كتب / رئيس التحرير - عجّت قلعة جوهانسبرغ -وهي احدى المنتجعات السياحية التي تقع على بعد25 كم من مدينة ستوكهولم العاصمة السويدية- عجت بالحياة خلال فترة انعقاد المشاورات اليمنية التي انعقدت خلال الفترة "5 - 14 ديسمبر" ومثل انعقادها في هذا المكان -حسب سويديين - الحضور الاكبر الذي شهدته القلعة على المستويين السياسي والاعلامي، ودائماً ما تستضيف القلعة ملتقيات سياسية من هذا النوع..
فعلى الصعيد السياسي كان الى جانب الفريقين المتشاورين العديد من الشخصيات السياسية وسفراء الدول الخمس دائمة العضوية بالاضافة الى السويد والعديد من الفرق الاستشارية التي تعمل في اطار ادارة المبعوث الدولي كالشخصيات الاستشارية من الناشطين السياسيين اليمنيين وكذا المرأة اليمنية بالاضافة الى كادر كبير من كوادر الامم المتحدة والذي تعزز بصورة اكبر بحضور الامين العام للامم المتحدة في الجلسه الاخيرة.
أداء متميز
وفي ظل هذا الزخم سجل الوفد الوطني حضورا مشرفا على مستوى مختلف جوانب الحضور في اطار نشاط تفاوضي متقد حماسا وتفاعلا وتمكن بفضل الله ان يجسد قيم ومثل وقواعد ادارة التفاوض مشكلا الصورة الكاملة غير المنقوصة لأهداف مهمته الوطنية التي توجها بإعلانه الالتزام الكامل بمتطلبات شعبنا ومظلوميته وحرصه على وضع كل امكاناته من اجل خدمته والتخفيف من معاناته .
فكانت الحجة والدليل والبرهان سلاحه في عرضه لمختلف القضايا وبصورة تستند للمعلومة الصادقة والارقام والمؤشرات الامر الذي امكن له ان يشد تفاعل مختلف الفعاليات التي التقاها وجعلها على اطلاع كامل بكافة ابعاد المشهد اليمني الامر، ما جعل هذه الفعاليات تثني بقوة على مايبديه الوفد من تفاعل وحرص على تحقيق انجازات تنتصر للشعب اليمني خاصة وان جميع الموضوعات المطروحة على طاولة التشاور تمثل جميعها حقوقاً طبيعية للشعب كحقه في الراتب والسفر الآمن وتلقي العلاج ..الخ من القضايا الانسانية التي لا جدال فيها وهي قضايا دفعت بالوفد الوطني منذ الوهلة الاولى الى التأكيد على استعداده الكامل للتعامل مع ملف الاسرى من منطلق الكل مقابل الكل وهو اعلان قدم انطباعا ايجابيا وطيبا يهيئ لفتح آفاق واسعة امام مختلف المسارات لكافة الملفات المطروحة لاعادة بناء الثقة والكفيل بتسوية الارضية الصلبة للدخول في مفاوضات اكثر عمقا وخاصة على صعيد الاطار السياسي المعني بالانتقال إلى مرحلة انتقالية في اطار رؤية لشكل الدولة كمخرج من اتون الازمة..
ولعل موقف وفد الرياض من فتح مطار صنعاء واحد من الادلة الدامغة التي تكشف مدى الاستغلال الرخيص لأبسط حقوق المواطن اليمني في السفر..
جدال عقيم
قوبل هذا الزخم الرائع للوفد الوطني بجدال عقيم من الجانب الآخر في محاولة تهدف الى تضييع الوقت حيث سارع وفد الرياض الى المطالبة باقتصار العملية التشاورية على قوام اعضاء الوفد المحدد من قبل الامم المتحدة بـ12 عضواً لكل فريق..
طلب أثار حالة استغراب واندهاش المتابعين والمراقبين خاصة في ظل التزام الوفد الوطني بحضور جلسات التشاور بالقوام المحدد له دون اي زيادة او نقصان وهو موقف دفع الوفد للتأكيد الى انه لن يمانع مطلقا ان اراد الجانب الآخر اضافة محاورين الى قوامه، فالأهم هنا ليس كثرة العدد وانما النوايا الصادقة في مناقشة الموضوعات ..،كما اكد ان من حقه اضافة يضيف مايراه الى أي اجتماع داخلي يخصه.. موقف لاشك عرى وفد الرياض الأمر الذي قوبل باستياء من قبل المراقبين والسياسيين المتابعين لأعمال المشاورات..
فملف مطار صنعاء الذي كان للمبعوث الدولي ان ادلى بشأنه تصريحات قبل المشاورات بعدة اسابيع بأنه يعتزم الاعلان قريبا عن فتح المطار امام الملاحة الدولية والذي كان الرأي العام يتهيأ لفتحه كواحدة من انجازات المشاورات تعثر ذلك بصورة تعكس مدى استهتار الجانب الآخر بهذه القضية حيث حاول جعل الملاحة بالمطار داخلية تمر عبر مطار عدن مايعني انه استبدل هنا مطار بيشة بمطار عدن وجعل عدن ليست محطة ترانزيت فحسب وانما محطة امنية قد لايستبعد في حالة الفوضى التي تعيشها عدن والتي تتنازع السيطرة عليها ميليشيات مسلحة القيام بإجراءات تعسفية واستفزازية تجاه المسافرين القاصدين صنعاء او المغادرين منها خاصة من السياسيين أو الناشطين المعروفين بإعلان مواقفهم .. الخ من المنغصات كالحجز والاعتقال، وباعتبار هذه الممارسات قد تمت على الواقع في العديد من الممرات البرية وبجنحة اللقب او الانتماء الاجتماعي او الحزبي ،ودون ضمانات حقيقية تضمن كرامة المسافر..
كما كشف استبدال بيشة بعدن عن رغبة جامحة للعدوان في ممارسة المزيد من الانتهاكات بحق المسافر بحيث يتم هذه المرة ممارستها بأيادٍ يمنية لم يكن بالامس يستطيع ممارستها في بيشة..
وهذا ما جعل مراقبين يتساءلون عن الاسباب التي تجعل السعودية لاتثق بالأمن في مطاري القاهرة وعمان واكتفائها بالتفتيش للرحلات الجوية من خلالهما وما إذا كان ذلك يعبر عن حالة من عدم التحالف بين دول التحالف العدواني .
النشاط الإعلامي
لعب الوفد الوطني دورا اعلاميا فاعلا فكان الاكثر تفاعلا وانفتاحا مع الاعلام والاستغلال الامثل له حيث حرص اغلبية اعضاء الوفد على التواجد في المركز الاعلامي بصورة يومية والتحدث الى مختلف الوسائل الاعلامية حول مختلف الجوانب، فالعدد الكبير من الوسائل المشاركة من كثير من دول العالم مثل فرصة مهمة لايصال مظلومية شعبنا الى العالم بالاضافة الى قيام كل اعضاء الوفد وبصورة يومية بتوزيع السيديهات والفلاشات التي تم اعدادها مبكرا من سفر الوفد وتحمل في ذاكرتها كافة الصور الفوتوغرافية والحية لجرائم الحرب التي ارتكبها العدوان ومازال يرتكبها فكان لذلك تأثير بالغ باهتمام الكثير من المراسلين للوسائل الاعلامية وبصورة عكست مدى حاجتهم ورغبتهم للمعلومة التي يفتقدون لها جراء الحصار الاعلامي والهالة الاعلامية للعدوان.
حضور نسوي
يمثل الحضور النسوي للمرأة اليمنية في كل محطات المفاوضات- والتي يحرص المبعوثون على اشراكها في إدارة الحوار- جانباً ايجابياً خاصة وان المرأة تعاني الكثير من افرازات العدوان والحصار ومايخلفه ذلك من تأثيرات بالغة على الامومة والطفولة .. الخ من المشكلات العويصة..
ووجود المرأة في دور استشاري في إطار إدارة المبعوث والتفاوض يقوم على الحيادية ما زال دون المطلوب، وقد سنح للوفد الوطني اجراء لقاء مع كافة المستشارات وتبادل معهن الحديث عن اهمية دورهن ، بل وتعزيزه بما يجعل من مبدأ الحيادية يتبلور ليس على مستوى الاطار التفاوضي فحسب وانما على مستوى الرأي العام من خلال تشكيل قوة ضغط حقيقية تعبر عن شعبها وواقعها وان تقدم اطروحات اكثر استجابة لمتطلبات شعبها وتدفع كقوة ضاغطة طرفي الحوار الى المزيد من الانجاز والتعامل بشفافية بالغة في توضيح جوانب الايجاب في التفاوض وكذا جوانب السلب كتعبير حقيقي عن مبدأ الحياد..
وشهد اللقاء مناقشات مستفيضة طالت كل جوانب نشاط المرأة في المشاورات بل وحثّها على لعب دور اكبر في انقاذ وطنها باعتبار المرأة تمكنت من الانتصار في اكثر من بلد لشعبها وما زالت تمثل احدى الضمانات وأداة ضغط فاعلة كلما تجردت من الاصطفافات الضيقة والاهواء الحزبية والتجاذبات التي تحاول استغلالها لتحقيق أجندة خاصة..
|