الميثاق نت -

الجمعة, 14-ديسمبر-2018
الشيخ / محمد عبد الرحمن محمد علي عثمان -
في ظل الصراع المحتدم الذي تعيشه بلادنا عامة وتعز خاصة، ولكون هذا الصراع بالأساس هو صراع سياسي من حيث دوافعه وأهدافه وغايته، فإننا نجد أنفسنا في هذه المحافظة بريفها وحضرها مطالبون بوقفة جادة ومسئولة، وقفة نقف فيها أمام الله، وأمام تعز ارضها وانسانها، وأمام أنفسنا بدرجة أساسية وأمام ضمائرنا، نستحضر ما حدث وما قد يحدث في هذه المحافظة من تداعيات دامية وتمزيق لنسيجها الاجتماعي والإقتصادي والسياسي، هذه المحافظة المسالمة التي لم تعرف يوما ثقافة التوحش ولم تعرف يوما ثقافة الحقد والكراهية وثقافة إلغاء الآخر.
وانطلاقا من مسئوليتنا الوطنية والدينية والأخلاقية ، وما تمليه علينا من واجبات مستحقة تجاه تعز، ووقف نزيفها على طريق وقف النزيف الوطني عموماً، بالعودة لمنطق العقل وحل الخلافات والتباينات بقبول الآخر أولاً، والبدء بصفحة جديدة تقوم على قاعدة المحبة والتعايش والإنتماء الوطني، بعيدا عن لغة السلاح وجنون القوة غير المنضبطة، وانطلاقا من هذه الثوابت، أدعو جميع أبناء المحافظة العودة مما هم عليه والبدء بالعمل المشترك؛ في سبيل إخراج تعز من ازمتها الكارثية، بتوحيد جهودهم والاتفاق فيما بينهم على إيجاد آلية عمل يقودها العقلاء والحكماء منهم، ممن يشهد لهم الحرص على سكينة هذه المحافظة بعيدا عن الحسابات الضيقة والمصالح السياسية والحزبية ، والمغانم الفردية الزائلة . وإذا كان كل طرف متمسك بوجهة نظره فيما يخص الحاضر والمستقبل فإن دورنا يجب ان يكون شاملا ومتجاوزا لكل المصالح الآنية والضيقة والاتجاهات الخاصة والأنانية وجامعا لحاجات اليمنيين ومطامحهم في السلام والوحدة والتآلف والوصول الى صيغة تلزم الجميع بمافيهم الاشقاء والأصدقاء لإعادة بناء ما تهدم من يمننا وصياغة طريق للخروج من الحاضر الأليم نحو مستقبل يرتضيه الجميع ويحقق مصالح الجميع ويؤلف بين الجميع ولا يستثني أحدا..
أن ما جرى ويجري وما قد يجري للمحافظة لم ولن يعد قابلاً للاحتمال مهما بلغت مكاسب أطرافه المتصارعة، المطالبون اليوم وليس غذاً بمراجعة حساباتهم ومواقفهم وتصرفاتهم اللامسؤولة، وأن يدركوا بوعي أن التاريخ لن يرحمهم إذا ما استمروا في غيهم ونهجهم التدميري الذي اثبتت السنوات الثلاث الماضية ، بما اقترفوا من جرائم بشعة بحق أنفسهم وبحق المحافظة بكل مكوناتها الإنسانية والطبيعية والأخلاقية. في الوقت ذاته فإننا ننوه إلى أن التاريخ لن يرحمنا إن بقينا أسرى صمتنا ومجرد متفرجين لما يجري، والشروع قولاً وعملاً .. كفى...كفى...كفى عبثاً.
لكل ما أسلفت، وانطلاقا من حبي لمحافظتي ووطني اليمن الموحد والمستقر والآمن، ومن أجل وقف النزيف الدامي والصراع العبثي في مدينة وريف تعز، ومن أجل توحيد قدرات وطاقات أبنائها وتسخيرهم في خدمة التنمية والإعمار، فإنني أدعو كل العقلاء الحكماء من أبنائها ،كما أناشد ضمائر المتصارعين العودة عما هم فيه وتحكيم عقولهم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ودرءاً للمخاطر المستقبلية؛ إن لم يستوعبوا حجم الكارثة التي يعيشونها اليوم، وحجم ما أحدثوه من تمزق في النسيج الاجتماعي للمحافظة وبناها الإقتصادية، بحيث صارت مجرد حلبة لكل أشكال الصراع والقتال السياسي العسكري ..صراعات لم يلتزم أطرافها بشرف الخصومة أوالعداوة، كما لم يلتزموا القواعد التي تحكم الصراعات والمنازعات عادة، مما جعلها تنحوا منحى خطيراً، لم تعرفه عبر تاريخها، وهذا يأتي خلافاً لما اتسمت به من وعي ومعرفة وثقافة وطنية وحضارية، ناهيكم عن تضحياتها، فلم تبخل يوما لا بالمال ولا بالدماء على هذا الوطن الذي كان ولازال هو عشقها الأزلي، عبر مراحله التاريخية المختلفة. وظل رجالها رجال تنمية وإعمار ولم يكن أياً منهم معول هدم أوتدمير، أو أداة بث للحقد والكراهية بل كانوا دوماً مشاعل تنوير وعطاء ومحبة، لذا آن أوان وقف ما يجري فيها بجدية ومسؤولية، لانتشالها من كبوتها العبثية المفجعة، والخطو بها لاستعادة سلامها واستقرارها وسكينتها المنتزعة، ولن يتأتى ذلك حتماً دون هبة شاملة من كل الشرفاء العقلاء من أبنائها والمخلصين ومن محبيها على امتداد الوطن؛ ليتدبروا معاً سبل وطرائق وآليات عمل فاعلة، لوضع حد لمهزلة النزيف اليومي الذي تعيشه ولملمة جراحها وبلسمتها، مادية كانت أو معنوية، وإعادة تطبيع الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية فيها، مهما كان الإختلاف في الأفكار والقناعات، كيف لا وهي منبع الأفكار وحاضنة كل الأطياف، وهذا ما دفعنا لتوجيه نداء المناشدة هذا؛ وكلنا أمل ورجاء، أن لايخيب ظننا.
والله ولي التوفيق،،،،
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 02:07 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-54881.htm