عبدالجبار سعد - ما أن تطأ خطوات اخواننا أعضاء الوفدين ارض مملكة السويد حتى يسودهم شعور عجيب انهم خرجوا من جحيم الدنيا الى فردوسها المفقود.
الممرات النظيفة، المباني النظيفة، السيارات النظيفة اللماعة، الشوارع النظيفة، المخلوقات النظيفة، بشرية وحيوانية، وكل شيء مرتب وجميل وهادئ ويشير اليهم بالترحاب غير المتكلف.
سيصلون الى غرفهم الفندقية الانيقة التي أثنى عليها حتى مارتن غريفيث.
سيذهبون لتناول وجباتهم الصحية اللذيذة التي يختارونها في الغالب حسب امزجتهم سينامون نومات هادئة سيصحون على عوالم تخرج الى اعمالها ومكاتبها ومصانعها ومدارسها وجامعاتها كأنها في لحظات النشور انيقة ومرتبه ومنسابة لا يلوي احد على شيء.
كل شيء يقول لك اي حياة هادئة وديعة وجميلة يعيشها هؤلاء البشر.. تُرى هل يمكننا أن نكون مثلهم ذات يوم ؟!.
ستأتي وزيرة خارجية السويد بجميل خلْقها وخُلُقها لترحب بهم وتقول لهم :
" نأمل ان تستمتعوابمقامكم في بلدنا ولئن كانت الأجواء باردة بعض الشيء فإن قلوبنا دافئة وتستوعبكم أجمعين".
**
سيحدثهم غريفيث عن المرجعيات وعن التقدم الحاصل وعن اطلاق الاسرى والموقوفين وسيطلب منهم ان يعملوا بجد لإنهاء معاناة الشعب.
فلئن حرَّكتهم هذه المظاهر سينسون توصيات سادتهم وكبرائهم ، سيتصافحون وسيتفقون، ويعودون الينا بوجوه غير التي ذهبوا بها وسنفرح بهم ونحملهم على الاعناق.
ولئن لم تؤثر فيهم كل هذه المظاهر، وظلوا يرددون كالببغاوات وصايا سادتهم وقادتهم وكبرائهم فسيعودون الينا بنفس الوجوه الكالحة رغم ملابسهم المتكلفة.
وسيصيبهم منا نحن الشعب الكثير من السخط وعدم الرضا وربما ماهو اعظم من ذلك.
فبأي الوجوه يا تُرى سيعود المتحاورون من مملكة السويد التي مساحتها اقل من مساحة اليمن قليلا(450 ألف كم مربع) وعدد سكانها نحو ثلث سكانها (عشرة ملايين).. الناتج القومي السنوي لها يزيد على 500 مليار دولار ومن اوائل الدول في العالم في التعلبم والصحة، ومن اعلاها في دخل الفرد والاختراعات وكل شيء جميل.
ولكن الاهم من ذلك كله فانها بلد السلام التي لم تشهد حرباً واحدة منذ بداية القرن العشرين1906م، ولقد أتت الحربان العالميتان على اوروبا فطحنتا عشرات الملايين ودمرتا بلدانها وبقيت السويد بعيدة عنهما.. بلد الحياد وعدم الانحياز..أليست هي والحال كذلك نعم الاسوة للمتحاربين في يمننا الجريح.؟
|