الميثاق نت -

الأحد, 09-ديسمبر-2018
طه‮ ‬العامري -
وحده‮ ‬الشعب‮ ‬اليمني‮ ‬يعرف‮ ‬ما‮ ‬كان‮ ‬وما‮ ‬هو‮ ‬كائن‮ ‬وما‮ ‬سوف‮ ‬يكون‮.!!‬
وحده الشعب اليمني يفهم بالسياسة والثقافة والاقتصاد ويعرف كل أسرار الكون وازماته من خلفيات ودوافع احتلال فلسطين إلى قصص وروايات أجاثا كريستي وارسين لوبين ويحفظ روايات وليم شكسبير وماركيز ويعرف كانط وداروين وحكايات الباستيل وماريا انطوانيت وسلالة قياصرة روسيا‮..‬
يستوعب‮ ‬تاريخ‮ ‬سكان‮ ‬أمريكا‮ ‬الأصليين‮ ‬ويحفظ‮ ‬حضارة‮ ‬الاسكا‮ ‬والانكا‮..‬
في كل مقيل تجد المحللين السياسيين والوعاظ وساردي التاريخ..فوق الباصات في المقاهي على ارصفة الشوارع تجد حديث السياسة وحيث تجد يمنياً بعد السلام والتحية يبدأ حواراً سياسياً حتى لو كان الحوار عن وكالة ناسا ووادي السيلكون وميكروسوفت وبيل جيتس أو روكفلر أو ال روتشيلد‮ ‬ستجد‮ ‬اليمني‮ ‬يحاور‮ ‬ويجادل‮ ‬ويحدثك‮ ‬عن‮ ‬كل‮ ‬شيء‮ ‬من‮ ‬تفاصيل‮ (‬سقيفة‮ ‬بني‮ ‬ساعدة‮) ‬إلى‮ ‬كواليس‮ ‬لقاء‮ ‬السويد‮ ‬أو‮ ‬جنيف‮ ‬وما‮ ‬قبلهما‮ ‬وما‮ ‬قد‮ ‬يحدث‮ ‬بعدهما‮..!‬
في‮ ‬هذه‮ ‬التفاصيل‮ ‬وهذا‮ ‬الاهتمام‮ ‬يتجاهل‮ ‬اليمني‮ ‬وجوده‮ ‬ومصيره‮ ‬المرتقب‮ ‬وما‮ ‬قد‮ ‬تؤول‮ ‬إليه‮ ‬الأحداث‮ ‬في‮ ‬وطنه‮..‬
نعم اليمني يتحدث عن كل شيء بما في ذلك مسار ومنعطفات نهر الأمازون وغاباتها..لكنه في نفس الوقت منقسم وموزع نفسه بين الحراك والإصلاح والمؤتمر والأنصار والشرعية والإنقاذ وبين حاشد وبكيل ومدحج والشمال والجنوب وصنعاء وعدن وبين السعودية والإمارات وقطر وإيران وروسيا‮ ‬وأمريكا،‮ ‬وبين‮ ‬كل‮ ‬هؤلاء‮ ‬يتجاهل‮ ‬اليمني‮ ‬مصير‮ ‬ومستقبل‮ ‬وطنه‮ ‬وهويته‮ ‬وجغرافيته؟‮ ‬وما‮ ‬قد‮ ‬تنتهي‮ ‬إليه‮ ‬أزمة‮ ‬اليمن‮ ‬؟‮ ‬وما‮ ‬هو‮ ‬مستقبل‮ ‬البلاد‮ ‬بعد‮ ‬كل‮ ‬هذا‮ ‬الذي‮ ‬يجري‮ ‬فيه‮ ‬سياسيا‮ ‬وجغرافيا؟
فهناك‮ ‬حراكي‮ ‬يريد‮ -‬كما‮ ‬يقول‮- ‬استعادة‮ ‬دولته‮ ‬مع‮ ‬أن‮ ‬اليمن‮ ‬شمالا‮ ‬وجنوبا‮ ‬لم‮ ‬تعرف‮ ‬معنى‮ ‬الدولة‮ ‬منذ‮ ‬ألف‮ ‬عام‮ ‬ونصف‮.. ‬
ومع ذلك يتحدثون عن استعادة دولة، فيما هنا من يتحدث عن استعادة السيادة والكرامة، وآخرون يتحدثون عن استعادة الثورة والجمهورية، وثمة أطراف تريد إعادة القبيلة لمكانتها ومن يريد دولة مدنية ومن يريد الثأر لضحايا كربلاء..، وفينا من يرغب بالثأر لضحايا 1994م، وفينا‮ ‬من‮ ‬يريد‮ ‬استعادة‮ ‬ثورة‮ ‬2011م‮ ‬وفينا‮ ‬من‮ ‬يريد‮ ‬تثبيت‮ ‬ثورة‮ ‬21‮ ‬سبتمبر‮ ‬2014م‮ ‬وفينا‮ ‬من‮ ‬يتحمس‮ ‬للاقاليم،‮ ‬وآخرين‮ ‬مع‮ ‬دولة‮ ‬مركزية‮ !!‬
ولو‮ ‬سمعنا‮ ‬رأي‮ ‬كل‮ ‬مواطن‮ ‬يمني‮ ‬على‮ ‬حدة‮ ‬لوجدنا‮ ‬أنفسنا‮ ‬أمام‮ ‬30‮ ‬مليون‮ ‬رأي‮ ‬و30‮ ‬مليون‮ ‬وجهة‮ ‬نظر‮ ‬وكل‮ ‬رأي‮ ‬يناقض‮ ‬الرأي‮ ‬الآخر‮ ‬وكل‮ ‬وجهة‮ ‬نظر‮ ‬تختلف‮ ‬عن‮ ‬الأخرى‮..!‬
مؤسف أن أحداً وفي هذا المعترك الجدلي لم يفكر بمستقبل اليمن وإلى أين تجرفنا الأحداث الجارية التي لم نعد نملك دفة إدارتها والتحكم بمساراتها بعد أن صارت دفة احداثنا بيد غيرنا الذين قد يجرفوننا كنتاج جهلنا وخصوماتنا الانتحارية إلى أن يصبح مصيرنا كمصير جمهورية يوغسلافيا‮ ‬بعد‮ ‬الرئيس‮ ‬جوزيف‮ ‬بروز‮ ‬تيتو‮.. ‬ولِمَ‮ ‬لا‮ ‬؟‮ ‬ومن‮ ‬سيمنع‮ ‬العالم‮ ‬الخارجي‮ ‬من‮ ‬القيام‮ ‬بهذا‮ ‬إن‮ ‬كنا‮ ‬نحن‮ ‬رافضين‮ ‬فكرة‮ ‬التعايش‮ ‬والتوافق‮ ‬والتفاهم‮ ‬فيما‮ ‬بيننا‮..‬؟‮!‬
مشكلة انه عارف بكل شيء ولكنه لا يعرف إلى أين تقوده أحداثه..نعم اليمني هو المواطن الوحيد الذي يرفع شعار »ما بدا بدينا عليه« حتى في تحولاته الكبرى صنعها دون أن يفكر برؤى تحصنها.. فالثورة وُلدت دون أن يكون هناك مشروع ثقافي واجتماعي لتجذير قيمها، والوحدة وُجدت‮ ‬بلا‮ ‬رؤية‮ ‬وطنية‮ ‬واضحة‮ ‬وحتى‮ ‬ما‮ ‬يطلق‮ ‬عليه‮ ‬ثورة‮ ‬الشباب‮ ‬الذين‮ ‬رفعوا‮ ‬شعار‮ ‬إسقاط‮ ‬النظام‮ ‬قالوا‮ ‬يسقط‮ ‬النظام‮ ‬وبعدها‮ ‬يحلها‮ ‬الله‮..!!‬
واليمني‮ ‬هو‮ ‬المواطن‮ ‬العربي‮ ‬الوحيد‮ ‬الذي‮ ‬يقاتل‮ ‬عن‮ ‬ولائه‮ ‬للحزبية‮ ‬والقبلية‮ ‬والاقليمية‮ ‬والدولية‮ ‬ولكنه‮ ‬لا‮ ‬يكترث‮ ‬بولائه‮ ‬للوطن‮ ‬إلا‮ ‬بدافع‮ ‬المجاملة‮ ‬والتغطية‮ ‬عن‮ ‬ولائه‮ ‬الخارجي‮..‬؟‮!‬
إذ عندنا رموز وواجهات اجتماعية وزعت ولاءها لدول الخليج ولشيوخها.. وفينا من يوالي تركيا وآخرون يوالون إيران وفينا أتباع لبريطانيا وروسيا وأمريكا وحتى لألمانيا والصين واليابان، والمصيبة أن كل هؤلاء. لا يسخرون هذه التبعيات لخدمة وطنهم بل لخدمة مصالحهم الخاصة،‮ ‬مستخدمين‮ ‬مكانتهم‮ ‬الوطنية‮ ‬لتحقيق‮ ‬مكاسب‮ ‬ذاتية‮..!!‬
لكل ما سلف أقول إن الشرق الأوسط الجديد كمشروع استعماري قد يرسو على خارطة اليمن بعد أن فشل في العراق هناك حيث الطائفية السياسية حلت بديلاً للطائفية الجغرافية، فيما نحن نسير فوق قطار الطائفية السياسية فعلاً ونسعى جاهدين لتكريس فكرة الطائفية الجغرافية دون وعي ولكن في سياق الفعل ورد الفعل، وهناك من يستغل هذه التوجهات والقناعات ليحقق على الجغرافية اليمنية ما فشل في تحقيقه على جغرافية المنطقة، فتداعيات حلف وارسو وأسطورة العالم الحر انتهت في تقسيم أضعف نقطة في منظومة وارسو يوغسلافيا حيث التناقضات التي لم تكن تختلف عن تناقضاتنا الوطنية سوى في طريقة تفكير الفعاليات الحزبية أو التركيبة الديموغرافية للمجتمع اليوغسلافي والذي يعد أقرب شبيه لنا في مكونات ثقافته المجتمعية الرافضة فيما بينها التعايش على خلفية ثقافة الاضطهاد السياسي والتي أثمرت لاحقا ما يشبه خيار شمشون وهذا ما‮ ‬يلوّح‮ ‬به‮ ‬بعضنا‮ ‬ضد‮ ‬بعضنا‮ ‬رغم‮ ‬كل‮ ‬الويلات‮ ‬التي‮ ‬نعيشها‮ ‬والتي‮ ‬يرى‮ ‬البعض‮ ‬أن‮ ‬الخلاص‮ ‬منها‮ ‬بتكريس‮ ‬الهوية‮ ‬الجزئية‮ ‬على‮ ‬حساب‮ ‬الهوية‮ ‬الوطنية‮ ‬الكلية‮..‬
فهل‮ ‬يستوعب‮ ‬اليمني‮ ‬الهاوية‮ ‬السحيقة‮ ‬التي‮ ‬يندفع‮ ‬نحوها‮ ‬بإيعاز‮ ‬من‮ ‬الآخر‮ ‬الأجنبي‮ ‬ونكاية‮ ‬بالآخر‮ ‬الوطني‮..‬؟‮!!‬
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 03:00 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-54855.htm