية‮ ‬للنظام‮ ‬السعودي‮ ‬من‮ ‬التحقيق‮ ‬والمحاكمة‮ ‬الدولية‮..‬
ومن المؤشرات الدالة على عدم رغبة التحالف في التسوية السياسية لحرب اليمن، التصعيد العسكري لدول التحالف في جبهات صعدة ونهم واستمرار التحشيد العسكري في الحديدة وعشرات الغارات المتواصلة على الحديدة وصعدة والتي اسفرت عن جرائم حرب بحق المدنيين آخرها في حي الربصة‮ ‬بالحديدة‮ ‬كما‮ ‬اعلنها‮ ‬المتحدث‮ ‬العسكري‮ ‬باسم‮ ‬الجيش‮ ‬واللجان‮ ‬الشعبية‮ ‬يحيى‮ ‬سريع‮.‬
ويرى البعض ان عدم وجود اطار عام للتفاوض على الحل السياسي في السويد لن يؤدي الى تحريك الملف اليمني باتجاه الحل السياسي حيث تقتصر المشاورات على نقاط خمس ذات بعد انساني واقتصادي وترك مجال تحديد اطار للمفاوضات على الحل السياسي لناتسفر عنه المشاورات.
-وكان مشروع القرار البريطاني المطروح لاعضاء مجلس الامن قد تعثر بعد طلب امريكي بتأجيله حتى انعقاد مشاورات السويد ويعتقد البعض ان المجتمع الدولي المتمثل في اعضاء مجلس الامن الممثلين لمختلف التجمعات الاقليمية الدولية والدول الكبرى قد عجز عن الاتفاق على وقف حرب اليمن في حين ترى بريطانيا ان اصدار القرار بناء على مخرجات مشاورات السويد اذا ماتم الاتفاق على النقاط الخمس واطار عام للتفاوض على الحل السياسي سوف يكون داعماً للحل السياسي وانهاء حرب اليمن.
وفي اعتقادي الشخصي ان المناخ الدولي المؤيد لانهاء حرب اليمن خوفاً من المجاعة المحتملة وجرائم الحرب المتواصلة لاسيما بعد فضيحة اغتيال خاشقجي وبشاعة الجريمة فإن الاستمرار بالنظر للازمة اليمنية من خلال البعد المحلي واهمال البعد الاقليمي والدولي الذي يؤجج حدة الصراع في اليمن من خلال التدخلات السافرة في الشئون الداخلية اليمنية والاطماع الاستعمارية لدول التحالف بنهب موارد اليمن والسيطرة على موقعه الاستراتيجي وموانئه العديدة على البحر العربي وخليج عدن والبحر الاحمر يؤدي الى تنامي مؤشر استمرار الحرب وتعقيد التسوية السياسية‮.‬
‮ ‬وأرى‮ ‬أن‮ ‬نجاح‮ ‬المشاورات‮ ‬في‮ ‬استوكهولم‮ ‬في‮ ‬السويد‮ ‬تحتاج‮ ‬الى‮ ‬؛
اعلان‮ ‬دول‮ ‬التحالف‮ ‬وقف‮ ‬اطلاق‮ ‬النار‮ ‬فورا‮"‬مع‮ ‬وقف‮ ‬مماثل‮ ‬للقصف‮ ‬الجوي‮ ‬من‮ ‬التحالف‮ ‬ووقف‮ ‬اطلاق‮ ‬الصواريخ‮ ‬الباليستية‮ ‬من‮ ‬قوات‮ ‬صنعاء،‮ ‬والتوقيع‮ ‬على‮ ‬هدنة‮ ‬شاملة‮ ‬لستة‮ ‬شهور‮ ‬قابلة‮ ‬للتمديد‮.‬
وقف الدعم الامريكي والغربي لصادرات السلاح الى السعودي والامارات مع وقف الدعم اللوجيستي والاستخباري للتحالف اذا ما أورادوا اثبات حسن النية بترجمة خطاباتهم المطالبة بانهاء الصراع في اليمن من الاقوال الى الافعال.
ان يشمل الاطار العام للتفاوض السياسي للملف اليمني وانهاء الحرب في اليمن تفاوضاً مباشر مع دول التحالف اولاً ويكون التفاوض المباشر مع وفد مايسمى الحكومة الشرعية بعد انهاء الخلافات بين وفد صنعاء ودول التحالف لاسيما قضية انسحاب دول التحالف من الاراضي اليمنية في‮ ‬الجنوب‮ ‬والشمال‮ ‬واهمها‮ ‬جزر‮ ‬سقطرى‮ ‬وميون‮ ‬وباب‮ ‬المندب‮ ‬وموانئ‮ ‬اليمن‮.. ‬وموضوع‮ ‬تسوية‮ ‬حالة‮ ‬الصراع‮ ‬بين‮ ‬الاطراف‮ ‬اليمنية‮ ‬ممكنة‮ ‬اذا‮ ‬ما‮ ‬انسحبت‮ ‬دول‮ ‬التحالف‮ ‬من‮ ‬التدخل‮ ‬المباشر‮ ‬في‮ ‬الشئون‮ ‬اليمنية‮..‬
ان يكون للدول الاقليمية المجاورة حضوراً لافتاً وداعماً للمفاوضات اليمنية بين طرفي الصراع اوبين وفد صنعاء ودول التحالف المتسببة في استمرار حدة الصراع مثل ايران وسلطنة عمان واثيوبيا كدول شاهدة وضامنة للحلول السياسية لتسوية الملف اليمني وانهاء الصراع ووقف الحرب‮.‬
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 02:43 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-54854.htm